تشكيل حكومة العراق.. السوداني بين المحاصصة والكفاءة
بعد شوط طويل في أزمة تسمية رئيسي الجمهورية والوزراء، بدأت الأزمة السياسية بالعراق شوطا ثانيا مرتبطا بتوزيع الحقائب الوزارية والحصص.
وتتردد أحاديث وأنباء حول نشوب صراع بين الأطراف السياسية الشريكة في الكتلة النيابية الأكبر حول الوزارات وتسمية مرشحيها لهذه الحقائب.
فيما يؤكد رئيس الوزراء المكلف محمد شياع السوداني أن إجراءات اختيار شاغلي الحقائب الوزارية وتوزيعها، غير خاضعة لأي ضغوط حزبية.
وأوضح المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء المكلف، في بيان حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه، أن الإطار التنسيقي الذي ينحدر منه منح الفرصة للكتل السياسية لتقديم مرشحيها للوزارات، على أن يتم ترك الاختيار الأخير للسوداني.
وتابع "يتم ترك أمر اختيار المرشحين لشخص رئيس الوزراء المكلف، بناءً على الكفاءة والنزاهة والقدرة على إدارة الوزارة، ووفقاً للأوزان الانتخابية لكل كتلة".
واستثنى البيان "وزارتي الداخلية والدفاع من المحاصصة، وترشيح شخصيات مدنية أو عسكرية للمنصبين، بما يضمن تحقيق حكومة فاعلة تتفق مع البرنامج الوزاري".
وكان الإطار التنسيقي الجامع للقوى الشيعية باستثناء التيار الصدري أعلن، مساء أمس الخميس، تفويض السوداني باختيار المرشحين لشغل الوزارات، وفق معاييره هو، فيما أكد استثناء وزارتي الدفاع والداخلية من المحاصصة السياسية.
وبعد أيام على تصويت البرلمان على انتخاب عبداللطيف رشيد رئيساً للجمهورية وتكليف الأخير للسوداني بتقديم تشكيلة الحكومة، تحدثت أطراف داخل الإطار التنسيقي عن توزيع وعدد المقاعد الوزارية لكل مكون داخل ائتلاف إدارة الدولة.
ورغم تردد تلك الأنباء إلا أن رئيس الحكومة المكلف لم يؤكد أو ينفي حقيقة تلك الأنباء، وسط ترقب عراقي حذر يستبق مرحلة الإعلان عن الحكومة.
وجرت العادة في الحكومات السابقة أن تحصد القوى الشيعية الفائزة والمتصدرة للمشهد على نحو 10 إلى 12 وزارة، فيما لا يتجاوز نصيب السنة عن 7 وزارات، ويحصد الأكراد بين 3 إلى 5 وزارات، وتبقى وزارتان بحد أقصى تقسم ما بين الأقليات.
وتسير الحكومة التي يعمل السوداني على تشكيلها على خطى النسخ السابقة التي تعاقبت على إدارة الدولة منذ 2006، وتتبع نظام التوافقية والمحاصصة التي باتت وصفة غير مرغوب فيها من قبل القوى والشارع الاحتجاجي، كونها دفعت البلاد إلى الضياع وفقدان فرص البناء وشيوع الفساد.
فيما يطمئن ائتلاف (إدارة الدولة) الذي تشكل مؤخراً وجاءت منه الكتلة النيابية الأكبر (الإطار التنسيقي والسيادة والديمقراطي الكردستاني)، الناس بأن حكومة السوداني ستكون ذات خصائص وطبيعة مختلفة في طبيعة اختيار الشخصيات المهنية والأكثر كفاءة.
ويقابل ذلك المسار تحرك معارض من قبل العديد من القوى المدنية والسياسية بينها التيار الصدري وحركة امتداد وحركة وعي، يعاضدها جمهور احتجاجات تشرين 2019، في مقاطعة مجريات تشكيل الحكومة، بعد أن رفعت هذه القوى مطالب بحل البرلمان والذهاب نحو حكومة انتقالية تضمن إجراء انتخابات تشريعية مبكرة.
وكان من المتوقع أن تعرض حكومة السوداني على التصويت في مجلس النواب غداً السبت، إلا أن مصدرا برلمانيا أكد لـ"العين الإخبارية" أنه "لا موعد محدد لهذه الجلسة حتى الآن".
ويتحرك الحزب الديمقراطي الكردستاني نحو العاصمة بغداد للظفر بثلاث وزرات بينها وزارة سيادية، بعد تفاهمات مع رئيس الوزراء المكلف باتت شبه محسومة.
وأكد دلشاد شعبان، عضو الحزب الديمقراطي في حديث مقتضب لـ"العين الإخبارية"، "حصتنا ثلاث وزارات أحدها سيادية وقد رشحنا أسماء لشغل تلك المناصب وهي على طاولة السوداني لتحديد الاختيار الأنسب".
ويضيف شعبان أن "وزارة الخارجية باتت شبه محسومة للحزب الديمقراطي الكردستاني، فضلاً عن وزارة أخرى خدمية"، فيما لم يكشف عن طبيعة الحقيبة الوزارية الثالثة.
ومع تأكيد تحالف إدارة الدولة على أن تقاسم الحقائب الوزارية بين القوى المشكلة للتحالف، لن تؤثر على أداء وقدرة الحكومة المقبلة في مواجهة العديد من التحديات الصعبة، إلا أن مراقبين يشككون في صحة تلك الادعاءات.
الأكاديمي والمحلل السياسي عصام الفيلي وصف، في حديث لـ"العين الإخبارية"، ما يجري من تسويق لعبارات المهنية والكفاءة، بأنه "حلم سياسي لا يمكن تحقيقه في الواقع وفقاً للمدخلات الحالية".
وأوضح الفيلي أن "الخلل يكمن في طبيعة المنظومة السياسية المؤدية إلى تمرير الوزراء واختيار الحكومة، لو كان السياق المتبع كما هو في بعض الدول في منح ترخيص الإقالة من قبل الكتلة الأكبر أو رئيس الجمهورية دون الرجوع إلى البرلمان لكان هناك أمل في وجود شخصيات ذات كفاءة ونزيهة ومقتدرة على أداء المهمة".
وتابع "أن أغلب القوى السياسية المتصدرة تتهم بعضها بعضا بالفساد، وبالتالي كيف يستطيع السوداني فتح ملفات الفساد في الدولة، وهو من جاء بتفويض من هذه الأحزاب؟".
ومضى قائلا "في بعض الدول المتقدمة تمنع أي شخصية متهمة وليس مدانة بالفساد من الترشح إلى البرلمان على الأقل عشر سنوات، لكن إذا تم مقارنة ذلك بالعراق هناك شخصيات متورطة في سرقة المال العام وصدرت بحق بعضها أحكام قضائية، وهم اليوم في دائرة التوزيع الوزاري وتولي الهيئات المستقلة".
aXA6IDE4LjExOS4xMzMuMjA2IA== جزيرة ام اند امز