العراقي ضياء جبيلي: الحركة الثقافية لدينا خاملة ولا تلبي الطموحات
الكاتب العراقي ضياء جبيلي يفضل مجاورة حكايتين بزمنين مختلفين ضمن عمل واحد، أو استدعاء حادث وتوظيفه في مكان وزمان مختلفين
قال الكاتب العراقي ضياء جبيلي إن الحركة الثقافية العراقية خاملة ولا تلبي طموحات المشهد الأدبي والفني، كما أن الإنتاج الأدبي في معظمه كمي ويفتقر إلى الجودة دائماً.
جبيلي روائي وقاص عراقي ولد بالبصرة عام 1977، وحائز على جائزة دبي 2007 عن روايته "لعنة ماركيز"، وجائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي 2017 عن مجموعته القصصية "ماذا نفعل بدون كالفينو"، والقائمة الطويلة لجائزة الملتقى بالاشتراك مع الجامعة الأمريكية في الكويت عن مجموعته القصصية "حديقة الأرامل"، كما فاز بجائزة الملتقى في دورتها الثالثة عام 2018 عن مجموعته القصصية "لا طواحين هواء في البصرة".
وصدر له "لعنة ماركيز" رواية، "وجه فنسنت القبيح" رواية قصيرة، "بوغيز العجيب" رواية، "تذكار الجنرال مود" رواية، و"أسد البصرة رواية"، "حديقة الأرامل" قصص، "ماذا نفعل بدون كالفينو" قصص، "الاسم على الأخمص" رواية، "لا طواحين هواء في البصرة" قصص، "ساق الفرس" رواية 2019.
يرى جبيلي في حواره مع "العين الإخبارية" أن لا شيء يمكن أن يكون بمستوى ما حدث من دمار ومأساة في العراق، بما في ذلك الكتابة، سواء كانت شعراً أو سرداً، لكن هناك محاولات لتجميع كل هذا الدمار، وتحويله إلى كتابة فنية تلمّح وتوضح ما حصل، وإلى نص الحوار.
ما الذي أضافه لك الفوز بجائزة الملتقى في القصة بدورتها الثالثة؟
بخلاف الجانب المادي، والجانب المعنوي ترجمت مجموعة "لا طواحين هواء في البصرة "إلى اللغة الإنجليزية، وهذه مسؤولية كبيرة أن تنتج عملاً أفضل بسمات جديدة غير مكررة وحديثة.
في "لا طواحين هواء في البصرة" تراوح بين القصص القصيرة جداً والطويلة وتناولت موضوعات الحرب بأسلوب يجمع بين الواقعية والفانتازيا.
تناول موضوعات كالحرب بطريقة التخيل الواقعي لا تلبي ما هو مطلوب طرحه من شناعة وقباحة هذه الحروب، لذا كان اللجوء إلى الغرائبية كحل يضيف إلى الأفكار المزيد من التشويق وإظهار ما لا تستطيع الواقعية وحدها إبرازه في النص.
نعم، تتراوح القصص بين ما هو قصة قصيرة جداً وقصة قصيرة، وقصة قصيرة طويلة نسبياً، باعتقادي، هذا يضيف إلى المجموعة نوعاً من الصدق، فهناك موضوع لا يمكن تناوله بأكثر من 100 كلمة، وموضوع آخر يحتاج إلى 3 صفحات، وموضوع قد يمتد إلى أكثر من 20 صفحة.
قصص المجموعة ترصد انعكاس 3 حروب على العراق، فهل ترصد الرواية الواقع العراقي بعين المثقف والكاتب؟
لا يمكن رواية الواقع العراقي من خلال القصص، فهو واقع شائك، متشعب، ويحتوي على الكثير من المطبات. لكنني في هذه المجموعة حاولت تقصي أبرز ما يكتنف هذا الواقع عن طريق التلميحات، فالقصة تلمّح على العكس من الرواية، وضوء يُسلط على الحدث لجلب الانتباه إليه، لكن النهايات المشبّعة المذيّلة بأشبه ما يكون بالصدمة ومخالفة التوقع، جعلت ما يراد قوله أكثر التماعاً.
وفي الحقيقة، أنا لا أنظر إلى الواقع العراقي عندما أكتب بعين المثقف أو الكاتب، إنما أحاول التجرّد من كل صفة.
صدر لك العديد من الأعمال الروائية، ما الذي يربط بينها؟
ليس هناك رابط معين بين عمل أكتبه وآخر، فلكل رواية خصوصية وثيمة محددة عادة ما تكون مركزية، تدور حولها الثيمات الفرعية التي تطور الأحداث، لكن هناك في بعض الروايات قاسم مشترك وهو التاريخ وتناول الحادث بأسلوب التخيل التاريخي بحسب الناقد الدكتور عبدالله إبراهيم.
عادة ما أسقط الماضي على الحاضر من أجل المقاربة والخروج بعمل يحتوي على أزمنة متعددة.
أميل دائماً إلى مجاورة حكايتين بزمنين مختلفين ضمن عمل واحد، كما هو الحال في رواية "تذكار الجنرال مود"، ورواية "الاسم على الأخمص"، أو استدعاء حادث كبير وتوظيفه في مكان وزمان مختلفين، ويمكن ملاحظة ذلك في رواية "بوغيز العجيب".
يغريني جداً الاشتغال على الرواية من منظور ما بعد حداثي، كما يتبين ذلك في روايات عدة.
ما ملاحظاتك على الحركة الثقافية والمشهد الأدبي العراقي الآن؟
إذا كان المقصود بالحركة الثقافية نشاط واهتمام حكوميين فأعتقد أنها حركة خاملة لا تلبي طموحات المشهد الأدبي والفني في العراق، ليس هناك مسرح أو سينما ولا دراما جيدة.
هناك كم في الإنتاج على المستوى الأدبي لكنه يظل يفتقر إلى النوع دائماً.
ورغم ازدياد نسبة القراءة لكن هناك تسطيح فظيع ترتكبه شريحة من القراء السلبيين.
هناك من يتحدث عن تراجع دور المثقف العراقي حالياً مقارنة بفترة الستينيات، فكيف ترى درجة تأثير المثقفين في حاضر البلد؟
إذا أردنا التحدث عن تراجع المثقف العراقي، فعلينا العودة إلى أواخر السبعينيات، وطيلة فترة الثمانينيات، مروراً بالتسعينيات، وصولاً إلى حقبة ما بعد الاحتلال الأمريكي البريطاني، أي أن التراجع ليس وليد هذه المرحلة.
أعتقد أنه بدأ بشكل فعلي منذ نهاية السبعينيات، لتأتي بعدها الحرب مع إيران وعسكرة المجتمع والآداب والفنون، التي استقطبت الكثير من المثقفين، ثم حرب الخليج الثانية والحصار، ثم الحرب الأخيرة وما بعدها، التي أظهرت الكثير من سلبيات المثقف تجاه راهن البلد وما يعيشه من تقلبات سياسية، وانقسامات طائفية وغيرها من الظاهر.
هل استطاع الأديب العراقي من خلال منجزه الإبداعي كشاعر وقاص وروائي أن يرتقي إلى حجم الدمار والفجيعة والمأساة التي يعانيها العراقيون؟
لا شيء يمكن أن يكون بمستوى ما حدث من دمار ومأساة في العراق، بما في ذلك الكتابة، سواء كانت شعراً أو سرداً، لكن، هناك محاولات لتجميع كل هذا الدمار وتحويله إلى كتابة فنية، تلمّح وتوضح ما حصل، وهو على العكس مما تذكره وسائل الإعلام والأخبار وكتب التاريخ المليئة بالأكاذيب والتسويف.
الأدب معني بالدرجة الأولى في إظهار تفاصيل هذه المأساة في إخراجها وتقديمها للعالم، بالشكل الذي ينبغي عليه أن يكون مفهوماً للآخرين الذين لا يعرفون شيئاً.
aXA6IDMuMTMzLjE0NC4xNDcg جزيرة ام اند امز