إيرج مسجدي.. "داعشي إيراني" سفيرا لنظام ولاية الفقيه في العراق
إيرج مسجدي السفير الإيراني في العراق أحد أقدم قادة الحرس الثوري، وتولى قيادة أحد أول فيالق "القدس" الإرهابي منذ تأسيسه عام 1983
لم يمض يوم واحد منذ تولي إيرج مسجدي مهام السفير الإيراني في العراق إلا وتدخل في شؤون الوزارات والدوائر والأمور الاجتماعية وإدارات المدن العراقية، ضاربا بسيادة بغداد عرض الحائط.
وإيرج مسجدي، المطلوب دوليا لتنفيذه أعمالا إرهابية وجرائم ضد الإنسانية، مولود في مدينة آبادان جنوب إيران، وهو أحد أقدم قادة الحرس الثوري الإرهابي، وتولى قيادة أحد أول فيالق "القدس" الجناح الخارجي للحرس منذ تأسيس الفيلق عام 1983، وشارك في الحرب الإيرانية العراقية، خلال ثمانينيات القرن الماضي.
- ذكرى ثورة الخميني.. المظاهرات تحاصر النظام الإيراني
- حقوقيون يحذرون من تعيين عضو "لجان الموت" رئيسا لقضاء إيران
بدأت علاقات مسجدي مع الأحزاب الشيعية والكردية العراقية وقادة المليشيات الموالية لطهران، خلال حرب البلدين؛ حيث كان يشرف على تنظيم علاقة نظام ولاية الفقيه مع هذه الأحزاب، واستمر في منصبه حتى توليه مهام سفارة بلاده في بغداد.
السفير رقم 3
مسجدي هو ثالث قيادات الحرس الثوري الإرهابي التي تكلفها طهران لشغل منصب السفير في العراق، منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، حيث كان حسن كاظمي أولهم واستمر في موقعه لأكثر من 6 سنوات، ثم خلفه حسن دانايي فر لأكثر من 6 سنوات أيضاً، وأخيراً "إيرج"، منذ 19 أبريل/نيسان 2017 وحتى الآن.
وقبل تكليفه بمهام السفير، شغل مسجدي خلال السنوات التي أعقبت عام 2003، منصب كبير مستشاري الإرهابي قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني، بجانب منصبه كرئيس أركان "مقر رمضان" أحد مقرات الفيلق الرئيسية، المختص بالشأن العراقي.
وساعد "مسجدي" على مهامه، مجموعة مكونة من 5 عمداء من قادة الحرس الثوري الإرهابي، هم: (محمد رضا شهلايي المسؤول عن كردستان العراق في فيلق القدس، ومجتبى الأبطحي، وأحمد فروزندة، ومَسكَري، وإقبال بور)، فيما ظل سليماني يشرف بنفسه عليهم في تقاسم العراق من الشمال إلى الجنوب، وتولت تأسيس مليشيات الحشد الشعبي وتدريبها وتسليحها.
وينقسم ما يعرف بـ"مقر رمضان" إلى 4 معسكرات رئيسية (نصر، ورعد، وظفر، وفجر)، وجميعها موزعة بالتسلسل في مدن نغده ومريوان وكرمانشاه وأهواز لتغطية عموم الحدود الإيرانية العراقية من شمالها إلى جنوبها، بهدف إسناد القوات والشبكات الإرهابية الإيرانية العاملة في مختلف مدن العراق.
وأسس مسجدي، خلال قيادته لمقر رمضان، العديد من الشبكات الإرهابية والمليشيات في العراق، ومهمتها تنفيذ عمليات وشن هجمات على القوات الأمريكية واغتيالات ضد السياسيين والشخصيات والصحفيين والمثقفين والناشطين العراقيين المناهضين للنفوذ الإيراني في بلدهم، والإشراف على تهريب النفط والآثار والأموال الصعبة من بغداد إلى طهران، ونقل الأسلحة والإرهابيين إلى لبنان وسوريا واليمن.
بصمات مسجدي الإرهابية
من أبرز العمليات الإرهابية التي أشرف عليها السفير الإيراني الحالي في بغداد هي عملية خطف الرعايا البريطانيين، والهجوم على مقر القوات الأمريكية في كربلاء عام 2007، وشن هجمات صاروخية وتنفيذ عمليات قتل وخطف استهدفت أعضاء منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة، خلال السنوات التي كانوا في مخيمي أشرف وليبرتي بالعراق.
ويستولى فيلق القدس على غالبية السفارات والقنصليات والمناصب داخل وزارة الخارجية الإيرانية، فمهامها تتمثل في تنفيذ العمليات المخابراتية خارج الحدود، لكن تعيين شخصية عسكرية مثل "مسجدي" سفيرا بالعراق يدل على سعي نظام ولاية الفقيه إلى تثبيت وجود قياداته العسكرية والاستخباراتية، والتعامل مع حكومة بغداد بما يخدم مصالح طهران وسياستها في الشرق الأوسط.
ومنذ توليه منصبه، يعمل مسجدي بما يخدم مساره الاستخباراتي والأمني داخل العاصمة بغداد ومدن العراق الأخرى، من خلال تنشيط دور المليشيات ودعم هيمنتها على الملفات الأمنية والسياسية، واتخاذ الأراضي العراقية كقاعدة إيرانية لمواصلة مد نفوذ طهران عربياً وشرق أوسطياً، والالتفاف على العقوبات الدولية المفروضة على بلاده، اعتمادا على الثروات الاقتصادية لجيرانه.
وبرز دور مسجدي ونفوذه على سياسة بغداد، خلال الانتخابات البرلمانية العراقية، التي نظمت في مايو/أيار 2018، فتدخلاته وتهديداته للكتل السياسية العراقية وعمليات التصفية الجسدية والاعتقالات التي شهدها هذا البلد قبل عمليات التصويت مهدت الطريق أمام سيطرة مليشيات نظام ولاية الفقيه على النتائج، ومن ثم دخول مليشيات الحشد الشعبي إلى العملية السياسية للتحكم في صناعة القرار.
منتهك للأعراف الدبلوماسية
لم يتوقف التدخل عند هذا الحد، فبعد إعلان نتائج الانتخابات صرح إيرج مسجدي ولعدة مرات بأن "الوقت لا يزال مبكراً للحديث عن تشكيل الحكومة"، وكأنه سياسي عراقي وليس دبلوماسياً من دول أجنبية له حدود، وسرعان ما اجتمع مع المليشيات وقادة الأحزاب التابعة لإيران للسيطرة على الحكومة الجديدة ونيل المناصب السيادية فيها.
- إيران تعرقل سفر أرملة عالم كندي توفي بسجن سيئ الصيت
- بعد احتجازهم شهرين.. إيران تفرج عن 3 أردنيين دخلوا مياهها بـ"الخطأ"
ولا يتصرف إيرج مسجدي كسفير ودبلوماسي أجنبي فقط، بل يتعامل كحاكم عسكري للعراق، معتبرا نفسه أعلى سلطة سياسية وعسكرية وإدارية واقتصادية في بغداد، فيجري يوميا جولات تفقدية للوزارات والدوائر ويوجه الموظفين ويصدر التعليمات ويجتمع بالتجار وشيوخ العشائر والسياسيين، ويصدر الأوامر لفرق الموت التي شكلها نظام ولاية الفقيه لتصفية كل من يقف ضد سياسية بلاده.
الأسبوع الجاري، زار السفير الإيراني محافظة صلاح الدين، وأجرى سلسلة اجتماعات مع الحكومة المحلية وبعض الدوائر الحكومية والأمنية بها، وزار مدينة سامراء التي تشهد منذ سنوات تغييرا ديمغرافيا من خلال استيلاء الوقف الشيعي والمليشيات التابعة لطهران على مساحات واسعة من أراضيها بعد تهجير أصحابها.
3 مهمات رئيسية
يؤكد مراقبون سياسيون عراقيون أن إيرج مسجدي ينفذ حالياً 3 مهمات في بغداد، أولها تعزيز دور مليشيات الحشد الشعبي سياسيا وعسكريا وماليا واجتماعيا وجعلها دولية، وحث العرب السنة على تشكيل مجاميع مسلحة لمحاربة الأمريكيين في العراق وإنقاذ الاقتصاد الإيراني من الانهيار عبر توفير الموارد المالية وكل ما تحتاجه طهران من مواد ونفط.
وتوعد مسجدي العراقيين، في تصريح صحفي أدلى به عقب لقائه الرئيس العراقي برهم صالح في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بمشاكل ضخمة وعواقب وخيمة، في حال التزام بغداد بالعقوبات الأمريكية على إيران وإغلاقها الأبواب أمام طهران وشركاتها.
ويعتبر مسجدي شخصا غير مرغوب به لدى العراقيين لتعمده إهانتهم في أكثر من مناسبة، ولعل أبرز مواقفه التي أثارت غضبهم انسحابه من احتفالية نظمها تحالف البناء بمناسبة يوم النصر على تنظيم داعش في 15 ديسمبر/كانون الأول الماضي، حيث نددت أطراف محلية ودولية بتصرفه، وطالبت حكومة بغداد بطرده من البلاد.
aXA6IDMuMTM4LjM2LjE2OCA= جزيرة ام اند امز