الإيرانيون في المنفى.. بين الأمل والرسائل المشفرة
القيود المفروضة على وسائل التواصل في إيران زادت من صعوبة اطمئنان الإيرانيين في المنفى على أسرهم.
"كيف حال أبي؟" و"ماذا يحدث؟".. رسالتان أرسلهما بن عبدي لشقيقته الموجودة في إيران، يوم الثلاثاء، ومع حلول نهاية الأسبوع لم يصله الرد، فقد أرسلهما عبر تطبيق واتس آب، ولكن حتى مساء الجمعة لم تتحول العلامات الظاهرة بجوار الرسالتين إلى اللون الأزرق، مما يعني أنهما لا تزالان غير مقروءتين.
- نائب ترامب: لن نصمت هذه المرة عما يحدث في إيران
- تسخير أموال الشعب الإيراني للإرهاب بالخارج دفع للانتفاضة
بالنسبة للعديد من الإيرانيين الذين يعيشون في المنفى كانت السنوات التسع الماضية محملة بمزيج من المشاعر، ما بين الخوف ونذير الشر والأمل، بينما يشاهدون بإمعان قدر استطاعتهم المظاهرات ضد فساد وديكتاتورية النظام التي تتنشر في وطنهم، وفقاً لتحقيق أجرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
كفاح يخوضه بعض الإيرانيين الذين يعيشون في المملكة المتحدة، التي تضم واحدة من أكبر الجاليات في أوروبا، للبقاء على تواصل مع الأسرة ومواكبة الأحداث في بلادهم، بسبب القيود المفروضة على مختلف وسائل الإعلام الاجتماعي.
وأوضح بن عبدي (45 سنة) وهو إيراني يدير مطعماً في شمال لندن "إذا أرسلت 10 رسائل ستمر واحدة"، مشيراً إلى أن قناة شقيقاته على التلجرام غير نشطة بشكل مثير للقلق، فهي تعمل في التجميل وعادة ما تضع صوراً لتسريحات عملائها على القناة يومياً ولم تضع أي صور منذ حوالي 6 أيام.
ويقول محللون إن السلطات الإيرانية حاولت قمع المظاهرات عبر تقييد الوصول إلى الإنترنت ومحاولة السيطرة على وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك من خلال حجب المعلومات في بعض الأوقات واستخدامه لنشر رسائلهم الخاصة.
وقال العديد من الإيرانيين في المملكة المتحدة الذين أجري معهم مقابلات لهذا التحقيق، إنهم ما زالوا يتلقون رسائل عبر وسائل التواصل بما في ذلك التلجرام، ولكن أقل من المعتاد، وأشار آخرون إلى أنهم بدأوا في المعاناة من مشكلات في الاتصال منذ يوم الثلاثاء تقريباً.
وفي مطعم بن عبدي كان الرواد يناقشون كيف يحدثون ذويهم فى إيران عن المظاهرات دون ذكر ذلك بشكل فعلي.
وقالت مريم (37 سنة) إنها اختارت التوقف عن استخدام التلجرام، مشيرة إلى أنه خطير جداً وخاضع للسيطرة بشكل كبير، موضحة أنها ما زالت تتواصل يومياً مع شقيقتها في إيران، ولكن استخدام واتس آب وتانجو، وحتى مع ذلك "نخشى قول أي شيء عنهم لذلك نقول فقط: مرحباً.. كيف حالك؟".
وأشار نادر شامو (46 سنة) إلى أنه "في أي إتصال من إيران إلى دولة أخرى نفترض أنهم يستمعون إلى كل شيء"، مضيفاً أنه عندما يتحدث عن موضوعات مثل المظاهرات مع والدته (73 سنة) التي تعيش في إيران يستخدم بلغة "مشفرة" دون أن يوضح التفاصيل.
ووصف شامو الحكومة الإيرانية بأنها مثل "المافيا"، مضيفاً أن الضغوط الاقتصادية على الطبقة العاملة حادة، مشيراً إلى أن إيران دولة غنية ومع ذلك هناك ضغط ضخم على الأشخاص العادية والأجور والطعام والأموال وكل شيء.
وقاطعه رجل آخر يجلس في المطعم قائلاً "بدلًا من قول (هل شاهدت المظاهرات؟) قد تقول (هل خرجت للتسوق؟)".
وعند سؤالهما إذا ما كانا يواكبان أحداث التطورات الأخيرة داخل إيران، أخرج رجلان هواتفهما الذكية وبدآ في استعراض فيديوهات من المظاهرات وأحدث الأخبار في صفحاتهما على فيسبوك وأنستجرام تم نشرها مساء الجمعة. وحول ما إذا كانت المظاهرات الحالية ستحدث تغييراً، أجابا: "نأمل في ذلك".