ووزير الخارجية الإيراني يصرح بأنه يجب الحفاظ على جميع الأراضي السورية، لا شيء يوحي بأن هذه المدن سورية.
«يجب الحفاظ على جميع الأراضي السورية، ويجب أن تبدأ جميع الطوائف والمجموعات جولة إعادة البناء بشكل جماعي، ويجب أن يعود النازحون إلى عائلاتهم، ويجب كذلك تطهير الأجزاء المتبقية في إدلب من الإرهابيين الباقين، ويجب أن تعود المنطقة تحت سيطرة الشعب السوري».
إيران وروسيا وتركيا تجتمع في طهران لتقرير مصير مدينة إدلب السورية، ووزير الخارجية الإيراني يصرح بأنه يجب الحفاظ على جميع الأراضي السورية، ووزير الدفاع الإيراني ورئيس هيئة أركان الحرس الثوري الإيراني يتفقدان القواعد العسكرية الإيرانية في حلب السورية، لا شيء يوحي بأن هذه المدن سورية
لو كانت هذه التصريحات لرئيس النظام السوري، أو لرئيس وزرائه، أو وزير خارجيته، أو حتى أصغر مسؤول في النظام لكانت مبلوعة إلى حد ما، ولكنها لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الذي زار دمشق الأسبوع الماضي، وأدلى بتصريحات قال فيها إنه يجب تطهير محافظة إدلب بشمال غرب سوريا من المقاتلين، حسب ما نقلته وكالة فارس للأنباء.
لا أعرف إن كانت هذه التصريحات استفزت أحداً من العرب في زمن الغيبوبة العربي الذي نعيشه هذا، بعد أن استنزفت مشاعرنا وأحاسيسنا قرارات وخلافات ومغامرات بعض القادة العرب التي مزقت الأمة وعصفت بوحدة شعوبها وأراضيها، وأطاحت بما تبقى من أحلام بعض المواطنين العرب الطيبين الصالحين، وأناشيد ذاك الزمن العربي، التي كانت تتغنى بالوحدة العربية، وتصفها بأنها «وحدة ما يغلبها غلاب، تباركها وحدة أحباب، توصلنا من الباب للباب، ولا حايل ما بين الاثنين»، كما تغنى بها المطرب المصري محمد قنديل من كلمات الشاعر بيرم التونسي، ذات زمن عربي نشعر الآن أنه كان جميلاً، رغم أننا لم نكن راضين كل الرضا عنه وقتها.
إذا كانت هذه التصريحات لم تستفز أحداً، فثمة خبر ربما حرك إحساس أحد، سوف أنقل تفاصيله من تقرير تلفزيوني مصور بثته قناة «أورينت نيوز» السورية. يقول التقرير:
«العميد حاتمي واصلاً مطار حلب الدولي. المستقبلون ضباط في الجيش الإيراني والحرس الثوري. لا شيء يوحي بأن المنطقة سورية أو حتى عربية سوى العبارة الدالة على قاعة الشرف. يجتمع حاتمي مع قادة الحرس الثوري في سوريا أيضاً، ثم يتوجه إلى منطقة أخرى ويستقبله حرس شرف إيراني. الصور ما زالت من حلب، والحديث ما زال عن محافظة سورية، وهنا استقبال إيراني إيراني آخر، بدءاً من وسائل الإعلام، إلى الحرس المرافق، وصولاً لعناصر وضباط الاستقبال.
في البحث خلال وسائل إعلام النظام لم يُعثر على أي خبر أو مقطع يغطي على الأقل زيارة وزير دفاع أجنبي محافظة سورية. وسائل إعلام روسية كانت أكثر تطوراً، ونشرت خبراً مفاده «بالصور.. وزير الدفاع الإيراني في حلب». لكن بعد البحث تبين أنه حتى الصور نُقلت عن وكالة فارس الإيرانية.
تجوُّلُ حاتمي برفقة الضباط الإيرانيين ومشاهد الأعلام الإيرانية يؤكد تقارير سابقة عن سيطرة إيران الكاملة على منشأة بهذا الحجم يُطلق عليها «مطار حلب الدولي»، فيما قالت مصادر إن حاتمي زار كذلك مقرات الحرس الثوري والمليشيات الأفغانية والعراقية بمنطقة جبل عزّان جنوب حلب، والتي تُعد أكبر قاعدة عسكرية إيرانية في سوريا، ويمنع على نظام الأسد ومليشياته الاقتراب منها. غير أن هذه المشاهد دفعت بناشطين إلى نشر صور سابقة، أثناء زيارة اللواء محمد باقري، رئيس هيئة أركان الحرس الثوري، منطقتي جبل عزان وبلدة الحاضر قبل أشهر عدة، ولوحظ حينها باقري أثناء تفقده لخرائط برفقة ضباط إيرانيين، مع غياب أي وجود لمليشيا الأسد أو ضباطه».
بقية التقرير عن زيارة وزير الدفاع الإيراني لمدينة حلب السورية، وإحدى قواعد «قوات التدخل السريع للمدافعين عن المقدسات الإسلامية»، كما وصفتها وكالة «مهر» الإيرانية، هذه البقية مؤلمة وصادمة، فهي تتحدث عن تحوّل وتغيير مذهبي ممنهج في المجتمع السوري. الصور فيه تتحدث عن نفسها، والمشاهد كأنها منقولة من مدينة «قم» الإيرانية أو «النجف» العراقية. وهذا ليس غريباً على النظام الإيراني، الذي تقوم سياساته كلها على التعصب المذهبي، حيث يحشد كل إمكاناته وجهوده لهذا الفرز البغيض في المجتمعات العربية، وهي التي طالما كانت بعيدة عنه، حتى في أشد أوقاتها ظلامية. والدليل ما نراه في العراق وسوريا ولبنان واليمن، والمحاولات التي تبذلها إيران لتمزيق وحدة الدول الخليجية، والفتن التي تثيرها لإشعال النيران فيها.
إيران وروسيا وتركيا تجتمع في طهران لتقرير مصير مدينة إدلب السورية، ووزير الخارجية الإيراني يصرح بأنه يجب الحفاظ على جميع الأراضي السورية، ووزير الدفاع الإيراني ورئيس هيئة أركان الحرس الثوري الإيراني يتفقدان القواعد العسكرية الإيرانية في حلب السورية. لا شيء يوحي بأن هذه المدن سورية.
نقلا عن "البيان"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة