العراق يترقب يوما ساخنا وسط تأييد لتحذيرات السيستاني
مئات المتظاهرين بدأوا الاحتشاد في ساحات التظاهر بالعديد من المدن للتأكيد على ثبات موقفهم من المطالب المرفوعة منذ نحو شهر من الاحتجاج.
حالة من الترقب يشهدها الشارع العراقي انتظارا لما ستسفر عنه مظاهرات اليوم المنتظرة، والتي باتت تتكرر الجمعة من كل أسبوع وسط استعدادات أمنية مكثفة بعضها منع المحتجين من الوصول إلى ساحات التظاهر.
فمع تصاعد موجة الاحتجاجات الشعبية في العراق، والتي زادت حدتها منذ مطلع الشهر الجاري وأدت إلى مقتل وإصابة 47 قتيلا وجريحا يوم الجمعة الماضي، أغلقت القوات الأمنية بعض الطرق المؤدية إلى ساحة التحرير، وسط العاصمة بغداد، فيما فرضت إجراءات مشددة في بغداد والعديد من المدن تزامنا مع تظاهرة مزمع انطلاقها اليوم الجمعة.
وتشهد مدن العراق ولا سيما بغداد والبصرة والناصرية وبابل والعمارة والديوانية والنجف، تظاهرات واسعة منذ بداية الشهر مطالبة بتحسن الخدمات الحكومية وتوفير الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء وفرص العمل، إلى جانب مطالب سياسية تمثلت في تغيير نظام الحكم في العراق، وتغيير الدستور، وتأسيس حكومة إنقاذ وطنية، وإنهاء الوجود الإيراني والمليشيات المسلحة التي تدعمها.
وحذر المرجع الشيعي بالعراق علي السيستاني، في خطبة الجمعة، كبار المسؤولين في الحكومة وزعماء القوى السياسية بأن يعوا حجم المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقهم وينبذوا الخلافات المصطنعة التي ليس وراءها إلا المصالح الشخصية والفئوية.
وفيما طالب السيستاني بتحقيق مطالب المواطنين وتشكيل الحكومة القادمة في أقرب وقتٍ ممكن، دعا الشعب إلى تطوير أساليبه الاحتجاجية السلمية لفرض إرادته على المسؤولين مدعوما في ذلك من قبل كل القوى التي وصفها بـ"الخيّرة" في البلد، قائلا: "وعندئذ سيكون للمشهد وجهٌ آخر مختلفٌ عما هو عليه اليوم".
زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الذي فازت كتلته "سائرون" بالانتخابات العراقية في 12 مايو/أيار، أيد مطالب السيستاني بعدم قمع المتظاهرين وخرج بتغريدة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" تضامن من خلالها مع أصوات الجماهير.
وقال الصدر: "فساد ثم ظلم ثم قمع ثم غاز ثم ضرب يتبعه جريح وقتيل.. وأسير في سجون الظلم يقبع.. يا قيادي.. يا سياسي أتظن ؟! لا علي .. لا حسين .. لا ولا حتى عمر.. لك يشفع.. أصلح الحكم.. فصوت الشعب يسمع.. صوت مظلوم من الحر فزع.. صوت مظلوم من الفقر جزع.. كفاكم قمعا للمتظاهرين".
أما زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم، فأعرب عن تأييده "المطلقِ" لما وردَ في خطبةِ المرجعية الدينية فيما يتعلقُ بالوضعِ الراهن والمخاطرَ المحدقةِ بالبلاد وتأكيدها على ضرورةِ الإسراع بتشكيلِ حكومة خدومة بوزراء يتصفونَ بالمهنيةِ العاليةِ تعملُ على وفقِ برنام علمي واضح ورصين و اختيارِ رئيس وزراء حازم و قوي للمرحلة المقبلة وحثها الشعبَ على فرضِ إرادتهُ إذا تنصلتْ الحكومةُ والبرلمانُ من وعودهم".
وميدانيا توافد المتظاهرون على ساحة التحرير في بغداد برغم إغلاق قوات الأمن بعض الطرق المؤدية إليها، فيما خرج المئات وسط مدينة الناصرية للمطالبة بالإصلاحات ومحاسبة الفاسدين، وقد ذكرت وسائل إعلام عراقية أن شيوخ الناصرية أمهلوا، مساء اليوم الجمعة، الحكومة مدة يومين لتحقيق مطالب الشعب، وأنهم يهددون بالاعتصامات.
الإجراءات الأمنية الكثيفة التي تشهدها المدن العراقية لم تقتصر على الشرطة وقوات الأمن فحسب، ولكن تشارك فيها أيضا مليشيات مسلحة في البصرة والديوانية وبابل والسماوة والمدن الجنوبية الأخرى.
المظاهرات التي تجتاح أغلب المدن والمحافظات العراقية وتطالب في الأساس بتحسن الأوضاع المعيشية، تأتي في وقت تشهد فيه البلاد أزمة فراغ دستوري دخلتها الحكومة العراقية التي أصبحت حكومة تسيير أعمال منذ الأول من يوليو/تموز الجاري.
وقد فازت قائمة سائرون التي يقودها الزعيم الشيعي مقتدى الصدر بأكبر عدد من المقاعد داخل البرلمان العراقي، حيث حصل على 54 مقعداً من أصل 329.
وحل في المركز الثاني ائتلاف الفتح الذي يتكون من 18 فصيلاً سياسياً ويتزعمه هادي العامري بـ47 مقعداً، كما حصلت قائمة النصر بقيادة حيدر العبادي، رئيس الوزراء العراقي، على المركز الثالث بـ42 مقعداً.
ولكن السلطات العراقية أعلنت بعدها أنها ستعيد النظر في العملية الانتخابية، بعد تجربة أجرتها أجهزة الاستخبارات على ماكينات التصويت التي استخدمت في عمليات الاقتراع، وأظهرت إمكانية التلاعب بالنتائج.
وأقر البرلمان العراقي في جلسة استثنائية عقدها في مطلع الشهر الماضي، إجراء عملية فرز يدوي - لا تزال جارية - لأصوات الناخبين في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وصوّت البرلمان في الجلسة التي عقدت بحضور 172 نائباً على عدد من مواد قانون التعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب العراقي.