الأسباب وراء الاستياء في إيران سيكون من الصعب معالجتها، خاصة أن الإدارة الأمريكية تشجع على فرض عقوبات جديدة
شجع محسن العام الماضي أصدقاءه وأقاربه على دعم حسن روحاني، الرئيس الإيراني الذي أعيد انتخابه في مايو/أيار الماضي بعد وعود بتحسين العلاقات مع الغرب وتعزيز الاقتصاد.
لكن هذا الأسبوع، محسن -ليس اسمه الحقيقي- كان في الشارع لمدة 4 ليال متواصلة؛ للمطالبة بإقالة الرئيس وإسقاط نظام ولاية الفقيه، الذي حكم البلاد منذ ثورة 1979.
الطالب الجامعي ذو الـ18 عاماً لم يكن بمفرده، فخلال الـ10 أيام الماضية شارك الآلاف في تظاهرات للتعبير عن غضبهم من الأوضاع الاقتصادية وعدم المساواة في المدن والبلدات الإيرانية.
وأوضحت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية أن السبب في تغيير موقف محسن هو الاعتقاد في أن روحاني، مهندس الاتفاق النووي لعام 2015، لم يلتزم بوعوده الاقتصادية والاجتماعية.
"يجب أن نحظى بجمهورية إيرانية وليس ولاية الفقيه"، هكذا قال محسن الذي ينبع غضبه جزئياً من حادث وقع الصيف الماضي عندما تعرضوا لمضايقات من قوات الأمن بسبب ملابسهم.
وقال محسن إنه أياً كان من سيأتي فسيكون أفضل من هذا النظام، وإن "التقدم الكبير يحتاج وفيات ودماء"، مشيراً إلى أن ولاية الفقيه لا يمكنها تلبية احتياجات الإيرانيين، "فلا يمكنها تحقيق عملة قوية، وحرية اجتماعية، واستثمارات أمريكية".
وأشارت "فايننشال تايمز" إلى أن التوقيت لا يمكن أن يكون أسوأ من ذلك بالنسبة لروحاني، فهو واقع تحت ضغوط داخلية تتمثل في اعتمادات ضئيلة للحد من التضخم واستعادة النمو، وضغوط أخرى خارجية، حتى أن أكبر إنجازاته المتمثلة في الاتفاق النووي الذي يحتاجه لتحقيق إصلاحاته الاقتصادية عرضة للانهيار، مع اتهام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لطهران بانتهاكه لتحقيق طموحها في الشرق الأوسط.
في الوقت الراهن تراجعت الاحتجاجات، رغم استمرار الاضطرابات المتفرقة، لكن أثرها كان هائلًا، فحتى في مظاهرات 2009 التي خرجت ضد ما وصفته بتزوير الانتخابات الرئاسية، دعا المتظاهرون من الطبقة المتوسطة إلى إصلاح النظام وليس إسقاطه.
لكن تظاهرات 2018 أكثر المتظاهرين فيها من أبناء الطبقة العاملة، وكثير منهم موجودون خارج العاصمة، في مدن وبلدات عادة ما دعمت النظام، ولكنها رافضة لمستويات الفساد العالية.
من جانبها، ذكرت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، في تقرير بعنوان "التظاهرات تهدأ لكن الغضب في إيران لن ينتهي"، أنه في الوقت الراهن يبدو أن السلطات اجتازت التظاهرات عبر معايير مدروسة بعناية تضمنت تحذيرات واعتقالات.
لكن الأسباب الكامنة وراء الاستياء سيكون صعباً معالجتها، خاصة أن إدارة ترامب تشجع على فرض عقوبات جديدة على اقتصاد يشهد فيه الاستثمار حالة ركود، وهناك حاجة ماسة إلى خبرات أجنبية.
وأشارت "سي إن إن" إلى أن المتظاهرين أغلبهم من الشباب وهم غاضبون، ومن منظور وسائل التواصل الاجتماعي يرون أنفسهم متروكين في الخلف، موضحة أن هؤلاء المتظاهرين مختلفون عن غيرهم ممن احتشدوا في طهران عام 2009.
ورفع هؤلاء المتظاهرون أصواتهم تقريبا في كل مقاطعة إيرانية خلال الأسبوع الماضي، لكن ما يجعل هذه التظاهرات تحدياً فريداً للسلطات أنها خام وفي مراحلها الأولى؛ فهي تمثل انفجاراً أكثر منها منصة مطالب.
وقالت ريهان تارافاتي، إحدى المشاركات في تظاهرات عام 2009، لـ"سي إن إن"، إن الإيرانيين غاضبون بشدة بسبب عدم تحسن الاقتصاد كما توقعوا، وإنهم ينتظرون رؤية شيء يحدث سريعاً لتحسين حياتهم.
وأوضحت الشبكة الأمريكية أن الإيرانيين ضحايا لأزمة من التوقعات، التي ساعد روحاني في خلقها عبر إبرام الاتفاق النووي، وتخفيف العقوبات الدولية كمحرك للنمو والوظائف.
والكثير يتوقف الآن -حسب الشبكة ذاتها- على كيفية مواجهة مختلف مراكز السلطة في إيران للأزمة، وسواء كانوا سيلقون اللوم على بعضهم البعض ويعالجون الأعراض بدلًا من الأسباب، مؤكدة أنه ربما تراجعت الاحتجاجات، لكنها أثارت شيئاً أكثر أهمية لمستقبل إيران.
aXA6IDMuMTQ1LjMzLjIzMCA=
جزيرة ام اند امز