طهران اليوم تجازف بشعبها الذي يعاني من أزمات عميقة، أمر لا يمكن التغاضي عن صلته بالأصول الدينية القديمة وهي الزرادشتية.
لا يمكننا فصل التاريخ عن الواقع، فالتاريخ جزء من صور الأمم والحضارات ومهما طالت السنوات لا يمكن التغاضي عن الماضي والأصول.
لم تنقطع الاختراقات الإيرانية يوما، بل توسعت مع السنوات واختارت مساحات في المنطقة في محاولات للتعويض عن خسائرها التي عانت وما زالت تعاني منها بسبب المقاطعات الدولية خاصة اقتصاديا، واستغلت الدول المحيطة التي سقطت ضحايا لأيديولوجيات مرتزقة إيران.
ما تفعله طهران اليوم من المجازفة بشعبها الذي يعاني من أزمات عميقة في الداخل، أمر مخيف إذا ما عدنا لما نراه من التعنت والكبر الإيراني الذي لا يمكن التغاضي عن صلته بالأصول الدينية القديمة وهي الزرادشتية.
إن هذه الديانة التي حملت اسم مؤسسها زرادشت وتعرف بالمجوسية، هي ديانة إيرانية تعود لستة قرون قبل الميلاد، وقد تكون هي أصل ومرجع تعنت الفرس رغم أنهم مؤسسو "الجمهورية الإسلامية" ويطيعون علي خامنئي مؤسس "الثورة الإسلامية"، والطاعة موصولة لمن خلفه، أساليب طاعة أقرب منها إلى أساليب التعامل مع الكهنة، بعيدا عن كل مظاهر الحضارة المعاصرة.
وقد يختار نظام الملالي تقديم شعبه قربانا لأوروبا وأمريكا التي تحركت لحماية مصالحها، خاصة التجارية، وتأمين الطرق والممرات المائية خاصة بعد إعلان إيران أنها تمتلك ورقة إغلاق مضيق هرمز.
النظام الإيراني والحرس الثوري تحوّل إلى اللعب بالنار، ويبدو بعد إشعاله في العديد من بلدان المنطقة أن الخطر يقترب ويلوح في الأفق، والشظايا ارتدت واللعبة غير مضمونة وكل السيناريوهات مفتوحة ومحتملة إذا لم ترضخ طهران وبشكل عاجل للمطالب الدولية خاصة الالتزام بالاتفاق النووي رغم خروج الولايات المتحدة منه.
لم تعمل الأطراف الإيرانية التي تدير حكم الفرس بطريقة واضحة، لا من حيث أعراف الدبلوماسية، ولا من جوانب تطبيق المناهج السياسية التي عرفها العالم المعاصر.
بدأ التصعيد السياسي والنفسي في المنطقة، بالتوازي مع تصعيد النظام الإيراني غير المبالي بالأوضاع الاقتصادية المتردية التي وصلت إليها البلاد خاصة مع تصاعد العقوبات الذي جاء نتيجة لتعنت النظام وامتناعه عن الالتزام بها، لم يتوقف النظام الإيراني عن خرق كل العقوبات التي سلطها عليه المجتمع الدولي ومنظماته، والتي آخرها الاتفاق النووي الذي تم في 2015.
ارتفع نسق قرع طبول الحرب هذه الأيام، خاصة مع تصعيد اللهجة الأمريكية ضد إيران والتي هدفها بالأساس حماية مصالحها في المنطقة، وحماية حلفائها. وكان هذا التصعيد نتيجة للتحدي الإيراني المتواصل للقرارات الدولية، وتصريحات الرئيس الإيراني حول التمادي ومواصلة تخصيب اليورانيوم، لأسباب وأغراض أوسع ومختلفة عما جاء في الاتفاقية النووية.
ورغم أن ما قد يبدو للعديد من الأطراف حول الموقف الإيراني، وأنّه لم يتعدَ التوعّد واستعراض عضلات لا يمتلكها، فإن الأمريكيين أوضحوا أنهم يأخذون أي تهديد للأمن القومي والمصالح الأمريكية في الخارج والداخل على محمل الجد، وبالتالي يتصرفون بحزم وقوة.
وبناء على التهديدات الإيرانية الخفية والمعلنة خاصة، أرسلت الولايات الأمريكية منظومة صواريخ دفاع جوي من نوع باتريوت، وحاملة طائرات، كما نقلت في وقت سابق قاذفات بي 52 الاستراتيجية إلى قواعدها العسكرية.
ومما يعزز المخاوف الدولية من تصرفات طهران في السنوات الماضية، ورغم العقوبات الدولية، فإنها في الواقع تعد خطراً فعلياً أيديولوجياً وعسكرياً على المنطقة، حيث عمل النظام الإيراني على مدّ جذور الكراهية التي يحملها تجاه جيرانه، وزرع الخلافات الطائفية في العراق ولبنان وسوريا والبحرين واليمن.
وإذا ما عدنا لأسباب الخلافات الداخلية، والحروب الأهلية في هذه البلدان فسنرى أن مصدر الأسباب التي تتصدر قائمة الخلافات هي الأيديولوجية الإيرانية التي تعمل منذ نهاية السبعينيات على تصدير ما تسميه "الثورة الإسلامية".
لم تنقطع الاختراقات الإيرانية يوما، بل توسعت مع السنوات واختارت مساحات في المنطقة في محاولات للتعويض عن خسائرها التي عانت وما زالت تعاني منها بسبب المقاطعات الدولية خاصة اقتصاديا، واستغلت الدول المحيطة التي سقطت ضحايا لأيديولوجيات مرتزقة إيران.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة