عبّر السفير الإيراني في سوريا عن رغبة بلاده في نقل ما سمّاه "خبراتها في التهرّب من العقوبات الدولية" إلى "حليفتها سوريا".
حديث السفير الإيراني لا يوحي في حقيقته إلا برغبة طهران في مزيد من التدخل في شؤون سوريا، خاصة أن مندوب النظام الإيراني على المستوى الدبلوماسي لم يكشف عن أي مساعٍ جدية فيما سمّاه "مساعدة سوريا للتخلص من تلك العقوبات"، وإنما في "كيفية التعاطي معها وفقاً للخبرات الإيرانية"، التي طالما عملت عليها لتخطي سياسة العقوبات المفروضة عليها من الولايات المتحدة الأمريكية بناء على سلوكها المزعزع لاستقرار المنطقة.
لقد كانت إيران أول من استغل الأحداث، التي جرت في سوريا عام 2011، تحت مزاعم "الدعم"، لكنها تسللت إلى الأرض السورية عبر مفهوم المليشيات لتنفذ مخططا للتغيير الديمغرافي، وذلك ضمن خطتها التوسعية في عددٍ من بلدان المنطقة.
وقد تتجه سوريا لمواجهة آثار العقوبات الاقتصادية عبر تقليص استيراد السلع الأجنبية والاستعانة بالمنتجات الصناعية المحلية، أو ربما تريد إيران أن تعتمد سوريا على "منتجات إيران" كبديل لسدّ حاجة المواطنين السوريين.
إنها مصلحة النظام الإيراني أيضا وليست عطفا على الشعب السوري، كما تحاول إيران تسويق الأمر.
ورغم أن المواجهات المسلّحة في سوريا انتهت، فإن المسلحين المدعومين من النظام الإيراني موجودون على أرض سوريا، تحقيقا لأجندة إيران بدعمها مشاريع تعني لها أهدافا مستقبلية بعيدة المدى، حتى وإن توصلت الأطراف السورية إلى اتفاقٍ سياسي نهائي لحلّ الأزمة الحالية برعاية أممية، يضمن خروج المليشيات الأجنبية من البلاد، فإن إيران لن تسحب مسلحيها.
فإيران ترغب في البقاء طويلاً في تلك المنطقة للمساومة على وجودها هناك -عبر أذرعها- في ملفاتٍ أخرى مع أطرافٍ دولية، بينها الولايات المتحدة الأمريكية، ولهذا يحاول النظام الإيراني التمدد أكثر في الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية السورية، إذ لدى طهران مراكز ثقافية وجامعات في سوريا.
وتسعى إيران للوصول إلى مرحلة إعادة الإعمار في سوريا حال بلوغ الحل السياسي، بحيث يصبح باستطاعتها التأثير على علاقات سوريا مع الخارج، وهو ما كان واضحاً في تصريحات سفيرها في دمشق، والذي كشف عن نيته العمل مع سوريا "للتخلص من العقوبات الدولية المفروضة عليها".
تصريحات السفير الإيراني المتلفزة بالتأكيد لم تكن تهدف إلى تباهي بلاده بطرق التهرب من العقوبات الغربية، بل كان وراءها هدف إظهار للرأي العام أن بلاده ستزيد تدخلها في شؤون سوريا بشكل أكبر عبر طرح مجموعة خطوات سياسية واقتصادية ظاهرها "مواجهة تأثيرات العقوبات"، وباطنها الحقيقي التحكم بشكل أو بآخر في الداخل السوري كورقة تستخدم دوليا حال الاحتياج إليها مع القوى الكبرى.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة