أبرزها صراع النفوذ.. الإطار الشيعي بالعراق تتجاذبه الخلافات قبل الانتخابات
يستعد العراق لإجراء سادس انتخابات برلمانية منذ عام 2003، في ظل مشهد سياسي منقسم وتحديات متزايدة تهدد تماسك البيت الشيعي، خصوصاً داخل الإطار التنسيقي الذي يقود الحكومة الحالية.
الانتخابات الأخيرة التي جرت في أكتوبر/تشرين الأول 2021 حملت مفاجآت كبيرة على خلفية احتجاجات 2019، من أبرزها قانون انتخابي جديد بدا أكثر تمثيلاً وعدالة، وفوز كاسح لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، إلى جانب بروز مرشحين شيعة مستقلين.
لكن الانتخابات المقررة في 11 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري ستكون مختلفة، وفقا لخبراء، إذ تم إلغاء القانون السابق لصالح نموذج انتخابي يمنح أفضلية للأحزاب الكبيرة، كما أعلن الصدر مقاطعة تامة، وتراجعت فرص المستقلين.
تحالف مضطرب
الإطار التنسيقي، الذي تشكّل عام 2021 لمواجهة صعود مقتدى الصدر، يضم غالبية القوى الشيعية المرتبطة بدرجات متفاوتة بإيران. وبرغم أنه حافظ على تماسكه النسبي، فإن خلافات حادة تشق صفوفه قبيل الانتخابات، ما يشكّل تهديداً لمستقبل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ومساعيه للبقاء في منصبه، حسب الخبراء.
5 ملفات خلافية
الخلافات تشمل ملفات كبرى: الموقف من النظام السوري الجديد بقيادة أحمد الشرع، حدود العلاقة مع إيران، قانون غير مكتمل بشأن الحشد الشعبي اعترضت عليه واشنطن، وتضارب المصالح الاقتصادية بين الأحزاب الشيعية.

إلا أن الانقسام الأعمق يتمثل في التنافس بين السوداني وسلفه نوري المالكي، اللذين يسعيان إلى قيادة الحكومة المقبلة.
صراع النفوذ
ويتوقع مراقبون أن يحقق السوداني أغلبية المقاعد الشيعية، لكن المالكي يسعى لإضعافه عبر التشكيك في أدائه الحكومي، واتهامه باستغلال موارد الدولة في حملته الانتخابية، وانتقاد علاقاته الإقليمية.
في المقابل، يعتمد السوداني على موقعه التنفيذي لتعزيز حضوره، عبر إطلاق مشاريع إعمار وتوقيع اتفاقيات مع شركات غربية كبرى مثل "BP" وإكسون موبيل، وزيارات متكررة إلى عواصم إقليمية وعالمية، إلى جانب التوسط لاستئناف تصدير نفط كردستان.
عدد من مرشحي ائتلاف المالكي من بينهم عالية نصيف، وحنان الفتلاوي، وحسن الخفاجي وغيرهم، انضموا أخيراً إلى قائمة السوداني الانتخابية "الإعمار والتنمية"، في إشارة إلى تحوّل في موازين القوة داخل الإطار.
قلق شيعي
وقالت مصادر سياسية لـ"العين الإخبارية"، إن "هناك مخاوف تفاقمت لدى القوى الشيعية نتيجة تراجع القدرات الإيرانية، وتدمير حزب الله اللبناني وحماس في حرب إسرائيل الأخيرة، وصعود نظام جديد في دمشق".
وأضافت "تخشى هذه القوى أن يؤدي انخفاض المشاركة الشيعية إلى خلل في التوازن البرلماني، خصوصاً في بغداد التي تمتلك 69 مقعداً".

وأوضحت: "لهذا لجأ قادة شيعة مثل زعيم تيار الحكمة الوطني عمار الحكيم إلى خطاب تعبوي مذهبي لحثّ جمهورهم على التصويت، فيما أثار رجل الدين المتشدد وأحد قادة المجلس الأعلى الإسلامي العراقي جلال الدين الصغير موجة غضب بعد محاولة للحشد اعتمدت خطابا طائفيا مما أثار انتقادات واسعة".
ووفق المصادر، فإن "غياب الجنرال الإيراني قاسم سليماني عن المشهد السياسي العراقي سيصعب المهمة على خلفه الجنرال اسماعيل قاآني الذي فشل في توحيد القوى السياسية الشيعية والحد من التصعيد الحاصل بينها في الحملة الانتخابية".
وبينت أن "الجنرال قاآني زار بغداد الأسبوع الماضي ولكنه فشل في وقف التصعيد بين المالكي والسوداني والذي تفاقم بشكل غير طبيعي".
تجاوز الإطار الشيعي
بدوره، قال عباس الموسوي المستشار السياسي للمالكي لـ"العين الإخبارية"، إن المالكي يوجه انتقادات لتصحيح المسار في العملية السياسية لأنه لا يوجد مقدس في المسار السياسي، مبيناً أن "الحكومة الحالية التي يقودها السوداني هي حكومة الإطار التنسيقي، والانتقادات التي طالت السوداني لأنه خرج عن الإطار وتجاوزه".
وأضاف الموسوي: "من الطبيعي أن يتعرض السوداني إلى مثل هذه الانتقادات لأنه خرج عن عباءة الإطار التنسيقي وأصبح متفرداً بإدارة الدولة ونحن لا نستهدف السوداني بشخصه"، وفق قوله.
تصعيد سياسي
في المقابل، قال عائد الهلالي السياسي المقرب من السوداني لـ"العين الإخبارية"، إن الإطار التنسيقي يشهد نوعاً من التوتر الداخلي بعد تصريحات نوري المالكي وائتلافه تجاه السوداني.
وأضاف الهلالي أن "السوداني يطلع الإطار التنسيقي على كل صغيرة وكبيرة، لكنه يمتلك الصلاحية الأساسية في رسم السياسات الخارجية، ما أثار انتقادات داخل بعض مكونات الإطار".
وأوضح أن "السوداني لا يمتلك نفوذاً كبيراً على المكون الشيعي داخل البرلمان، حيث إن كتلته تمتلك نائبين فقط، ما يقلص تأثيره على القرارات الداخلية للإطار التنسيقي".
وأشار إلى أن هناك فرصة كان يجب على الإطار التنسيقي استثمارها، خاصة بعد النجاحات التي حققتها الحكومة في تحسين العلاقات الدولية للعراق وإعادة بناء العلاقة بين الطبقة السياسية والشعب العراقي، بعد حالة الغضب التي سادت الشارع في فترات سابقة.
وفي سياق الخلافات، قال الهلالي: "ينقسم الإطار التنسيقي إلى ثلاثة تيارات: تيار يتقاطع مع السوداني في بعض السياسات، وتيار مراقب يشكل الغالبية وينتظر نتائج الانتخابات المقبلة قبل اتخاذ أي موقف واضح، وتيار آخر متفق بشكل أكبر مع السوداني، داعماً سياساته في الحكومة".
واختتم حديثه بالقول إن هذا الانقسام الداخلي قد يؤثر على مسار الحكومة المقبلة وعلى قدرة الإطار التنسيقي على توحيد مواقفه السياسية قبل الانتخابات المقبلة.
من يربح؟
المنصب التنفيذي الأعلى، أي رئاسة الوزراء، يبقى الجائزة الكبرى بعد الانتخابات. ورغم أن الدستور لا ينص على أن يكون رئيس الوزراء شيعياً، فإن الأعراف السياسية منذ 2003 جعلت هذا المنصب من حصة المكوّن الشيعي، الذي يتولّى "الإطار التنسيقي" مهمة تسمية مرشحه.
ويسعى السوداني إلى ولاية ثانية، لكن خصومه داخل الإطار، وعلى رأسهم المالكي وفصائل من الحشد الشعبي، يخططون لاستبداله. ووفقا لمراقبين، فإنه حتى لو فاز السوداني بعدد مقاعد كبير، يُقدّرها البعض بـ70 مقعداً، فإن ضمان الولاية الثانية يتطلب توافقاً داخلياً.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTYxIA==
جزيرة ام اند امز