الحرس الثوري الإيراني.. الأزمات تضرب من الداخل
اندلاع المظاهرات والاحتجاجات والاتهامات بالسرقة والخلافات السياسية توقع الحرس الثوري الإيراني في مأزق
يواجه الحرس الثوري الإيراني في الآونة الأخيرة عددا من الأزمات على الصعيد الداخلي، بشكل وضعه في مرمى الانتقادات، حتى بدأ البعض يتحدث عن بداية الانهيار.
- إيران تدعم الإرهاب بـ300 مليون دولار رغم الفقر والبطالة
- إيران.. مافيا الحرس الثوري الاقتصادية سبب رفض الاتفاق النووي
قائمة الأزمات التي تواجه الحرس الثوري تشمل ظهور انقسامات حادة داخل نظام الحكم، واندلاع المظاهرات والاحتجاجات في شوارع إيران، واتهامه بسرقة أموال الشعب من خلال مؤسساته، بالإضافة إلى الصراع بينه وبين حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني، بالإضافة إلى المشاكل المتفجرة بينه وبين أفراد التيار المتشدد التابع له، ويضاف إلى كل ذلك المشاكل التي يواجهها على الصعيد الخارجي، والتي تشمل تهديدات بوضعه على قائمة الإرهاب، والاتهامات الموجهة إليه بالتدخل في شؤون دول المنطقة والعمل على زعزعة استقرارها.
على الصعيد الاقتصادي، توالت مظاهرات واحتجاجات الإيرانيين داخل إيران ضد الحرس الثوري الذي اتهموه بنهب أموال الشعب؛ فمنذ يوم الجمعة 13 أكتوبر/ تشرين الأول، نظم عدد من أهالي طهران مظاهرات يهتفون فيها وهم يرتدون أكفانا: "لا حكم لنا ولا حاكم، والمحاكم هي السارقة"، "اختلاسات الحكومة تهين الشعب"، و"سبب فقر الشعب هذه الحكومة التي لا تخجل".
ويوم السبت 14 أكتوبر/ تشرين الأول، اعتصم المتظاهرون الإيرانيون أمام السلطة القضائية في شارع كشاورز بالعاصمة طهران، وقضوا ليلتهم في الشارع.
وفي يوم الأربعاء 18 أكتوبر/ تشرين الأول، نظم الآلاف من أهالي الأحواز بإيران مظاهرات اعتراضًا على نهب أموال أهالي الأحواز، من قبل المؤسسات المالية التابعة لمليشيا الحرس الثوري الإيراني وغيرها من الأجهزة القمعية، مثل وحدة آرمان التعاونية.
كما نظم إيرانيون -نهبت مؤسسة "أفضل توس" الحكومية الإيرانية أموالهم- تجمعا احتجاجيا أمام مكتب الأمم المتحدة في العاصمة طهران، بينما نظم عدد آخر من المواطنين المنهوبة أموالهم من قبل هذه المؤسسة في مدينة مشهد، تجمعا آخر، غير أنهم تعرضوا لمداهمة وحشية شنتها عناصر الأمن الداخلي واشتبكوا معها.
وبالتزامن مع هذه الاحتجاجات، نظم عدد من أهالي طهران مظاهرات رفعوا خلالها لافتات كتبوا عليها: "سأقاتل حتى الموت من أجل استعادة نقودي"، و"من سرق نقودنا.. الأيادي الخفية"، و"هل هذا بنك مركزي أم مركز للسرقة؟".
واستمرت هذه الاحتجاجات حتى يوم الخميس 19 أكتوبر/ تشرين الأول، مما دفع قوى الأمن الداخلي الإيراني وحرس مكافحة الشغب إلى إغلاق الطرق الرئيسية والميادين، لمنع انتشار هذه الاحتجاجات الغاضبة.
ويقول مراقبون إن "ثروات الشعب الإيراني تستنزف تمامًا في خدمة تحكيم السلطة المشؤومة للنظام الفاشي الديني، وإثارة الحروب وتصدير الإرهاب، ويتم نهبها من قبل قادة النظام، وأن الاقتصاد الإيراني، أساسا، بيد مليشيا الحرس الثوري".
وفي وقت سابق هاجم الرئيس الإصلاحي، حسن روحاني، الحرس الثوري الإيراني لسيطرته على الاقتصاد المحلي الإيراني، قائلاً: " إن الحكومة سلمت اقتصاد البلاد إلى مجموعة تمتلك السلاح والإعلام وأمورا أخرى، ولا أحد يجرؤ على منافستهم"، مضيفًا أن هذا الأمر لن يفيد في نمو الاقتصاد الإيراني.
وعليه أصدر روحاني أوامر باعتقال مئات المسؤولين داخل شركة "خاتم الأنبياء للأعمال"، المملوكة للحرس الثوري الإيراني، والمسيطرة على قطاعات مختلفة في الاقتصاد الإيراني، وخفض ميزانية الحرس الثوري الإيراني بشكل كبير لوقف عملية الاحتكار التي يقوم بها، واعتقال عدد من الضباط من داخل الحرس بتهم الفساد أيضًا.
وعلى الصعيد السياسي، تأزم الأمر بين الحرس الثوري الإيراني وبين أفراد التيار الإصلاحي، وعلى رأسهم الرئيس الإيراني حسن روحاني، الذي هاجم الإجراءات التي اتخذتها السلطة القضائية الإيرانية ضد الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي، حيث مدت فترة منعه من الظهور إعلاميًا، وفرضت عليه الإقامة الجبرية فيما تحاصر قوات الأمن منزله، فضلا عن فرض الإقامة الجبرية على زعماء "الحركة الخضراء" دون محاكمتهم منذ عام 2009 بعد الاحتجاجات التي قادوها عقب تزوير نتائج الانتخابات، التي فاز فيها أحمدي نجاد بالرئاسة، وفقا لهوى وتعليمات مرشد إيران علي خامنئي..
انتقد حسن روحاني السلطة القضائية الإيرانية، واصفًا إياها بأنها تعاني من البطالة وليس لديها عمل، فراحت تفرض أحكاما على أشخاص دون محاكمتهم، وقال إنها أيضًا تصدر أحكامًا ضد أفراد بعينهم لتصفية حسابات بعينها، على حساب تيارات معينة، في إشارة إلى اجراءات القمع والتكميم التي يمارسها التيار المتشدد الذي يقوده خامنئي ضد ما يعرف بالتيار الإصلاحي الذي يقوده روحاني.
لكن الخلافات والأزمات التي تلاحق الحرس الثوري الإيراني لم تقتصر هذه الأيام على أنصار التيارات المعادية، وإنما امتد الأمر إلى داخل التيار المتشدد نفسه الذي ينتمي إليه الحرس الثوري، ويعد يده الباطشة، فظهرت الخلافات بين الحرس الثوري وأعلام من التيار المتشدد مثل الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد ومساعده حميد بقائي، والذي صُدرت أوامر ببدء محاكمتهم بتهمة الفساد الاقتصادي واختلاس أموال الحكومة، مما دفع نجاد ومساعده إلى مهاجمة السلطة القضائية الإيرانية واتهامها بنشر الأكاذيب وتشويه أذهان العامة، مكذبين الاتهامات الموجهة إليهم.
البعض يرى أن تلاحق هذه الأحداث وتزامنها يشير إلى تصدع مكانة الحرس الثوري داخل إيران، وينذر ببدء مسيرة السقوط لنظام الملالي الذي يتخذ من الحرس الثوري درعا يحميه من غضب الشعب الإيراني الذي ذاق المرار مع نظام يسلب الأقوات ويزور الحقائق ويعادي الجميع.
aXA6IDE4LjIyMy4xOTUuMTI3IA== جزيرة ام اند امز