مسعود أم سعيد.. من يفوز برئاسة إيران؟
بفوز مسعود بزشكيان وسعيد جليلي بالجولة الأولى لانتخابات الرئاسة في إيران، تتجه الأنظار إلى الدور الثاني لمعرفة خليفة إبراهيم رئيسي.
ومع أن الجولة الأولى للاقتراع كشفت تراجع التأييد لكلّ من المعسكرين، الإصلاحي والمحافظ، فإنّ ذلك لم يمنع ميل بعض الناخبين نحو التغيير عبر دعم المرشّح الإصلاحي الوحيد.
وتُحسم الانتخابات في الجولة الثانية المقررة يوم الجمعة المقبل، لاختيار رئيس إيران المقبل من بين مسعود وسعيد.
رئيس معتدل؟
يرى الدكتور فتحي المراغي، أستاذ الدراسات الإيرانية، عضو هيئة التوجيه بكلية الدفاع الوطني بدولة الإمارات، أن انتخابات الرئاسة الإيرانية تتأثر دائما بوضع سياسات طهران الخارجية أكثر من الوضع الداخلي.
ويقول المراغي، في حديث لـ«العين فارسي»، إن النظام يترقب، بناء على ما تقدم، اتجاهات المعركة الرئاسية الأمريكية التي من المرجح أن تشهد عودة الجمهوريين.
ويضيف أن «إيران تتوقع عودة سياسة الضغوط القصوى عليها، وبالتالي فإن الانتخابات الرئاسية المبكرة بسبب حادث تحطم مروحية الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي تأتي وسط متغيرات سياسية عديدة».
وأشار المراغي إلى أن «التيار الإصلاحي الإيراني يمكن تسميته بالتيار المعتدل فقط؛ فيما يمكن القول إن هناك مؤشرات على هندسة الانتخابات الرئاسية الحالية من قبل مجلس صيانة الدستور الخاضع لسيطرة المرشد علي خامنئي الذي يدعم ضمنيا وصول رئيس معتدل».
وهذا الدعم الضمني ظهر بين السطور خلال تصريح لخامنئي مؤخرا قال فيه إنه يتعين على الحكومة المقبلة عدم تعيين مسؤولين منفتحين على الولايات المتحدة الأمريكية، وقد يكون ظاهره استبعاد المعتدلين لكن في باطنه نية من جانب المرشد لوجود رئيس معتدل بالمرحلة المقبلة، وفقا للمراغي.
وبحسب الخبير المتخصص في الشؤون الإيرانية، فإن ظهور شخصيات معتدلة داعمة لبزشكيان مثل حسن روحاني، ومحمد خاتمي، ومهدي كروبي، ومحمد جواد ظريف، يعتبر مؤشرا على عدم ممانعة النظام الإيراني في وصول رئيس معتدل، لأنه كان من الممكن تقييد ظهور تلك الشخصيات.
ولفت المراغي إلى أن ظهور التيار الأصولي منقسما خلال الانتخابات الحالية بسبب عدم التوحد خلف مرشح واحد قبل خوض المعركة الانتخابية يعتبر مؤشرا على دعم المرشد لسخونة الاقتراع، وبالتالي معالجة انخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات السابقة، فضلا عن التخفيف من حدة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.
واعتبر الخبير أنه «لا يمكن الجزم بتلاعب النظام بالانتخابات بعد ممارسة الرقابة من جانب مجلس صيانة الدستور لأنه ترك قدرا كبيرا من الحرية في عملية الانتخابات.
ومستدركا: «لكنه يضغط من خلال تفعيل عناصر فوز تيار على آخر مثلما تم السماح بظهور رموز التيار الإصلاحي إعلاميا، وهو ما قد يكون إشارة غير مباشرة لوصول بزشكيان للرئاسة.
هل يتغير المزاج؟
من جانبه، اعتبر الخبير في الشؤون الإيرانية الدكتور أحمد لاشين أن فكرة تغير المزاج الانتخابي على ضوء نتائج الجولة الأولى من الاقتراع التي انتهت بحصول المرشح بزشكيان على حوالي 10 ملايين صوت، ليست فكرة واقعية بشكل كبير.
ويقول لاشين، لـ«العين فارس»، إن الإصلاحيين لا يسيطرون على المشهد السياسي داخل إيران، لافتا إلى أن منافسة الإصلاحي بزشكيان وحصوله على دعم ملحوظ من شخصيات معتدلة أمثال الرئيس الأسبق محمد خاتمي في هذه الانتخابات، بمثابة فخ من النظام».
واعتبر أن ذلك يهدف لـ«ضمان نسبة مشاركة شعبية منضبطة من الناخبين، فضلا عن استخدام هذا المشهد كدعاية سياسية داخلية وخارجية».
واستبعد الخبير وصول مسعود بزشكيان إلى كرسي الرئاسة بسبب حصول سعيد جليلي على دعم كامل من الحرس الثوري إلى جانب سيطرة التيار الأصولي على الكتلة التصويتية الأكبر.
وبالنسبة له، فإن «التيار الإصلاحي داخل إيران أقرب إلى المجاميع بدون وجود كتلة سياسية قائدة»، مشيرا إلى أن ترشح بزشكيان قوبل برفض من شباب الإصلاحيين لكن في النهاية أعطى وجوده ضمانة لوصول نسبة المشاركة نحو 40%، والتي كان من الممكن ألا تزيد على 25%.
وخلص إلى أن الانتخابات الحالية ستنتهي في جولتها الثانية بوصول الأصولي سعيد جليلي لكرسي الرئاسة في ظل سيطرة التيار الأصولي على البرلمان ومجلس خبراء القيادة.
ووفق لاشين، فإن المجتمع الدولي يشهد حالة تشدد بالإضافة إلى أن التيار الأصولي يحكم المشهد السياسي في إيران وبالتالي من الصعب وصول إصلاحي ينادي بأفكار مثل الرأسمالية الاقتصادية ورفض الحجاب الإجباري وسط هذا المناخ المتشدد.
أما بخصوص نسبة الأصوات التي حصل عليها بزشكيان خلال الجولة الأولى، فاعتبر الخبير أنها «قليلة» داخل البلاد، لافتا إلى أن النسبة الأعلى من الإصلاحيين لم يدلوا بأصواتهم بعدما بلغت نسبة التصويت في العاصمة طهران 20٪ فقط.
«رائجة رغم الفشل»
في قراءته، يعود الدكتور أحمد لاشين للقول إن «سعيد جليلي يعتمد على اقتصاد المقاومة، وهذه الفكرة رغم فشلها لكنها تبقى رائجة شعبيا داخل المجتمع الإيراني».
وأشار إلى أن «جليلي الأقرب للحصول في جولة الإعادة على الكتلة التصويتية التي حازها محمد باقر قاليباف في الجولة الأولى والتي تقدر بـ 13٪، أي حوالي مليون و300 ألف صوت.
من جهته، يرى أحمد فاروق، الباحث في الشؤون الإيرانية، أن الملاحظ في الجولة الأولى أن هناك انخفاضا ملموسا في أصوات «جبهة الثورة» بنسبة ٤٠٪ بالمقارنة بانتخابات ٢٠٢١ الرئاسية، والتي انتهت بفوز إبراهيم رئيسي بالمنصب.
ويقول فاروق لـ«العين فارسي»: «بلغت مجتمعة أصوات رئيسي وقاضي زاده ومحسن رضائي في ٢٠٢١، ٢٣ مليون صوت بينما بلغت مجتمعة أصوات جليلي وقاليباف في الانتخابات الحالية ١٢ مليون صوت».
في المقابل، يتابع «زادت أصوات الإصلاحيين في هذه الدورة بالمقارنة بالدورة الانتخابية الرئاسية السابقة ٢٠٢١ بمقدار ٤ أضعاف».
ورغم محاولات التيار الإصلاحي وعلى رأسهم محمد خاتمي وقادة التيار المعتدل وعلى رأسهم حسن روحاني، حشد أنصارهم لدعم بزشكيان، لكن فاروق يعتبر أن الاستجابة كانت ضعيفة من قبل القواعد والأنصار.
وأشار الباحث إلى أن الانتخابات الحالية قد تكرر سيناريو عام 2005، حين تصدر هاشمي رفسنجاني الاقتراع وتلاه أحمدي نجاد الذي فاز فيما بعد بالرئاسة، على الرغم من أن ظروف 2005 ليست هي نفس ظروف 2024.
ولفت فاروق إلى أن قاليباف دعا أنصاره للتصويت ودعم جليلي، مضيفا: «هنا سيكون الفيصل أصوات المترددين في التصويت ومدى قدرة بزشكيان وجليلي في جذبهم من خلال الحشد والحشد المضاد في ظل التاريخ السياسي لكل من الشخصين والتيارين التابعين لهما».
aXA6IDMuMTQ0LjQ2LjkwIA== جزيرة ام اند امز