ثورة فنية بساحة التحرير في بغداد.. هيا نرسم عراقنا
بغداد ومدن متفرقة أخرى في الوسط والجنوب تشهد احتجاجات دخلت شهرها الثاني تطالب بـ"إسقاط النظام".
يُترجِم المحتجون في ساحة التحرير بوسط العاصمة العراقية بغداد مطالبهم التي يسعون من خلالها إلى "إسقاط النظام"، عبر جداريات ملوّنة يظهرون فيها الحال التي يأملون أن تكون عليها بلادهم.
تبدو فاطمة حسام (20 عاماً) التي ترتدي قفازات بلاستيكية تغطيها الألوان، مشغولة جداً بتوجيه فريق رسامين لتنفيذ جدارية، الجمعة.
وترسم فاطمة جدارية على جانب نفق يمتد تحت ساحة التحرير لامرأة تلوح بشعار رئيسي للمتظاهرين يقول "نريد وطن".
وتقول هذه الشابة التي تضع حجاباً وردياً: "لدينا الكثير من الفنانين في بلدنا، لكن ليس لديهم أي مكان للتعبير عن فنهم، لذا قررنا استخدام ساحة التحرير من أجل ثورة فنية إضافة لثورة بلادنا".
وتشهد بغداد ومدن متفرقة أخرى في الوسط والجنوب احتجاجات دخلت شهرها الثاني تطالب بـ"إسقاط النظام"، انطلقت الموجة الأولى منها في الأول من أكتوبر/تشرين الأول، ثم عادت، بعد أسابيع من التوقف لتستأنف في 24 من الشهر ذاته، لكنها قوبلت بعنف من السلطات أدى إلى مقتل نحو 300 شخص حتى الآن.
على مسافة قريبة، يقف شقيقها الأكبر يراقبها بفخر كبير، لأن ما تقوم به يمثل خرقاً للتقاليد والأعراف الاجتماعية في العراق الذي يعد بين أدنى دول العالم من حيث معدلات توظيف النساء، وتسود فيه تقاليد دينية وعشائرية.
ويقول الرسام محمد عبدالوهاب (23 عاما) الذي يتحلق حوله عشرات آخرون على جانب النفق الذي غطت لوحات جدارية عشرات الأمتار من جدرانه: "نحن جيل التغيير، وهذا التغيير نحو الأفضل".
ويواصل بجهد رسم خارطة للعراق باللون الأبيض على خلفية سوداء، ليتدرج إلى حافاتها برسم شعارات كتلك التي رفعها محتجون في ساحة التحرير.
ويضيف: "نريد إعادة الألوان والفرح"، في العراق الذي عانى خلال 40 عاماً من حروب متتالية وحصار وعنف طائفي واعتداءات من تنظيمات إرهابية.
في غضون ذلك، يكتب رسام آخر كلمة "حب" تضعها أيادي ملطخة بالدماء، مشيراً إلى أنَّ عشرات "الشهداء" سقطوا منذ الأول من أكتوبر/تشرين الأول.
يعتقد محمد عباس (38 عاماً)، وهو بغدادي يقطع طريقه صباح كل يوم عبر النفق منذ 16 عاماً للوصول إلى عمله، أنَّ الهدف تحقق.
ويوضح هذا الرجل مفتول العضلات أنّه "من 16 سنة، لم أر هذا المكان جميلاً بهذا الشكل، فعلاً بلدنا بحاجة لهذا، عادة، تكون الجدران قذرة ويغطيها السواد"، بسبب التلوث في العاصمة التي يصل عدد سكانها إلى 10 ملايين نسمة، وتعاني من اختناقات مرورية يومياً.
ويرى عباس وهو يواصل سيره باتجاه موقع الاحتجاجات المطالبة بالقضاء على الفساد في البلاد، أنَّ "الشباب نجحوا في تحقيق ما لم تفعله الدولة، رغم إنفاقها المليارات على بغداد".