العراق يواجه غضب الصحراء.. عواصف ترابية خانقة
تجتاح أغلب محافظات العراق الوسطى والجنوبية، منذ أيام، موجات غبار كثيف تسببت بمصرع 4 أشخاص وإصابة أكثر من 200 بالاختناق.
وتصاعد تأثير هذه الموجات وآثارها البيئية والصحية خلال السنوات الأخيرة؛ جراء فقدان العراق لكثير من المناطق الخضراء واتساع مساحات التصحر فضلاً عن تجريف الكثير من البساتين الزراعية وتحويلها إلى مربعات سكنية.
وقال حميد النايف المتحدث باسم وزارة الزراعة، لـ"العين الإخبارية"، إن "تراجع المساحات الخضراء أصبح يهدد العاصمة العراقية بالتصحر، وحولها إلى مدينة غير صالحة للسكن"، لافتاً إلى أن "20% إلى 30% من المساحات الخضراء مهددة بالتصحر".
ويسجل العراق منذ سنوات انخفاضاً في مناسيب المياه، جراء التجاوزات الحاصلة على مصادر الأنهار من قبل تركيا وإيران مما تسبب بموجة جفاف غير مسبوقة بلغت ذروتها خلال العامين الماضيين وتسببت في تدمير آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية.
ويلفت النايف إلى أن "موجات الغبار المتصاعدة في العراق متأتية من جملة أسباب متراكبة معاً بينها قلة الأمطار وانحسار الغطاء النباتي، فضلا عن تراجع المساحات المزروعة".
وكان حسن الجنابي، وزير الموارد المائية العراقي السابق، قد طرح في يوليو/ تموز2021، مشروعا لعلاج حالة التصحر في العراق عبر تأسيس هيئة أو وزارة مختصة بالحزام الوطني الأخضر.
وأكد الجنابي حينها أن "الحزام الوطني الأخضر يمثل في حال إنشائه، خط الدفاع الأول للعراق، من أجل مقاومة الزحف الصحراوي وإيقافه عند الحدود الغربية لأرض الجزيرة العراقية الخصبة تاريخياً، غربي نهر الفرات، وهو مشروع يمتد من شمال الموصل حتى جنوب البصرة".
ويتكون الحزام من نخيل وأشجار ونباتات وأعشاب وحشائش مقاومة للظروف الصحراوية القاسية التي تسود في العراق ومنها الجفاف ودرجات الحرارة المرتفعة، ويغطي مساحات يتراوح عرضها من 1 – 5 كم حسب الظروف المحلية.
وتقول وزارة البيئة في العراق إن قلة المخصصات المالية هي العائق الأساسي أمام إنشاء مشروع الحزام الأخضر، بالإضافة إلى قلة الموارد المائية الواجب توافرها لري هذه المساحات الشاسعة؛ بسبب الشح المائي الذي يعاني منه العراق خلال العقد الأخير.
مدير عام الدائرة الفنية بوزارة البيئة عيسى الفياض، لفت إلى أن "التغيرات المناخية عامل أساسي في زيادة موجات الغبار، وبحسب الإحصائيات المسجلة من قبل الهيئة العامة للأنواء الجوية، ارتفع عدد الأيام المغبرة من 243 يوماً الى 272 يوماً في السنة لفترة عقدين من الزمن، ومن المتوقع أن تصل إلى 300 يوم مغبر في السنة عام 2050".
وفي هذا الصدد، يقول حميد النايف إن وزارته "تدعم إنشاء الأحزمة الخضراء لبغداد والمحافظات من خلال توفير الأشجار المعمرة مجانا، وهناك مبادرة من الأمانة العامة لمجلس الوزراء بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني لتشجير المساحات الخضراء".
ويوضح النايف أن "نسبة العمل في التشجير مقتصرة حالياً على الجامعات والشوارع الرئيسية، في حين أننا نحتاج إلى برنامج وطني لتشجير العراق يبدأ من المحافظات باتجاه الصحراء، ويمكن من خلاله زراعة النخيل وأشجار الفستق والزيتون، وهذه الأشجار لها منافع مادية كما تسهم بتثبيت التربية وتنقية الأجواء".
ولفت إلى أن "العراق يحتاج بحسب التقديرات إلى 15 مليارا و200 مليون شجرة، وهذا الرقم لا يستهان به، ويحتاج إلى جهود متواصلة ومتابعة مستمرة لتحويل الأراضي الجرداء إلى خضراء".
وشدد النايف على أن "على الحكومة عليها إطلاق برنامج حكومي واضح لتشجير العراق بدلا عن الأمور الترقيعية، وهذا البرنامج يحتوي على فوائد كبيرة وتستطيع الحكومة العراقية تنفيذه دون صرف أموال من خلال استقطاع نسب من الشركات الاستثمارية وجولات التراخيص النفطية لصالح تشجيع المحافظات والعاصمة بغداد على التشجير".
وتبلغ مساحة الأراضي المهددة بالتصحر في العراق نحو 93 مليوناً و734 ألفاً و314 دونماً، أي ما يعادل 23 مليوناً و432 ألفاً و829 هكتاراً، مما يشكل 53.49% من مساحة العراق الكلية، بحسب المتحدث الرسمي باسم وزارة الزراعة.
ويستدرك بالقول:" ان هذه المساحة تحتاج إلى زراعة 11 ملياراً و700 مليون شجرة لمعالجة الأراضي المهددة بالتصحر".
وتابع: "أن المساحة الكلية للأراضي المتصحرة مسبقاً تبلغ 26 مليوناً و778 ألفاً و563 دونماً وهو ما يعادل 6 ملايين و694 ألفاً و641 هكتاراً، أي نحو 15% من المساحة الكلية للعراق"، مشيراً إلى أن "هذه المساحة تحتاج إلى 3 مليارات و347 مليون شجرة".