خبراء: عقوبات أمريكا تهدف إلى كبح جماح تدخلات إيران وتركيا بالمنطقة
خبراء توقعوا لـ"العين الإخبارية" خفض الإنفاق العسكري الإيراني والتركي في سوريا والعراق واليمن، وتقلص دور البلدين في قضايا الشرق الأوسط.
طرحت العقوبات الأمريكية المفروضة مؤخراً على إيران وتركيا، تساؤلات بشأن مستقبل دور البلدين، المنبوذ عربياً ودولياً على نطاق واسع، في قضايا وأزمات مشتعلة بمنطقة الشرق الأوسط؛ منها الوضع في سوريا واليمن والعراق.
- العقوبات الأمريكية.. سهم ترامب يؤجج نار غضب داخلي ضد نظام طهران
- هل تتحايل إيران على العقوبات عبر العملات الرقمية وبلوك تشين؟
وقال خبراء لـ"العين الإخبارية" إن "تراجعاً على المدى القريب على الأقل، قد يشهده الحضور الإيراني والتركي في الصراعات المسلحة التي تشهدها المنطقة، بعد اشتعال الأوضاع الداخلية وانهيار اقتصاد الدولتين، الأمر الذي قد يؤثر على إنفاقهما العسكري الخارجي".
واشتعل الصراع الأمريكي - الإيراني من جديد، بعد أن أعادت واشنطن فرض عقوبات صارمة على إيران، الثلاثاء الماضي، بسبب أنشطتها النووية، بالتزامن مع احتجاجات داخلية كبرى تشهدها طهران.
فيما فرضت واشنطن قبل أيام أيضاً رسوماً إضافية على بعض الواردات من تركيا، بسبب احتجاز أنقرة لقس أمريكي منذ عامين إضافة لقضايا أخرى، ما أدى لتدهور غير مسبوق لسعر الليرة التركية أمام الدولار.
الدكتورة نورهان أنور، الباحثة بالمنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية في القاهرة، رأت أن "كبح جماح التدخلات الإيرانية والتركية في المنطقة هو أحد أهداف العقوبات الأمريكية"، متوقعة تأثيرات بارزة على الدور الذي تلعبه هاتان الدولتان في المنطقة ومسارات حل تلك الأزمات".
وذكرت نورهان أن إيران تتجه حالياً إلى تحجيم إنفاقها العسكري على الجماعات المسلحة خارجياً، والذي بدأ يتقلص فعلياً، فقد تدنى الإنفاق الإيراني على مليشيا حزب الله اللبناني، وكذلك على النظام السوري، إضافة إلى انسحابات جزئية من أراضي في سوريا والعراق واليمن.
ففي العراق، قالت إن تطبيق العقوبات سيؤثر على دعم إيران للمليشيات العراقية التي تستفيد منها طهران في تعريض المصالح الأمريكية للخطر.
وأشارت إلى أنه منذ أن بدأت الجولة الأولى من العقوبات الأمريكية على إيران في السابع من أغسطس/آب الجاري، بدا على السطح مشهد مربك للحكومة العراقية لعدم ملاءمتها اتخاذ موقف مستقل وقوي في بلد كان منذ فترة طويلة موقع صراع بين الولايات المتحدة وإيران.
وعلى الصعيد السوري، أكدت نورهان أن "الوضع الراهن يؤثر بلا شك دعم وتمويل إيران للمليشيات في سوريا، وقد تضطر إيران لسحب المليشيات وربما بعض الحرس الثوري، ليس بسبب ضغوط الإنفاق فقط، بل أيضاً بسبب الضغوط الإسرائيلية والروسية".
وفي اليمن، فإنه من المعروف دعم إيران لجماعة الحوثي الإرهابية وتمويل تسليح تلك المليشيات الانقلابية.
وأكدت نورهان أن أثر العقوبات المفروضة على إيران سينعكس على هذا الدعم، فمعظم الإنفاق على الحوثيين يأتي من إيران، وهي فرصة سانحة أمام قوات التحالف العربي لدعم الشرعية، للتخلص على ما تبقى من سيطرة الحوثيين على بعض المدن والموانئ اليمنية.
وفيما يتعلق بتركيا، علقت نورهان أن الخلافات التركية الأمريكية من شأنها عرقلة مخططات تركيا في سوريا على الأقل، فتركيا "تعاني من انفلات واضح للوضع الاقتصادي الداخلي ولن تستطيع أن تظهر قدرتها بنفس الشكل في الوقت الراهن في سوريا أو شمال العراق، لكنها أيضاً تدرك أن نفوذها أمر مهم ولا يجب التخلي عنهما مهما حدث".
بدوره، قال الخبير السياسي العراقي إبراهيم السراجي: "بالتأكيد لا يمكن للعراق أن يقف ضد الإدارة الأمريكية وحيداً، فالإيرادات النفطية للعراق توضع في حسابات بالبنوك الأمريكية، وهذا يعني أن واشنطن تعرف كيف تعاقب العراق على أي تعامل مع إيران، أو كسر للحصار الذي فرضته ضدها".
وأضاف السراجي: "العراق سيتخذ أسرع وأضخم ضرر في أعقاب العقوبات الأمريكية على إيران في ظل العلاقات التجارية القوية بين العراق وإيران، والتي تتجاوز 12 مليار دولار سنوياً، ناهيك عن الأهمية الاقتصادية للشراكات بين العراق وإيران في قطاعات الكهرباء والغاز والنفط، والتي قد تنهار إذا ما امتثل العراق للعقوبات الأمريكية".
وأشار إلى أنه "في حال التزم العراق بالعقوبات الأمريكية، وهو الموقف الرسمي المعلن، فإن اقتصاد العراق سيتضرر بشكل كبير جداً، بالإضافة إلى أن البضائع الإيرانية والتركية تمثل ثلثي السوق العراقية"، موضحاً "يمكن أن تحدث أزمة غذائية على سبيل المثال في المحافظات خاصة الجنوبية، وهذا سينعكس بشكل سلبي جداً على الحياة اليومية للمواطنين".
في السياق نفسه، قال آلان مهتدي، الخبير في المخاطر والأمن من شركة تي آند أس للاستشارات في استوكهولم، نقلاً عن وكالة "شينخوا" الصينية، إن "ما تتمناه الولايات المتحدة هو أن تدفع هذه العقوبات والعزلة إيران لتقليل نفوذها في سوريا واليمن، حيث استثمرت هناك بشكل كبير خلال العامين الماضيين، وتتمنى الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل أن تدفع العزلة والعقوبات إيران لتقليل نفوذها في المنطقة".
وسبق أن أكد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، في معرض شرحه لاستراتيجية بلاده تجاه إيران، قبل أشهر، أنه "لن يكون لإيران مطلقاً اليد الطولى للسيطرة على الشرق الأوسط"، واعداً بـ"ملاحقة عملاء إيران ورديفهم حزب الله اللبناني حول العالم لسحقهم"، ودعاها لأن "تنسحب من سوريا وتتوقف عن التدخل في نزاعات المنطقة وتمتنع عن دعم المجموعات الإرهابية في اليمن".