أبو الحسن بني صدر.. رئيس إيران الليبرالي الذي أزعج المتشددين
رئيس ليبرالي كان الأول في تاريخ إيران لكن توجهاته اصطدمت براديكالية المتشددين فعزل من منصبه وانضم إلى معارضة المنفى.
رحل أبو الحسن بني صدر، صبيحة السبت عن سن تناهز 89 عاما، في أحد مستشفيات العاصمة الفرنسية باريس، مخلفا وراءه قصة حافلة لأول رئيس لإيران بعد 1979، تتقاطع عندها فترة حكم وجيزة بمسيرة طويلة بصفوف المعارضة بالمنفى.
وبرحيله، يترجل أحد أقطاب المعارضة الإيرانية بالخارج، ليغيّب الموت رجلا رفض توجهات المعسكر الراديكالي وأزعجه فعزل من منصبه وفر إلى فرنسا.
النشأة والمسيرة
ولد أبو الحسن بني صدر في 22 مارس/آذار 1933، بمحافظة همدان غربي إيران، وكان أحد الطلاب الذين ذهبوا إلى أوروبا لمواصلة دراسته بمساعدة إحسان ناراغي، مدير معهد الدراسات والأبحاث الاجتماعية التابع لملكة إيران فرح بهلوي في عهد رضا بهلوي.
درس بني صدر الاقتصاد في جامعة السوربون بفرنسا، وكان في الوقت نفسه أحد الطلاب قادة النضال ضد نظام بهلوي. وكانت له علاقات تنظيمية مع "الجبهة الوطنية" (حركة سياسية).
وخلال إقامة آية الله الخميني القصيرة في باريس، كان بني صدر يُعتبر أحد مستشاريه المقربين منه، وبعد عودة مؤسس الجمهورية بإيران في 3 فبراير/ شباط 1979، أصبح أحد المقربين منه.
كان عضوا في المجلس الثوري، وانضم إلى المعارضة بعد احتلال السفارة الأمريكية واحتجاز الدبلوماسيين الأمريكيين كرهائن في نوفمبر/ تشرين ثان 1979.
بعد استقالة مهدي بازركان من منصب رئيس وزراء الحكومة المؤقتة في إيران، أصبح أبو الحسن بني صدر مرشحًا لأول انتخابات رئاسية بعد ما سمي بـ"الثورة" عام 1979 وانتخب لهذا المنصب بنحو 11 مليون صوت.
وقد تنافس في تلك الانتخابات مع حسن حبيبي (مرشح حزب الجمهورية الإسلامية بقيادة محمد بهشتي)، وصادق طباطبائي، وأحمد مدني، وداريوش فروهر، وصادق قطب زاده، وكاظم سامي، ومحمد مقري، وحسن غفوري فرد وحسن آيات.
كان أول رئيس لإيران بعد أحداث 1979 التي انتصرت وأنهت الحكم الملكي، ووالده نصر الله بني صدر رجل دين بارز وصديق لآية الله الخميني.
عين أبو الحسن بني صدر رئيسا للمجلس الثوري بمرسوم من آية الله الخميني بعد شهر من فوزه في الانتخابات.
وبعد ذلك بوقت قصير، أصبح بمرسوم من مؤسس الجمهورية في إيران، القائد العام للقوات المسلحة، وعلى الرغم من الخلافات العديدة مع "الحزب الجمهوري الإسلامي" وقادته، بمن فيهم محمد بهشتي وأكبر هاشمي رفسنجاني، أصبح محمد علي رجائي رئيسًا للوزراء.
من الحكم للمعارضة
توترت العلاقات بين أبو الحسن بني صدر وبين رئيس الوزراء ومجلس الأمة (البرلمان) الذي أعيد تسميته بمجلس الشورى الإسلامي.
واشتبك بني صدر مع رئيس الوزراء بشأن انتخاب العديد من أعضاء مجلس الوزراء، ودخل الذي كان رئيس تحرير صحيفة "الثورة الإسلامية"، في حملة إعلامية مع معظم قادة رجال الدين في إيران.
وفي أعقاب الحرب العراقية الإيرانية التي اندلعت عام 1979، كتب أبو الحسن بني صدر رسالة إلى روح الله الخميني وصف فيها وزراء حكومة رئيس الوزراء بأنهم غير أكفاء، معتبرا أنهم يشكلون "تهديدا أكبر من غزو العراق للبلاد".
وتدريجيًا، نشأت المزيد من الانقسامات بينه وبين رجال الدين في النظام، وخاصة آية الله الخميني. واختبأ في النهاية لفترة رغم أنه كان رئيسًا في تلك الفترة.
وفي 21 يونيو/ حزيران 1981، صوت البرلمان بأغلبية الأصوات ضد عدم كفاية رئاسة أبو الحسن بني صدر، بعد قرار من الخميني بعزله من منصب القائد العام للقوات المسلحة.
وبعد ستة أسابيع من التصويت البرلماني، هرب أبو الحسن بني صدر مع مسعود رجوي رئيس منظمة مجاهدي خلق (المقاومة الإيرانية) من مطار مهر أباد في طهران، على متن طائرة يقودها بهزاد معزي، وهو طيار محمد رضا بهلوي عندما غادر إيران ولجأ إلى فرنسا.
وفي فرنسا، شكل أبو الحسن بني صدر المجلس الوطني للمقاومة مع مسعود رجوي وعدد من قوى المعارضة للجمهورية الإسلامية، وبعد فترة انفصل عن هذا المجلس بسبب خلافات سياسية.
وعاش في فرساي، إحدى ضواحي باريس، تحت حماية الحكومة الفرنسية، وأدلى أبو الحسن بني صدر بشهادته ضد النظام الإيراني في قضية اتُهم فيها باغتيال زعماء المعارضة الكردية.
وعلى الأراضي الفرنسية، نشر أبو الحسن بني صدر بانتظام مجلة "الثورة الإسلامية في الهجرة" الأسبوعية، كما ظل ينشر سلسلة من الكتب حول مختلف القضايا الإسلامية، قبل الإعلان عن رحيله
aXA6IDE4LjE4OC42My43MSA= جزيرة ام اند امز