فوز "رئيسي" برئاسة إيران ينقذ خامنئي.. ونجاد "صدمة"
أزمات سياسية واقتصادية محلية ودولية تعاني منها إيران ربما ترسم مسار الانتخابات الإيرانية.. ماذا سيحدث؟
ما المعضلة السياسية التي ينوي النظام الإيراني حلها أثناء الانتخابات الرئاسية المقررة في 19 مايو/آيار المقبل؟ سؤال يطرحه الناشط الإيراني في مجال حقوق الإنسان، حشمت علوي، في مقاله الذي يسلط الضوء على الأزمات الإيرانية الحالية.
في عام 2005، فكر المرشد الأعلى الإيراني، عليّ خامنئي – الذي له القول الفصل في جميع مسائل البلاد – في توسيع تدخله في العراق والمنطقة، بالتوازي مع الطموحات واسعة النطاق لامتلاك الأسلحة النووية، فكانت النتيجة اختيار الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد رئيساً للبلاد.
- دبلوماسي أمريكي: الحرس الثوري الإيراني تهديد إرهابي "نووي"
- إيران تنقل 21 ألف جندي بطائرات "مدنية" إلى سوريا
يقول علوي في مقاله المنشور على موقع "أمريكان ثينكر"، إنه في عام 2013، احتاجت طهران للرد على مسألة المفاوضات النووية، مشيراً إلى أن إيران في حاجة إلى حل لغز كبير، فالنظام بأكمله بما في ذلك جميع فصائله يسعى للدفاع عن وجوده في مواجهة الهجوم العدائي المتزايد.
ويبين أنه يمكن وصف هذه الظاهرة بأنها مجموعة كاملة من المصائب المتشابكة، وتُعرف بأنها اضطرابات سياسية كبرى ناجمة عن إجراءات النظام نفسه، وهذا يعني أن العلاقات بين مختلف التيارات والأنظمة التي تضم نظام الملالي تعاني من شقوق متعددة تهدد وجودهم بأكمله.
وأكد أن القوى الحاكمة منقسمة الآن وتضع المكونات المنفصلة أسلاكاً متقاطعة على بعضها البعض، ويعملون على تعطيل منافسيهم أو إضعافهم، بما يتجاوز كثيراً الفصائل الموالية لخامنئي والرئيس الإيراني حسن روحاني.
يشير علوي إلى تزايد الانقسامات والتفكك بين الموالين لخامنئي، موضحاً أنه يمكن رؤية ديناميكية مزعزعة للاستقرار في الصراع لتحديد من سيخلف خامنئي المعروف أنه مريض بالسرطان.
الأهم هو أن المجتمع المعرض للانفجار في أي لحظة على استعداد للانفجار في صورة انتفاضة يستحيل السيطرة عليها، فقد شهدت إيران خلال الأشهر الاثني عشر الأخيرة أكبر زيادة في الاحتجاجات منذ 2010.
كما تضاعف الصراع الذي يضع الأقلية المضطهدة في إيران، بما في ذلك البلوش والعرب والأكراد وآخرون، في مواجهة المؤسسة الحاكمة، وهناك أيضاً التدخل الإيراني العميق في 3 حروب في المنطقة، بما في ذلك سوريا والعراق واليمن دون أن تلوح في الأفق أية نهاية لأي منها.
وقال إن هناك أيضاً الهزيمة الكبرى للنظام في مؤامرته ضد منظمة مجاهدي الشعب الإيرانية المعارضة، فانتقل أعضاء المنظمة بصورة جماعية وكمنظمة من العراق إلى الأمان في أوروبا، مما شكل ضربة قوية لخطط طهران في إبادتهم.
وأضاف أن الاتفاق النووي الإيراني قلل بدرجة كبيرة من قدرة إيران على تحقيق طموحاتها بامتلاك الأسلحة النووية في الوقت الحالي على الأقل، وبالنسبة لنظام الملالي فهذه هزيمة أكثر كارثية بكثير من الحرب الإيرانية العراقية.
وأوضح أن الاتفاق النووي الإيراني - المعروف بخطة العمل الشاملة المشتركة - أصبح فشلاً سياسياً، فالعقوبات الدولية سارية المفعول بطرق مختلفة وربما يتم توسيعها، وكان من الممكن أن تصبح خطة العمل فعالة في ظل "عقيدة أوباما" فقط، وشاهدت طهران هذه الفرصة وهي تُغلق بإحكام.
يرى علوي أن إدارة الرئيس الإيراني حسن روحاني فاشلة سياسياً واقتصادياً، كما أنه فقد نصيريه الأساسيين وهما الرئيس الإيراني الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني ورجل الدين المؤثر عباس فايزي طباسي.
ويقول: "كانت هذه الهزيمة جوهرية، ففي الواقع، وصل الذين يُطلق عليهم المعتدلون إلى طريق مسدود بعد أن لعبوا باستمرار دوراً هاماً في الحفاظ على النظام في السلطة. أما من الناحية الاقتصادية، فإن عملية حشد الاستثمارات في إيران في ظل نظام الملالي تعاني معاناة شديدة، كما يضيع جزء ضخم من أموال إيران في سوريا والعراق واليمن". وأضاف أن بنية نظام الملالي تمثل عقبة كبرى في هذا الشأن مع عدم وجود أي حل في الأفق، ويشكل الركود العميق وفشل النظام المصرفي وإفلاس الحكومة والاضطراب المالي نتائج متعددة لهذه الأزمة.
ولفت إلى أن البيئة المهملة إهمالاً كبيراً في إيران تصل إلى مرحلة حرجة، "وهذا أمر بالغ الأهمية وخاصة معضلة نقص المياه الناشئة المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالتوترات السياسية والاجتماعية، بينما تعاني نسبة كبيرة من السكان بسبب الجوع، مع وجود 10 ملايين عاطل على الأقل و20 مليوناً يعيشون في أطراف المدن".
يجيب علوي في مقاله على سؤال آخر ألا وهو: "كيف يرتبط كل هذا بالانتخابات الرئاسية الإيرانية؟ فيوضح أن انتهاء فترة حكم الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما والتقارب المصاحب ترك النظام في إيران أضعف مما كان، مما أدى إلى ظهور قائمة من النتائج الخطيرة على طهران".
وقال إن إيران ترى وجود حاجة ماسة إلى دمج جميع الانقسامات الموجودة بين صفوفها العليا أولاً، بالتوازي مع إعادة هيكلة مؤسستها السياسية، "ومن منظور خامنئي لهذا السبب تم إدخال الداعية إبراهيم رئيسي المقرب من خامنئي إلى هذا التخطيط، ومع ذلك، يمكن تعريف تقديم رئيسي بعدم امتلاك المؤسسة حلاً واضحاً للأزمات المذكورة أعلاه".
يقول علوي، إن استمرار روحاني لفترة رئاسية ثانية سوف يعني استمرار الوضع الراهن الفاشل، بينما سيؤجج رئيسي لهباً خطيراً، فلا يقدم الاثنان حلين مختلفين، فهما في الواقع مجرد حارسين لأبواب مختلفة تؤدي إلى بؤرة النظام وهو المرشد علي خامنئي.
لقد سجل الاثنان بمثابة مرشحين في الانتخابات الرئاسية بعد مباركة خامنئي، ويظل السؤال المشروع هو من منهما سيحظى بتفضيل المرشد الأعلى؟ فلا تمتلك أي سلطة حاكمة الكثير من التسامح مع الشركاء أو المنافسين، بل أن النظام الإيراني لا يمتلك أي تسامح على الإطلاق.
وأوضح علوي أنه إذا أخذنا بعين الاعتبار المجتمع الإيراني المعرض للانفجار في أي لحظة وكراهية الشعب لهذا النظام، سندرك أن خامنئي مجبر على أن يلتزم بالحذر لمنع إثارة انتفاضة جديدة.
وقال إنه لتحقيق هذه الغاية، سيكون أفضل السيناريوهات هو أن يصبح رئيسي رئيساً لإيران، أما الخطوة التي تسبق أسوأ السيناريوهات فهي استمرار روحاني لولاية ثانية. ومع ذلك وصف أقواله بأنها مجرد تخمينات خاصة بعد الدخول الصادم للرئيس السابق أحمدي نجاد للمشاركة في الانتخابات الرئاسية، كما سيؤثر وضع النظام محلياً ودولياً على النتائج أيضاً.
ويضيف علوي أن روحاني ورئيسي مجرد فصيلين مختلفين للنظام يتشاجران حول حصتهما في السلطة ونهب ثروة البلاد. ويشير علوي إلى أن النزاعات الموجودة في البلاد تعكس التوترات العالية المخاطر الموجودة بين النظام الحاكم والشعب، "ولا ينبغي أن يُنظر إلى هذه المآزق من منظور اقتصادي فقط؛ لأنها تشكل تهديدات سياسية كبيرة للنظام برمته".
aXA6IDE4LjE4OC4xMTkuNjcg جزيرة ام اند امز