العراق بـ2020.. "كماشة" كورونا وانتهاكات إيران وتركيا

فيروس خبيث قلب إحداثيات الحياة بالعراق كما في باقي دول العالم، واغتيالات تحمل بصمات إيرانية بالبلاد أعادت الوضع الأمني لمربعه الأول.

أزمتان يرى مراقبون أنهما ألقتا بظلالها على العراق في 2020، في عواصف أججتها الانتهاكات التركية للسيادة العراقية، ما يرسم سيناريوهات ضبابية لمستقبل بلد تتقاذفه الأزمات الداخلية والأطماع الخارجية.

• مؤشرات على تحرك إيراني ضد المصالح الأمريكية بالعراق

أحداث مكثفة لبدت سماء العام الذي يتأهب للرحيل بسحب داكنة، وسط مساع من الحكومة العراقية الحالية لتبديدها، من أجل كبح التدخل الإيراني بشؤون البلاد، ومجابهة التدخلات التركية ومعالجة مؤشرات الاقتصاد المحلي.

أزمة كورونا

فالعراق سجل أول إصابة بفيروس كورونا في 24 فبراير/شباط الماضي 2020، لوافد إيراني في مدينة النجف، فيما سجل أول وفاة جراء الوباء في 4 مارس/آذار الماضي، لرجل سبعيني في محافظة السليمانية بإقليم كردستان شمالي البلاد.

وكانت السلطات المحلية في العراق، قررت في 25 فبراير/شباط الماضي، تعليق الدراسة في 8 محافظات عراقية ومنع زيارة السجناء، خشية تفشي الفيروس، بعد تسجيل 5 حالات إصابة مؤكدة في البلاد.

وانسحبت تداعيات التعطيل وشبه الإغلاق على الوضع الاقتصادي والمعيشي وما ترافق معه من انخفاض في أسعار النفط وفقدان الآلاف من فرص العمل.

ولاحقا، وتحديدا في 24 يونيو/حزيران، اضطر البرلمان للمصادقة على قانون تم تقديمه من حكومة مصطفى الكاظمي للاقتراض الأول لتأمين رواتب موظفي الدولة ومن ثم مصادقة أخرى على قانون الاقتراض الثاني في 12 نوفمبر/ تشرين الثاني.

وفي 13 أكتوبر/تشرين الأول، قدم الكاظمي برنامجه الإصلاحي ضمن ما يعرف بـ"الورقة البيضاء"، تضمنت فقرات وبنوداً لمعالجة الوضع الاقتصادي وتعظيم موارد العراق لسد العجز الحاصل في الإيرادات العامة .

مليشيات إيران

في 8 يناير/كانون الأول الماضي، هاجمت طهران قاعدة "عين الأسد" غربي العراق، حيث تتواجد قوات أمريكية، مستخدمة 6 صواريخ باليستية، غير أن خطأ شاب إطلاق أحدهما فاعترض طائرة أوكرانية فوق الأجواء الإيرانية، ما أسفر عن مقتل جميع ركابها.

عقب ذلك، رفعت مليشيات إيران درجات التصعيد بمهاجمة السفارة الأمريكية في بغداد وأرتال التحالف الدولي لمحاربة داعش، ضمن عمليات ما تسمى بـ"الثأر"، لمقتل الإرهابي الراحل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني.

وبدأت  الفصائل الإيرانية في العراق أو ما يعرف بـ"فصائل الكاتيوشا"، على مهاجمة المصالح الأمريكية ومقار قوات التحالف الدولي بشكل متفرق وبين فترات زمنية متقاربة، حتى أضحت عمليات الاستهداف وضعاً سائداً وحالة معتادة عليها من قبل سكان بغداد.

وفي 23 يوليو/تموز، اختار رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، الدخول في مواجهة مباشرة مع فصائل عراقية موالية لإيران ومتهمة بتنفيذ هجمات الكاتيوشا، وذلك خلال عملية اقتحام لمقر تابع لمليشيا "كتائب حزب الله"، في منطقة الدورة جنوبي بغداد، أسفرت عن اعتقال 14 عنصراً .

أعقب تلك الحادثة تحرك حكومي عسكري في 11 يونيو/تموز لاسترداد المنافذ الحدودية في جنوب العراق وشرقه من سطوة المليشيات المسلحة، ضمن ما سميت بـ"حرب الأشباح".

وفي خضم تلك الأحداث، عاد مشهد اغتيال الناشطين والكتاب من أصحاب الأقلام الحرة من قبل جماعات مجهولة يُتهم بتبعيتها لإيران.

وبدأت الموجة في 6 يوليو/تموز حين فتح مسلحون النار على الأكاديمي والخبير الأمني هشام الهاشمي ، وأردوه قتيلاً أمام منزله بمنطقة زيونة شرقي بغداد.

وتكرر المشهد ذاته مع ضحية أخرى، بعد أن أطلق مسلحون مجهولون، في 14 أغسطس/آب، النار على الناشط تحسين أسامة الخفاجي، وذلك عندما اقتحموا مركزاً لتقديم خدمة الإنترنت يعود له في شارع البهو وسط البصرة، ما أدى لمقتله على الفور، إضافة لإصابة شخص مدني صادف وجوده في المركز لحظة الاقتحام.

الطبيبة ريهام يعقوب، وهي من أبرز الناشطات العراقيات، اللواتي شاركن في الاحتجاجات منذ انطلاقها قبل نحو عامين، قتلت أيضاً في هجوم نفذه مسلحون في 19 أغسطس/آب، الماضي، باعتراض سيارة كانت تُقلّها مع ثلاثة من صديقاتها وسط مدينة البصرة.

انتهاكات تركيا

خلال عام 2020 عادت الانتهاكات التركية للأراضي العراقية، ما أثار غضب بغداد، وبلغ حد مطالبتها مجلس الأمن الدولي بالتدخل لردع أنقرة.

ففي 14 يونيو/حزيران، أعلنت الحكومة التركية إطلاق عمليتين عسكريتين باسم "مخلب النمر"، بذريعة مطاردة عناصر حزب العمال الديمقراطي الكردستاني شمالي العراق، بدعوى أن الحزب منظمة إرهابية.

انتهاكات دفعت بغداد إلى تسليم السفير التركي لديها مذكرة احتجاج على التدخلات والخروقات السيادية.

ورغم الإدانة المحلية والدولية للعمليات العسكرية التركية في العراق، إلا أن أنقرة استمرت في تنفيذ حملتها البرية والجوية عند المناطق الحدودية للشريط المحاذي لإقليم كردستان، دون الاكتراث لسقوط الضحايا من المدنيين العراقيين ، فضلاً عن الأضرار المادية البالغة التي لحقت بالممتلكات العامة والخاصة للعراقيين.