المخيف في النظام الإيراني ليس القنبلة النووية وإنما المشروع المليشياوي الإرهابي، فهو أخطر من النووي.
إيران تهدّد شعوب بعض البلدان العربية بالمليشيات الإرهابية المسلحة، بل تهدد أمن المنطقة برمتها، من هنا نطرح سؤالا: هل تستطيع إيران أن تكون دولة طبيعية؟
الجواب عن هذا السؤال ليس صعبا، فالنظام الإيراني فشل داخليا على كلّ صعيد، والنجاح الوحيد الذي نجح فيه داخليا هو التمكن من قمع الشعب الإيراني وزيادة إفقاره، فمشكلة هذا النظام أنّه لا يستطيع البقاء إلا بتصدير أزماته إلى خارج حدوده، فما يزداد وضع شعبه صعوبة.
بماذا يشعر الجيل الشاب في إيران وهم يرون أقرانهم يبدعون ويعبرون عن آرائهم ووجودهم وابتكاراتهم، ليس فقط في دول جوارهم، بل في العالم كله، بينما هم يعيشون حياة متأزمة وخانقة؟
الإيرانيون يرون أنفسهم معزولين عن العالم واقتصادهم المتداعي يروح ريعه للصرف على المليشيات تسليحا وتوجيها ورعاية لإبقائها على قيد الحياة تمارس إرهابها ضد آمنين في بلدان أخرى، لم يعودوا بفعل الأجندة الإيرانية آمنين على حياتهم أو أرزاقهم.
وفي الوقت الذي تصل فيه إمدادات التسليح لمليشيات إيران في اليمن ولبنان تتأخر رواتب موظفي الداخل الإيراني ويزداد التضخم ويرتفع مؤشر الضيق الاجتماعي.
ألا تشعر القيادة الإيرانية بأن شعبها ضاق ذرعا بالعقوبات والفقر؟
ليس لشباب إيران إذاً علاقة بالغد، لا أمل لهم في مشروع حياة دون مشكلات أو تضييق.. لا أمل لهم أن تعيش دولتهم بشكل طبيعي.
كان أولى بالنظام الإيراني أن يلتفت إلى الداخل الذي يعاني اقتصاديا ومعيشيا بدلا من السعي إلى الحروب والدماء ونشر الفوضى ودعم الإرهاب في المنطقة.
كان أولى به أن يركز في تحقيق معدلات تنمية بدلا من تغذية المليشيات في بلدان أخرى، لكنه واقعيا اختار أن يبحث دائما عن أزمات، وعن عدو خارجي يُحمّله تبعات أزماته الداخلية وإفلاسه التنموي.
لنتأمل جميعا أوروبا وأمريكا بعد الحرب العالمية الثانية، كيف تعاملت مع تبعات الحرب، وأين ذهب زعماء الحرب بعد المعاهدات الدولية؟
لقد تنحَّى تشيرشل وبحثت بريطانيا عن رئيس وزراء يدعم التنافس الصناعي، وغيّر "روزفلت" تفكيره منصرفا إلى التشريعات والتنظيم الداخلي وبناء الاقتصاد، واتجهت أوروبا الغربية إلى بناء الإنسان وتطوير المكان، وتجاوز الخلافات، ووضع أنظمة السلم والبناء.
وبات فكر الدفاع مسيطرا على الجيوش بدلا من فلسلفة الاعتداء على الغير، وصارت اليابان نموذج الجودة الصناعية، والصين مصنع العالم الكبير، بينما إيران ما زالت تخلق أسبابا تدفع لإشعال التوترات بعيدا عن فكر التنمية والتعايش.
وإذا تساءل الشعب الإيراني عن سبب فقره وأزماته، قالت له قيادته: نحن محاصَرون.. نحن تحت مؤامرة كونية من دول "الاستكبار" العالمي.
الحقيقة أن إيران لا تتعلم من دروس الماضي ولا تعلم ماذا تريد للمستقبل، فقد استهلكت كل قاموسها، بينما العالم من حولها يبني ويستثمر ويتوافق ويُسالم، ويطوّر تقنياته وإدارته، ويتشارك حتى رغم التباينات في المواقف تحت شعار "نعيش لنبني معا".. أما هناك في إيران فلا تزال عقلية النظام قائمة على المؤامرة وابتعاث المشكلات سعيا وراء وهم التوسع ورفض الاختلاف.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة