العراق يبحث عن حقوقه المائية الضائعة لدى إيران
رغم مرور أكثر من أربعة عقود على توقيع "اتفاقية الجزائر"، فإنها لا تزال تشكل مثار جدل واحتدام بين العراق وإيران في تنازع الحدود المائية.
كان العراق وإيران قد وقعا اتفاقية حسن الجوار أو ما سميت لاحقاً الجزائر في مارس من عام 1975، وتضمنت الاتفاقية تنظيم التدفقات المائية وتحديد نقطة خط القعر عند شط العرب كحدود بين الدولتين.
ويشهد العراق منذ سنوات أزمة مائية ارتفعت حدّتها خلال العامين الماضيين جراء قيام إيران بقطع أكثر من 42 نهراً ورافداً مما تسبب بموجة جفاف غير مسبوقة، قضت على آلاف الدوانم وارتفاع نسب التصحر، بما دفع إلى نزوح مئات العوائل ممن يعتاشون على الزراعة.
كانت وزارة الموارد المائية العراقية بدأت منذ أواخر العام الماضي، بتدويل ملف المياه وأزمتها مع إيران بعد تمسك الأخير بخنق المياه عن الأنهر العراقية.
وعقب ذلك النزاع الطويل الممتد، تعيد بغداد قراءة اتفاقية الجزائر، عبر لجنة من الخبراء لتقييم بنودها القانونية وتعارضها مع مصالح البلاد وخصوصاً ما يختص بالمياه وترسيم الحدود.
يأتي ذلك بعد أن خسر العراق جميع جولاته السياسية والمساعي الدبلوماسية التي بذلها على مدار السنوات الماضية في هذا الصدد.
- وزير المالية العراقي يدفع ثمن انهيار الدينار.. قرار وشيك بمنع السفر
- وقف إمداد الغاز الإيراني يشل الحياة في العراق.. ظلام وصقيع
وترأس مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي الورشة التي بدأت الأربعاء تحت عنوان "اتفاقية الجزائر عام 1975 بين الإلغاء أو التنفيذ"، بحضور رئيس دائرة الدول المجاورة والمستشار القانوني في وزارة الخارجية وأساتذة القانون والدراسات الاستراتيجية في الجامعات العراقية والمختصين في وزارات الدفاع والنقل والموارد المائية ودائرة المستشارين والموانئ العراقية.
وتهدف الورشة مراجعة قانونية وسياسية شاملة لتلك الاتفاقية بما يختص منها في المشكلات المتعلقة بالأنهار المشتركة بين العراق وإيران، فضلا عن مناقشة أوضاع ترسيم الحدود البرية والبحرية والمخافر الحدودية البرية.
وأكدت الورشة خلال أولى جلساتها، على مواصلة الاجتماعات وتوسيع دائرة المشاركة فيها، للخروج بـ"رؤية وطنية موحدة حول هذا الملف".
وانعكست الخلافات بشأن تلك الاتفاقية باندلاع حرب طاحنة بين العراق وإيران، استمرت ثماني سنوات، راح ضحيتها مئات الآلاف من الضحايا لكلا الجانبين.
يقول الخبير المائي، غازي الربيعي، إن "المفاوض الإيراني لديه حرفة عالية للتملص من الاتفاقيات، وفق قوله.
وشدد الربيعي في حديث لـ"العين الإخبارية"، على "ضرورة أن يستعد الجانب العراقي لذلك الأمر بورقة تحمل تشخيصاً دقيقاً لبنود تلك الاتفاقية وتطبيقاتها بما يتلاءم مع مصلحة الأمن القومي للبلاد حتى لا تتكرر أخطاء الماضي وتتسع دائرة التهديد المائي والسيادي.
الخبير في ترسيم الحدود الدولية والمائية، جمال الحلبوسي، يؤيد بشدة فتح ملفات الاتفاقية وتأشير مواضع عدم الالتزام الإيراني بما جاء فيها بشأن مواثيق حسن الجوار.
وحول إمكانية إلغاء ما جاء في ورقة الجزائر، يؤكد الحلبوسي أن الأعراف الدبلوماسية واتفاقيات جنيف لا تسمح بذلك الأمر وإذا ما اضطر لذلك لا بد من الرجوع إلى الاتفاقية التي ما قبلها وهو ما ترفضه إيران لكونها الخاسر الأكبر فيها.
ومنح العراق بموجب تلك الاتفاقية المجرى النهري لشط العرب فيما كان نصيب إيران منها الضفة الشرقية باستنثاء مساحة بحرية تصل لنحو 6 كيلومترات عند منطقتي المحمرة وعابدان.
ومع استفحال أزمة الجفاف والتصحر العاصفة بالعراق وغيره من دول المنطقة، تشير أحدث التقارير التي تصدرها منظمات الإغاثة الدولية المعنية، إلى أن أكثر من 12 مليون نسمة في كل من العراق وسوريا، لا يملكون القدرة على الوصول إلى المياه والغذاء والكهرباء، داعية لاتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة أزمة المياه الحادة.
ويشير التقرير إلى أن أكثر من 7 ملايين مواطن في العراق مهددون جراء فقدان الوصول لمياه الفرات بالإضافة إلى الجفاف، الذي يعرض مئات الكيلومترات من الأراضي الزراعية لخطر الجفاف التام.
aXA6IDMuMTQ0LjE3LjE4MSA= جزيرة ام اند امز