سياسة
مدارس إيرانية في العراق.. عقول الناشئة بسموم ولاية الفقيه
مسؤول في وزارة التربية يكشف لـ"العين الإخبارية" عن التوغل الإيراني في القطاع التربوي، ومشروع طهران لغسل أدمغة الأطفال العراقيين.
على امتداد السنوات الـ15 الماضية، لم يشهد العراق تعليما مستقلا، بل كان هذا القطاع الحيوي موضع تدخل من قبل إيران، في محاولة لتطويع برامجها على مقاس أهدافها بغسل أدمغة الناشئة .
تدخلات دعمتها سيطرة الميليشيات والأحزاب التابعة لطهران على مفاصل الحكم في العراق، ما سهل في مرحلة موالية، وضع يدها على العملية التربوية، في خطوة راكمت تداعيات خطيرة.
وأثارت هذه التدخلات الرامية إلى تغيير المناهج الدراسية، حفيظة الطلبة وأولياء أمورهم ممن قاموا بإضراب عام موحد في جميع المدارس العراقية يومي 19 و20 ديسمبر/ كانون الأول الجاري.
ناشئة العراق تحت يد طهران
ورغم رفض المكتب الإعلامي لوزارة التربية الإدلاء بأي تعقيب حول الموضوع لـ"العين الإخبارية"، بحجة فراغ منصب الوزير، وعدم تعيين ناطق رسمي للوزارة، إلا أن مسؤولا فيها كشف معلومات مفصلة عن التوغل الإيراني في القطاع التربوي، ومشروع طهران لغسل أدمغة الأطفال العراقيين.
وقال المسؤول، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، مفضلا عدم ذكر اسمه خشية استهدافه من قبل ميليشيات طهران، إن "المناهج الدراسية الحالية جميعها وضعت من قبل السفارة الإيرانية في بغداد، والتي تشرف على طبع المناهج في مطابع إيرانية داخل العراق".
ولفت إلى أن "هذه العملية مستمرة منذ عام 2007، بحسب اتفاق بين وزارتي التربية العراقية والإيرانية في عهد وزير التربية خضير الخزاعي الموالي لطهران".
وشمل الاتفاق، في حينه، إلى جانب إشراف إيران على وضع المناهج وطبعها، فتح مدارس في غالبية المدن العراقية وفق القواعد الإيرانية، مؤكدا أن المناهج التي حددها النظام في طهران تعمل على تزييف الحقائق بما يناسب سياسته ومشروعه التوسعي بالمنطقة.
وكشف المسؤول نفسه، عن وجود نحو 20 مدرسة إيرانية في مختلف أنحاء العراق، يتولى التدريس فيها أساتذة من البلد الأول من عناصر "فيلق القدس"، الجناح الخارجي لميليشيات الحرس الثوري الإرهابية.
ولتلك المدارس مناهج خاصة مختلفة عن المناهج التي تدرس في المدارس العراقية، وهي مرتبطة بشكل مباشر بالسفارة الإيرانية ببغداد.
احتلال ثقافي
تسعى إيران من خلال فتح المدارس داخل العراق، إلى إنشاء تعليم موازٍو تماما مثلما فعلت في عملية إنشاء ميليشيات الحشد الشعبي التي تعتبر القوات الموازية للجيش النظامي العراقي، وتمتلك أسلحة متطورة تفوق غالبيتها ما تمتلكه القوات العراقية الأخرى.
وبدأت المدارس الإيرانية عملها في العراق منذ عام 2007، وشهد العام الماضي افتتاح مدرسة إيرانية حملت اسم الإرهابي خميني، في ناحية برطلة ذات الغالبية المسيحية شرق الموصل (شمال)، بعد تحريرها من "داعش"، ما أثار غضب الشارع العراقي.
بدوره، أوضح الخبير السياسي والإستراتيجي العراقي، محمد الحياني، أن الاحتلال الإيراني لبلاده ليس عسكريا فقط، بل ثقافي أيضا، معتبرا أن ذلك أخطر ما يواجهه العراق حاليا.
وقال الحياني، لـ"العين الإخبارية"، إن إيران تنفذ مشروع تجهيل وتعطيل الفكر الراجح في العراق، عبر المناهج الدراسية التي تعتبر جزءا من المشروع التوسعي الإيراني الكبير في المنطقة".
وحمل الحياني الحكومة العراقية المسؤولية، لأنها "لا تتحرك لمواجهة عمليات تجهيل وغسل أدمغة المجتمع التي ينفذها النظام الإيراني وميليشياته ضد العراقيين، بدءا بالأطفال وحتى مراحل متقدمة من أعمارهم".
ومتسائلا: "لا أعلم ما هي المعايير التي اعتمدوها لإعداد هذه المناهج التي لا تتناسب مع التنوع الموجود في المجتمع العراقي؟".
وحذر الحياني من أن المناهج الحالية تزرع التفرقة الطائفية والدينية والعرقية بين مكونات المجتمع، وتزيّف الحقائق التاريخية والعلمية لصالح النظام الإيراني.
وتمخضت متابعة "العين الإخبارية" لمشروع غسل الأدمغة للعراقيين من قبل النظام الإيراني، عن كشف معلومات دقيقة عن إنشاء الحرس الثوري، بالتنسيق مع السفارة الإيرانية في بغداد، والميليشيات التابعة لطهران في العراق، لأكثر من 50 مركزا تعليميا وتدريبيا.
وتحرص طهران وميليشياتها على أن تكون تلك المراكز في شكل مدارس شرعية ومراكز تدريب تستهدف تجنيد العراقيين من سن السابعة وحتى أعمار متقدمة من طلبة الجامعات والمعاهد.
وتنتشر المدارس والمراكز في بغداد وغالبية المحافظات العراقية، وتعمل على غسل أدمغة الطلاب والشباب، وكسب ولائهم العقائدي والسياسي، ويتولى ضباط من فيلق القدس التدريس فيها.
وتنظم هذه المراكز رحلات سفر لهؤلاء الطلاب إلى إيران، بهدف تجنيدهم في صفوف فيلق القدس وجهاز الاستخبارات، واستخدامهم لتنفيذ عمليات استخباراتية وعسكرية في دول المنطقة.
كما ترسل العشرات منهم إلى اليمن ولبنان وسوريا، للقتال ضمن صفوف الميليشيات الإرهابية الإيرانية في تلك الدول.
نفوذ مذهبي
الكاتب والصحفي العراقي، علي البيدر، قال إن الجهات التي عكفت على تغيير المناهج الدراسية في العراق بعد عام 2003، كان هدفها وضع عناوين ومواضيع دينية سياسية.
وأوضح، لـ"العين الإخبارية"، أن تحقيق هدفها يمر "عبر إزالة كل المواضيع التي تشير إلى النظام السابق (صدام حسين)، واستبدالها بما يخدم مصالحها، في محاولة لفرض نفوذ مذهبي يتلاءم مع منهج تلك الجهات، متناسين أن عراق اليوم هو عراق مدني بعيدا عن كل المسميات الفرعية".
ولم يغفل البيدر الجهات الأخرى التي شاركت أتباع إيران في تدمير التعليم في العراق، بهدف تحقيق أرباح مالية طائلة، عبر تغيير المناهج من خلال الفوز بعقود طبعها.
وأكد أن "هذه الأطراف ضغطت على الحكومة من أجل تغيير المناهج التعليمية والتربوية بصورة مستمرة، لتحقيق أرباح من خلال التغيير من أجل السياسة والمال، بحيث وصلت المناهج إلى مراحل متدنية جدا سواء على المستوى العلمي أو حتى الفني أيضا".
aXA6IDE4LjIyNC4zMS44MiA=
جزيرة ام اند امز
US