ليس أجمل من صور الناخبين المقبلين على صناديق الاقتراع بمِلء حريتهم إرادتهم، بعيدا عن منطق الولاء للزعيم والطائفة والمذهب بدلا من الولاء للوطن.
وليس أجمل من صورة عراق عربي جديد ينهض من كبوته، ليعود متمتعا بكامل سيادته على أراضيه كافة، مشاركاً طبيعياً ضمن المنظومة العربية الجامعة.
وليس من المستغرب على العراق، الذي عانى حروبا منذ عام 1980، أن نراه مجسداً في نحو 3 آلاف و200 مرشح يحاولون أن يرسموا خارطة المشهد السياسي الجديد في عراق المستقبل، في ما يشبه عملية إعادة تركيب المكونات السياسية للدولة، في لحظة حرجة من عمر العراق، على أبواب انسحاب القوات الأجنبية منه، مع ما تحمله من مخاطر عودة سيطرة المجاميع الطائفية المتسلحة بأوهام مختلفة لا فروق كبيرة بينها.
ولأن العراق يستند إلى تاريخ عريق ضارب في القدم، وحكمة لم تبدأ بـ"حمورابي" ولم تنته بـ"جلجامش" الذي رأى، فإننا مطمئنون إلى أنّ العراق قادر على ترتيب بيته الداخلي، مع ما يقتضيه الأمر من نفض الغبار عن أثاث البيت، ورفع السيف ونزوله على يد الفساد لقطعها، وزج الفاسدين في الزنازين بحكم القانون.
ولأن العراق بين الدول العربية الأكثر تعرضاً لأزمات خلال العقود الثلاثة الأخيرة، بدءا من غزو أمريكي وصولاً إلى أطراف خارجية ازدحمت كلها على أرضه، وبروز تنظيم "داعش" الإرهابي بأوهامه بين ربوعه، تبين لنا حاجة شعبه الماسة إلى انتخابات حرة نزيهة تصل بأصحاب الكفاءات إلى المكان المناسب تحت قبة البرلمان.
إنّ هذا المشهد البديع، الذي نقلته وسائل الإعلام من توافد العراقيين، بدءاً برئيس الحكومة العراقية، مصطفى الكاظمي، وانتهاءً بآخر مواطن يسكن أقصى نقطة في غرب العراق عند البوكمال، إنما هو مشهد فرح جماعي بعد سنوات القحط والرعب والموت، في معركة ضروس بين العراقيين الشرفاء من جهة، وفريقي الفساد والإرهاب الداعشي والحشدي من جهة ثانية.
آن للعراق أن يستريح، وآن للعراقيين أن يتمتعوا بأبسط مقومات الحياة والحرية والعيش الكريم، في ظل دولة عادلة، وقيادة حكيمة تسعى لترسيخ مكانة العراق دولة محورية في الشرق الأوسط، وفي قلب المنظومة العربية، كونها الدولة ذات الموارد الطبيعية والبشرية الهائلة، التي للأسف لم تُسخّر في سابق العهود لصالح المواطن العراقي.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة