كشف تقرير استخباراتي للأمم المتحدة، صدر مؤخراً، عن بيانات قيّمة حول أنشطة تنظيمي "داعش" و"القاعدة" الإرهابيين.
ويشير التقرير إلى استمرار تقدّم تنظيمي "داعش" و"القاعدة" الإرهابيين في أفريقيا، وعلى وجه التحديد في مناطق غرب القارة، حيث يستغل التنظيمان الصعوبات الاقتصادية وعدم السيطرة الأمنية لتثبيت وجودهما.
وتعدّ موزمبيق وبحيرة تشاد والصومال وجمهورية الكونغو الديمقراطية مسارح لعمليات أكثر إثارة للقلق في القارة السمراء للتنظيمين الإرهابيين.
وتشير التقديرات إلى أن "داعش" يمرّ بلحظة مالية سيئة، مع تزايد النفقات التي تجاوزت الإيرادات.. ولا تزال العائدات المالية للتنظيمين تأتي بشكل مباشر من النهب والخطف والاتجار في المحروقات واستخراج الذهب والمعادن الأخرى وتهريب المخدرات والهجرة غير الشرعية إلى أوروبا.
وقد تفسر الأزمة المالية ذلك التنافسَ الشديد والحرب الطاحنة بين "القاعدة" و"داعش" في المناطق الحدودية من مالي مع بوركينا فاسو والنيجر.
ولا يقتصر الأمر على الأهمية الاستراتيجية فحسب، بل إن الصراع هنا على مصادر الدخل أيضاً.
ويهاجم تنظيم "داعش" في الساحل الأفريقي جيوش المنطقة، وكذلك يتصارع مع جماعة "نصرة الإسلام"، فرع تنظيم "القاعدة" في منطقة الساحل، لكن اهتمام "داعش" بالسيطرة على مناطق استخراج الذهب في منطقة غورما -وهو أمر ضروري للغاية في هذا الوقت- يُضعف التنظيم ويشكل استنزافاً لعناصره، الذين يتراوح عددهم الآن بين 400 و1000 مقاتل.
ويتزايد عدد خلايا كتيبة "ماسينا"، التابعة لـ"القاعدة"، ما شجّعها للتوجه جنوباً نحو بنين، فيما يُعد ذلك مؤشراً على رغبة "القاعدة" في التوسّع في هذا الاتجاه، فمنذ بداية عام 2022، لا يزال هذا البلد الساحلي -بنين- يتعرّض للعديد من الهجمات الإرهابية، وهو ما يعزز فرضية وجود خطط لتنظيم "القاعدة" للتوسّع هناك.
أيضا غينيا كوناكري نقطة الضعف الأخرى في المنطقة، لكن يبدو أن انقلاب 2021 أخّر خطط الإرهابيين للتوغل في هذا البلد.
وتشير المعلومات الاستخباراتية إلى أن "كتيبة ماسينا"، التابعة لتنظيم القاعدة، تستخدم القوة الناعمة كوسيلة للتأثير داخل السنغال.. إذ تحذر المصادر الاستخبارية من أن الإرهابيين ينوون تغيير أئمة جماعة "المريدين" بآخرين موالين للتنظيم الإرهابي لاستغلال المنابر لتوجيه الخطاب ونشر أفكارهم بين السكان.. فيما لا يعد هذا الأسلوب جديداً، حيث سبق أن استخدموه في دول الجوار لنشر أفكارهم المتطرفة.
وفي ليبيا، فقد كل من "القاعدة" و"داعش" وجودهما في البلاد.. فـ"داعش" لم يعد قادرا على تجنيد مقاتلين جدد، لذلك يلجأ لجنيد الأجانب، فيما لا تزال المنطقة الجنوبية لليبيا، وبالتحديد مدينة فزان، هي الخاصرة الرخوة في البلاد.. وبعد الغارة الأخيرة للجيش الليبي جنوبا، تشير التقديرات إلى أنه قد يكون هناك أقل من 50 إرهابيا متبقياً من "داعش"، ولكن بالنظر إلى أن 50٪ من الإرهابيين من دول أفريقية أخرى، فهذا يشير إلى أنه يمكن أن تكون لديهم القدرة على إعادة تجميع صفوفهم بالاعتماد على الإرهابيين الأجانب.
في غضون ذلك، تشير التقديرات إلى بقاء نحو 50 إرهابيا تابعين لتنظيم "القاعدة" قرب الحدود مع الجزائر.. ومن الواضح أن دور هؤلاء لوجيستي أكثر من كونه قتاليا، وذلك من أجل الحفاظ على طرق الإمداد من ليبيا إلى الجزائر والنيجر.
ووفقاً لمعلومات استخباراتية من مصادر متعددة، فإن تنظيم "داعش" الإرهابي شرع في استقبال إرهابيين أجانب لتدريبهم بما يسمح لهم بتنفيذ عمليات إرهابية فور عودتهم إلى بلدانهم الأصلية.
وبالمثل، يتم تدريب المقاتلين أيضاً على التعامل مع المتفجرات والطائرات دون طيار.
لقد أثّرت تداعيات جائحة فيروس كورونا على تنقل البشر عموما، ومن بينهم الإرهابيون بالطبع.. إنها حقيقة يجب أخذها في الاعتبار، لأن خطط الإرهابيين تشمل تنفيذ هجمات في أماكن محددة، لكن بسبب الإغلاق والتدابير المختلفة لا يستطيعون الوصول إليها.
أخيراً، إذا ما افترضنا انسحاب المرتزقة الأجانب من ليبيا، فإن محاولات عبورهم إلى إيطاليا ستزداد بلا شك، مع ما يترتب على ذلك من مخاطر أمنية عديدة، لأن غالبيتهم كانوا ينشطون في دول المنطقة ضمن مجموعات إرهابية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة