إيراني وروسي.. مخرجان ممنوعان من مغادرة بلديهما
يثبت المخرجان الممنوعان من العمل بحرية في بلديهما، الإيراني محمد رسولوف والروسي كيريل سيريبرينكوف، أن السينما هي بمثابة رياضة قتالية.
يتزامن الأربعاء انطلاق عروض فيلمي "لا وجود للشر" لرسولوف و"إنفلونزاً بتروف" لسيريبرينكوف في دور السينما الفرنسية، بعد مسارين حافلين بالعقبات.
الجامع المشترك بين المخرجين هو أن فيلميهما حظيا بالتقدير في أكبر المهرجانات السينمائية في العالم، لكنهما لم يتمكنا من مغادرة بلديهما لتقديمهما.
فاز رسولوف عام 2020 بجائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين عن فيلمه "لا وجود للشر" الذي يشكّل رؤية لامعة لموضوع حرية الإرادة وواجب العصيان. وشارك المخرج البالغ اليوم 49 عاماً من مكان وجوده في إيران في احتفال تكريمه.
كان رسولوف وقتها خاضعاً لمنع السفر، إذ حُكم عليه في العام السابق بالسجن عاما واحدا بتهمة الترويج لدعاية معادية للنظام السياسي في إيران، على إثر فيلمه "رجل نزيه" الذي نال جائزة فئة "نظرة ما" في مهرجان كان عام 2017. وبعد نيله جائزة برلين، استدعاه القضاء الإيراني ليبدأ تنفيذ العقوبة، لكنه لم يمتثل.
وسعياً إلى الالتفاف على الرقابة، قرر المخرج في البداية تصوير أفلام قصيرة، إذ تمارس عليها رقابة أقل من تلك الطويلة، ولو أن أفلام رسولوف لا تُعرض أصلاً في بلده.
ولكي يتمكن من الذهاب إلى مواقع التصوير، اضطر إلى التنكّر حيناً، وإلى تعميم سيناريوهات خاطئة حينا آخر، وكان في بعض الحالات يرسل ببساطة شخصاً بدلاً منه، لكنه روى أيضاً أن شرطياً تعرف عليه ذات يوم، فما كان منه إلا أن وضع إصبعه على فمه عانياً بذلك سيلزم الصمت ولن يشي به.
وفي ظروف تصوير صعبة جداً، أنجز رسولوف تصوير فيلمه "لا وجود للشر" الذي يتضمن أربع قصص عن العصيان أو الاستسلام تتمحور على موضوع واحد هو عقوبة الإعدام من وجهة نظر المنفذين وعائلات الضحايا. وتشير تقارير منظمة العفو الدولية إلى أن 246 شخصا أعدموا في إيران خلال العام 2020.
وقال المخرج في مقابلة بالفيديو عرضها المهرجان إن القصص الأربع تستند على تجربته الخاصة.
واعتبر أن "أفضل تعريف للحرية اليوم هو قدرة الأفراد على اتخاذ قراراتهم بأنفسهم". وأضاف "لقد تساءلت غالباً عما يعنيه لشخص ما أن يقول لا لنظام استبدادي".
ورأى أن "قول لا يجعل الحياة أصعب بكثير ولكن، ثمة شيء من الجمال في قول لا".
كذلك حُرم كيريل سيريبنيكوف من السجادة الحمراء. ففيلمه "إنفلونزا بتروف" كان مدرجاً ضمن المسابقة الرسمية في مهرجان كان السينمائي الأخير، لكنّ المخرج الذي منعته السلطات من مغادرة روسيا، لم يتمكن من المجيء إلى المدينة الفرنسية لمواكبة فيلمه.
وهذا الفيلم المقتبس من رواية للكاتب الروسي أليكسي سالنيكوف ويروي التغير السريالي في الحياة اليومية لعائلة من مدينة صناعية في جبال الأورال بعد إصابة أفرادها الثلاثة بالإنفلونزا، يعالج عنف المجتمع المعاصر ويستحضر بلطف طفولة الشخصية، ويتناولها في مشاهد بالأبيض والأسود.
وكان سيريبرينكوف يُحاكم خلال تصوير الفيلم في قضية اختلاس أموال عامة، حكم عليه في نهايتها بالسجن 3 سنوات مع وقف التنفيذ ومنعه من السفر، واضطر إلى تمضية أيامه في محكمة بموسكو.
ويرى مؤيدو سيريبرينكوف أنه يدفع من دون شك ثمن جرأته وانتقاده للاستبداد في روسيا حيث ينحو النظام أكثر فأكثر نحو الرجعية.
وقال المخرج لوكالة الأنباء الفرنسية في مقابلة عبر الفيديو في مهرجان كان أن تصوير الفيلم كان يحصل "في الصباح الباكر، وكل ليلة" ، قبل جلسات المحاكمة وبعدها. وأضاف أن "هذه المرحلة المجنونة" بالنسبة له أصبحت "مرحلة مجنونة" لطاقم الفيلم بأكمله.
أزيح سيريبرينيكوف في فبراير/ شباط 2021 من منصبه مديراً لمسرح "غوغول" في موسكو نظراً لعدم تمديد بلدية المدينة عقده، لكن مشاريعه الفنية لا تتوقف، وخصوصاً في مجال الأوبرا، ويعمل عليها من منزله بواسطة تقنية اجتماعات الفيديو.
aXA6IDMuMTI4LjMxLjc2IA== جزيرة ام اند امز