إيران تقر بالتعاون والتنسيق مع طالبان.. والضحية أفغانستان
يبدو أن الحديث الدائم والمستمر عن التعاون والتنسيق بين نظام إيران وحركة طالبان، لم يكن مجرد شائعات.
وبعد سنوات من الإنكار الإيراني، أقر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الإثنين، بوجود "تعاون وتنسيق" أمني مع الحركة.
المفارقة المثيرة أن إيران تصنف حركة طالبان "إرهابية"، ويكشف هذا الاعتراف مدى تلاعب النظام الإيراني بمستقبل أفغانستان وشعبه.
وقال ظريف، في مقابلة مع محطة تلفزة أفغانية، إن بلاده لديها تعاون أمني وغيره مع حركة طالبان.
وزعم أن ”هذا التعاون لا يعني أن إيران ستذهب مع الحركة لاتخاذ قرار بشأن مستقبل أفغانستان وتوقيع اتفاق بشأن ذلك".
ولم يكتف ظريف بالإقرار بوجود تعاون وتنسيق مع الحركة، لكنه كشف كذلك عن استضافة إيران أعضاء وقادة من طالبان، إلى جانب أن "المسؤولين الحكوميين يتبادلون ويلتقون بهم".
وسعى وزير الخارجية الإيراني إلى المراوغة، خلال المقابلة التلفزيونية، زاعما أن نظامه "أبلغ الحكومة الأفغانية بجميع الحوارات والمحادثات مع طالبان".
وخلال المقابلة اعترف "بالعمل مع طالبان" لكنه قال: "هذه الأعمال لن تصل لاتخاذ قرار معهم بشأن مستقبل أفغانستان أو توقيع اتفاقيات".
التهمة الأبرز التي ظلت تلاحق إيران هي تزويد حركة طالبان بالسلاح ما تسبب في إطالة أمد الصراع بأفغانستان، وحاول ظريف نفي تلك التهم بالقول: "نحن لا نعطي أسلحة لطالبان، ولا نعالج جرحى طالبان، وليس لديها مقر في دولتنا، ولكن لدينا محادثات جادة معها، والتقيت شخصيًا مع الملا برادار في طهران".
وبشأن وجود زعيم طالبان السابق الملا أختار منصور في إيران، قال ظريف: "لم نقل قط إنه لا علاقة لنا بطالبان، بالطبع هناك علاقات تربطنا بها، وكانت رحله الملا أختار منصور في إيران، على حد علمي، مجرد رحلة عبور من خلال الدولة باسم مستعار."
وفي هذا الجزء من المحادثة، عندما سأل المضيف ظريف "رحلة عبور لمدة شهرين؟"، أجاب: "ليست لدي معلومات أخرى عن هذا الموضوع".
جدير بالذكر أن أختار محمد منصور، المعروف باسم الملا أختار منصور، تولى زعامة طالبان بعد وفاة محمد عمر، كما كان يتولى وزارة الطيران الوطني إبان حكم طالبان في أفغانستان.
وقُتل زعيم طالبان، الذي كان مطلوبًا من قبل الولايات المتحدة، في غارة أمريكية بطائرة مسيرة يونيو/حزيران ٢٠١٦ في بلوشستان باكستان، بعد مغادرته إيران.
وخلال المقابلة، ادعى وزير الخارجية الإيراني أنه لا يعلم بمكان وجود مسؤولي طالبان في إيران، قائلاً: "الأشخاص الذين تربطهم صلات بطالبان قد يسافرون من وإلى إيران، ولكن ليس لديهم مقر في إيران أو حتى قاعدة عسكرية كما يُقال".
وتابع ظريف بالقول: "طالبان، جماعة داخل أفغانستان قامت بأعمال إرهابية، واليوم من الضروري أن تكون طالبان جزءًا من حل أفغانستان المستقبلي، وليس الحل المستقبلي الوحيد لأفغانستان".
وخلال اللقاء، اقترح ظريف على حكومة أفغانستان الاستفادة من "لواء فاطميون"- المليشيا المسلحة التي شكلتها إيران من اللاجئين الأفغان الذين يعيشون في إيران، إذا رغبت كابول في ذلك.
وقال ظريف عن "لواء فاطميون": "هذه هي أفضل القوات التي يمكن للحكومة الأفغانية استخدامها إذا أرادت ذلك".
وفي الآونة الأخيرة، أعلن حميد قريشي، رئيس منظمة باسيج الدوائر والوزارات التابعة للحرس الثوري الإيراني، أنه سيتم التبرع بأراضٍ لعائلات عناصر "لواء فاطميون" الأفغان الذين قاتلوا في الحرب السورية.
يذكر أن فيلق القدس، الفرع الخارجي للحرس الثوري، هو الذي أسس "لواء فاطميون" من قوات أفغانية تسمى "لواء أبو ذر"، التي قاتلت خلال الحرب العراقية الإيرانية. وبعد عقدين من الزمان، تم إرسالهم إلى سوريا.
ويعتبر أبوحامد توسلي، وهو أفغاني مقيم في إيران، قد شارك في تشكيل هذا اللواء، وبحسب ما نقلته وكالة أنباء "تسنيم" التابعة للحرس الثوري، فإن اللواء يضم الآن عدة آلاف من المليشيات، معظمهم متمركز في سوريا.
وقد قام فيلق القدس، بتجنيد الآلاف من اللاجئين الأفغان الذين يعيشون في إيران، لتوسيع وإمداد "لواء فاطميون" بالقوات، بعد ٦ أشهر من التدريب العسكري.
وقبل عامين، كانت هناك تقارير تفيد بأن فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني کان يدفع ٥٠٠ دولار شهريًا لمليشيات "لواء فاطميون".
وكان مسؤولو الحرس الثوري ينكرون في السابق دفع رواتب لمليشيات "لواء فاطميون"، لكن برويز فتاح، الرئيس الحالي لمؤسسة المستضعفين، قال في برنامج تلفزيوني أبريل/نيسان ٢٠٢٠: "كنت رئيسا لمؤسسة التعاون التابعة للحرس الثوري، وقد جاء قاسم سليماني وقال لي ليس لدي مال لدفع رواتب فاطميون، ساعدوني في سوريا".
تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الأفغانية سبق أن دعت إيران إلى حل مليشيات "لواء فاطميون" في أسرع وقت ممكن.
وقال مسؤولون أفغان إن "استخدام المواطنين الأفغان في حرب بالوكالة لا يتماشى مع القانون الدولي".
كما استنكر نشطاء حقوقيون، في وقت سابق، محاولة النظام الإيراني استغلال الظروف المعيشية السيئة للاجئين الأفغان في إيران لتجنيدهم في صفوف "فاطميون" وإرسالهم إلى الحرب في سوريا، خاصة أن العديد من طالبي اللجوء هؤلاء الذين تم إرسالهم إلى ساحة المعركة كانوا أطفالا ومراهقين، وقد قتل الكثير منهم.
aXA6IDMuMTQwLjE5Ny4xNDAg جزيرة ام اند امز