سيناريوهات التحالفات بالعراق.. مغازلة الصدر وعقبة "الحشد الشعبي"
تدور في كواليس صناع السياسة بالعراق اتصالات سرية، ومقترحات، لبناء تحالف يفضي إلى تشكيل الحكومة، بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة.
ولا تشير الخارطة السياسية إلى غموض كبير في المشهد، لكن التحالفات المرتقبة ستكون معقدة، خصوصا مع المهلة التي أتاحتها المفوضية العليا للانتخابات، بتأخيرها إعلان النتائج الرسمية، التي ستكشف بشكل نهائي تركيبة البرلمان العراقي الجديد.
وفتحت الانتخابات العراقية التي حلّ فيها التيار الصدري في الطليعة مع تراجع الكتلة الموالية لإيران، وفق النتائج الأولية، الأبواب أمام لعبة المفاوضات لاختيار رئيس جديد للوزراء وتشكيل حكومة، فيما يبدو أن المسار سيكون معقداً وطويلاً في ظل برلمان متشرذم.
ولن تصدر النتائج النهائية الرسمية قبل أسابيع، ما يؤشر إلى تعقيدات قد تطبع المشهد السياسي القادم، وتؤدي إلى تأجيل التوافق بين الكتل على حصص في الحكومة، فيما يلعب كل طرف بأوراقه المتاحة، لكي لا يخسر نصيبه من الكعكة السياسية.
وفي تقرير لها نشرت وكالة "فرانس برس"، تحليلا حول ما يمكن توقعه لجهة اختيار رئيس الحكومة المقبل، وكيف ستتشكّل التحالفات، متسائلة عن أي دور قد تلعبه إيران، التي تقف وراء تحالف "الفتح" ممثل مليشيات "الحشد الشعبي" في الساحة العراقية.
سيناريوهات التحالفات
لا يملك أي طرف أغلبية واضحة في البرلمان حتى الآن، رغم بروز التيار الصدري الذي يتزعمه الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، كالكاسب الأول في الانتخابات مع حصده أكبر عدد مقاعد، وفق النتائج الأولية (73 من 329).
ويرى الباحث في مركز "كارنيجي" للأبحاث حارث حسن أن هناك سيناريوهين محتملين، يتمثل أولهما بإحياء "التحالف الشيعي"، إذا بذلت جهود لإقناع أو إرغام الصدر على القبول بصيغة جديدة لتقاسم السلطة، مع مرشح تسوية كرئيس للوزراء، واتفاق على بعض "المبادئ" الإصلاحية، مثل مستقبل وهيكلية الحشد الشعبي، الذي يشكل عقبة أمام إنهاء المظاهر المسلحة بالعراق.
ويشير مصدر في تحالف "الفتح" الذي يمثل فصائل "الحشد الشعبي" الموالية لإيران، لـ"فرانس برس" إلى أن "قادة بارزين في الفتح اقترحوا على ممثل للتيار الصدري الدخول في تحالف مع كيانات شيعية بينها الفتح في البرلمان؛ بغية تشكيل الحكومة المقبلة"، لكن ممثل التيار لم يرد على الاقتراح.
وبعدما كان القوة الثانية في البرلمان السابق مع 48 مقعداً، حاز تحالف الفتح نحو 15 مقعداً فقط في انتخابات العاشر من أكتوبر، بحسب النتائج الأولية.
أما السيناريو الثاني بحسب الباحث حارث حسن هو تحالف غالبية، وهو محتمل، ما لم يخضع الصدر لضغوط من منافسيه الشيعة، وبالتالي، قد "يتجه إلى التحالف مع زعيم الحزب الكردستاني الديموقراطي مسعود بارزاني وزعيم تحالف تقدّم السني محمد الحلبوسي وأحزاب صغرى".
ويرى باحث مركز "كارنيجي" أن مثل هذا السيناريو سيؤدي إلى تشكيل حكومة بسهولة، لكن الباحثة في "مجموعة الأزمات الدولية" لهيب هيجل ترى أن التيار الصدري "لا يستطيع أخذ الدعم فقط من الأحزاب السنية والكردية، بل ينبغي أن يبدأ التوافق من البيت الشيعي أولاً".
الفوضى قادمة وسيناريو ثالث
ويرى حسن أن هذين السيناريوهين لا يلغيان احتمال حصول "تصعيد نحو نزاع مسلح وفوضى" في بلد تمتلك فيه غالبية الأحزاب جناحاً عسكرياً، حسب قوله.
ورغم تراجعها، لا تزال القوى الموالية لإيران قادرة على تعزيز موقعها من خلال تحالفات أو انضمام مستقلين إليها، بالإضافة إلى نفوذها الناتج عن دعم طهران والسلاح، إذ يمكن أن تتحالف مع كتلة "دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي المقرب أيضاً من إيران والتي فازت بنحو 35 مقعداً.
من يقود الحكومة القادمة؟
لا مرشحين واضحين حتى الآن لرئاسة الحكومة، ويعتمد اختيار رئيس الوزراء بالعراق على لعبة التحالفات بين الأطراف الأكبر حجماً في البرلمان، وقدرتها على الضغط. وتطلّب اختيار رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي، بعد استقالة سلفه عادل عبد المهدي على وقع الضغط الشعبي، خمسة أشهر.
ورغم أن مقتدى الصدر كرّر مراراً رغبته في تعيين رئيس وزراء من تياره، لكن لا تعتقد باحثة "الأزمات الدولية"، أنه سيفعل ذلك في نهاية المطاف، إذ تقول إنه "لا بد أن يكون مرشح توافق".
أما حسن فيرى أنه مصطفى الكاظمي لا يزال يملك حظوظاً قوية للبقاء في المنصب، وإن كان لا يملك حزبا، وليس نائباً منتخباً في البرلمان، وهي صفات ترى هيجل أنها "ملائمة"، لأن ذلك لا يضع الأحزاب في الواجهة مباشرةً.
وتضيف هيجل، معتمدة على طرحها في مواصفات رئيس الوزراء المحتمل "ربما قد يقع الاختيار على شخص معروف في الوسط السياسي العراقي لكن لا يملك انتماء سياسياً واضحاً".
موقع المستقلين
تمكنت حركة "امتداد" التي تقول إنها منبثقة من الحركة الاحتجاجية التي قامت عام 2019 في العراق، من كسب نحو تسعة مقاعد وفق النتائج الأولية، منها خمسة في الناصرية في جنوب البلاد، حيث تركزت التظاهرات قبل عامين. وفاز كذلك عدد ممن يقدمون أنفسهم على أنهم مستقلون.
وما لم تبتلع الكتل السياسية الكبرى هؤلاء في تحالفاتها، قد "تشكّل معاً تكتلاً من قرابة 20 نائباً" يمكن أن يلعب دور "معارضة قادرة على ترجيح كفة الميزان في التصويت على بعض القوانين"، كما تشرح الباحثة في الأزمات الدولية، هيجل.
ولتكون فاعلة "لا بد لتلك القوى أن تضع استراتيجية واضحة للإصلاح وتفعيل الرقابة البرلمانية والعمل في الوقت نفسه على بناء وتوسيع تنظيم ذي قاعدة شعبية والتنسيق مع المجموعات الاحتجاجية الأخرى التي لم تشارك في الانتخابات"، برأي الباحث حسن.
aXA6IDMuMTI5LjQyLjE5OCA= جزيرة ام اند امز