باريس تسعى لعودة الأطراف إلى طاولة المفاوضات، في أول إشارة مبطنة منها إلى إمكانية تعديل الاتفاق النووي.
لم تتوقف طهران عن التهديد برد واسع مما أسمته بقوى المقاومة في المنطقة، حال تعرضها لأي هجوم أمريكي الذي يشي بأن سعي إيران لرفع حالة توتر التصريحات والحرب الإعلامية حول مياه الخليج ومضيق أعالي البحار (هرمز) إنما هو جزء من تكتيك صفوي قديم، ليس لدى إيران سواه تستعلمه لخفض التوتر الداخلي واستعراض العضلات خارجياً.
لا يفهم المحللون سلوك الجانب القطري فيما يتعلق بقضايا المنطقة، فقطر تستضيف القاعدة الأمريكية في عقر دارها، ولكنها في الوقت نفسه تقف مع إيران ضد الأمريكان، فيما يتعلق بحرب المضائق والاتفاق النووي، فهل الخداع الصفوي أصبح قطرياً أم أن الخداع القطري صار صفوياً؟
رائحة الحرب على وقع التحركات العسكرية لا تزكم أنوف الإيرانيين فحسب، بل تدفع بشركاء الاتفاق النووي التقليديين، خمسة ناقص واحد، وهي بريطانيا هنا، للجري في محاولة لملمة صبيانية نظام الملالي الذي قد بدأ فعلاً بخفض التزامه من الاتفاق، مما حدا بفرنسا دعوة إيران لخفض التوترات مع الولايات المتحدة، بدل خفض التزاماتها الدولية الأخرى.
تسعى باريس، حسب تصريحات صادرة عن الإليزيه، إلى عودة الأطراف إلى طاولة المفاوضات، في أول إشارة مبطنة منها إلى إمكانية تعديل الاتفاق النووي، حسب الشروط الأمريكية، ويبدو أن الخرق في سفينة إيران قد توسع وراحت تغرق جراء العقوبات الدبلوماسية والاقتصادية، الذي بلغ حذف الأصفار من العملة الإيرانية واستبدال الريال الحالي بـ«التومان»، ما حدا بفرنسا أن توبخ النظام الإيراني وتحاول ثنيه عن «الصبيانية» التي باتت تحكم سلوكه في المضيق.
التكتيك الإيراني القديم منذ أدخل الصفويون الاستعمار البرتغالي للخليج العربي، ومهدوا معهم لغزو مكة والمدينة، لم يتغير، فكان الحديث عن إرهاب إيران وأذرعها في الدول العربية، ثم أصبح الحديث عن الاتفاق النووي، واليوم، أدى الخداع الصفوي إلى تحويل العالم للحديث عن المضائق، ومطاردة السفن التجارية واحتجازها، بل تشكيل تحالف مضاد يواجه التحالف الأمريكي لحماية الملاحة في المضائق، ويتبجح الحرس الثوري بالقول: «إن القوات المسلحة الإيرانية هي الضامن لأمن الخليج».
ما يثير التساؤل حقاً، تصريحات صادرة عن الرئيس الإيراني حسن روحاني تتحدث عن انتصارات وهمية لإيران في الحروب، في رده على تغريدة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي أكد فيها «أن الإيرانيين لم ينتصروا أبداً في حرب» بينما الرئيس الإيراني، وحسب وكالات عالمية، متهم أمام علي خامنئي بالتجسس، وتسريب معلومات عن الاتفاقيات الإيرانية السرية! فهل هذه حقيقة أم مجرد خداع آخر؟
الخداع الصفوي لم ينطل على الجانب الإماراتي الذي يلاحظ بدقة كل حركة في مياه الخليج، ويرقب بأجهزته المتطورة، وضمن مياهه الإقليمية، حركة السفن والصيادين والتحركات المريبة بجميع أشكالها؛ وحرصاً منه على أعمال الصيادين، أبدى استعداده لحضور الاجتماع المنتظم مع المعنيين في إيران، الأسبوع الماضي، الذي يعقد مرة كل ستة أشهر، لترسيخ الأمن الحدودي، وتوفير التسهيلات للعبور الشرعي بين الحدود وللصيادين في الخليج العربي، والتصدي لكل من يحاول انتهاك الأمن والهدوء في المضيق وتسهيل حركة المرور.
وكعادة الدوحة الخائنة، التي تحاول تصوير إيران بأنها الصديقة الحليفة الشريفة، وتصوير دول التحالف العربي بأنها العدوة القديمة، راح زبانية «الجزيرة» ومرتزقتها يخلطون الأوراق ويظهرون القوة الإيرانية وقوة الحرس الثوري لمواجهة أي تحالف لحماية المياه الدولية والسفن التجارية، بل راحوا يتحدثون عن عودة العلاقات السياسية الإماراتية الإيرانية، إثر ذلك الاجتماع العادي، ويشككون في العلاقات الإماراتية السعودية، ولكن سطراً واحداً من رئيس الدبلوماسية الإماراتية سمو الشيخ عبدالله بن زايد على «تويتر»، الذي قال فيه: «الإمارات تحب السعودية» جعلهم جميعاً يتقهقرون ويعودون إلى مغارتهم المظلمة.
لا يفهم المحللون سلوك الجانب القطري فيما يتعلق بقضايا المنطقة، فقطر تستضيف القاعدة الأمريكية في عقر دارها، ولكنها في الوقت نفسه تقف مع إيران ضد الأمريكان فيما يتعلق بحرب المضائق والاتفاق النووي، فهل الخداع الصفوي أصبح قطرياً أم أن الخداع القطري صار صفوياً؟
نقلاً عن "البيان"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة