الكاظمي بواشنطن.. سلاح المليشيات و"جنون" أردوغان على الطاولة
المحلل السياسي عبدالناصر جبار يقول إن إعادة العلاقات بين العراق وأمريكا أمر واقع تفرضه المرحلة الراهنة
تشن تركيا عدوانا مسلحا على الأراضي العراقية، متجاوزة بذلك كافة المواثيق والقوانين والأعراف الدولية باختراقها سيادة هذا البلد العربي.
ويقود أردوغان حملة عسكرية مجنونة، منذ مطلع الشهر الماضي، تحت ذريعة مطاردة عناصر من حزب العمال الكردستاني داخل الأراضي العراقية، حيث تسببت الهجمات البرية والجوية في إلحاق أضرار كبيرة بالأرواح والممتلكات العامة والخاصة للعراقيين وبخاصة بإقليم كردستان العراق.
كما تتصاعد حدة الهجمات المسلحة من قبل ما تسمى بـ"مليشيات الكاتيوشا"، التي تستهدف قواعد عسكرية للولايات المتحدة الأمريكية ومصالح لقوات التحالف الدولي في العراق كلما اقتربت سلطات بغداد من خوض تحركات دبلوماسية من شأنها تحرير قرارها السيادي من مقابض الأذرع المسلحة والعودة بالبلاد إلى الحاضنة الإقليمية والدولية .
وعقب وصول رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في حزيران الماضي، إلى رئاسة الحكومة، أصيبت تلك المليشيات بوابل من القلق والاضطراب بعد جملة من إجراءات وعهود حكومية قطعها عقب تسلمه المنصب من بينها انتزاع البلاد من سطوة السلاح المنفلت وتحييد العراق عن الصراع الإقليمي والدولي.
وزاد إعلان الكاظمي عن جولة إقليمية دولية تستهدف طهران والرياض انتهاءً بواشنطن ، من مخاوف وهجمات الأجنحة العسكرية المرتبطة بنظام ولاية الفقيه الإيراني، خشية انتزاع أسباب تواجدها في البلاد تمهيداً لمحاكمتها أمام القضاء بتهم القتل والفساد الفاحش.
وعشية زيارة مؤجلة إلى الرياض في تموز الماضي، تزاحمت صواريخ الكاتيوشا في سماء بغداد وعدد من المدن العراقية ، فسرها البعض على أنها محاولة لقطع الطريق أمام الكاظمي وهو يكسر التابوهات المقدسة لتلك الفصائل المرتبطة بإيران.
كما سبق زيارة الكاظمي لواشنطن المنتظره في 20 من الشهر الجاري، تكثيف الفصائل المسلحة من هجماتها على مصالح واشنطن والتحالف الدولي.
ومنذ الـ24 من يونيو/ حزيران الماضي تم تسجيل أكثر من 11 هجوماً بالصواريخ والعبوات الناسفة استهدف معسكرات لمستشارين وجنود أمريكان ومواكب لشركات متعاقدة مع التحالف الدولي لمكافحة داعش.
وقال المحلل السياسي عبد الناصر جبار ، إن الفصائل المسلحة التي تهدد هيبة الدولة العراقية ليس من مصلحتها أن تكون لبغداد علاقة جيدة مع واشنطن، وبالتالي تسعى لافتعال الأزمات والضغط عبر منصات الصواريخ لمنع ذلك التقارب.
ويشدد جبار ، في حديث لـ "العين الإخبارية"، على أنه" لايمكن أن يبقى العراق طريح الفراش بسبب الخصومات الإقليمية وأمواله تهدى وتنهب ويستنزف اقتصاده تحت مسميات وعناوين معروفة بالولاء والفساد "، لافتاً إلى أن "التطبيع مع واشنطن أمر واقع تفرضه المرحلة الراهنة ولايمكن الذهاب عن هذا الخيار بعيداً ".
وبحسب مصادر حكومية رسمية، سيناقش الكاظمي خلال زيارته المنتظره بعد أيام ، على رأس وفد حكومي يضم عدد من الوزراء والشخصيات الدبلوماسية، أطر التعاون بين البلدين في مجال الطاقة والسلاح والاقتصاد ، فضلاً عن وضع التفاهمات الأولية حول الجولة الثانية من الاتفاق الاستراتيجي الموقع بين بغداد وواشنطن منذ 2008 .
ومن جانبه شدد المحلل السياسي نبيل عرام، على ضرورة أن يعي المفاوض العراقي خطورة المرحلة ومتطلبات المشهد باستخدام كل الأوراق مع الجانب الأمريكي وبخاصة أن بغداد بدأت نحو الخطوات العملية والتنفيذية لتحقيق الانتخابات المبكرة في يونيو/حزيران 2020.
ويعتقد عرام ، خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي يتحرك ضمن مساحات محددة وبالتالي فإذا حلق عيدا عن السرب وخاض في تفاصيل حساسة وجوهرية من بينها ملف التواجد الأمريكي ومصير الفصائل المسلحة غير الشرعية سيكون لتلك الزيارة ارتدادات كبيرة في الشارع العراقي .
ويرجح عرام، أن يعرض الكاظمي خلال زيارته إلى واشنطن ، ملف الاعتداءات التركية على العراق ودعوة الولايات المتحدة إلى الضغط على أنقرة للتراجع عن سياساتها العدوانية وعدم مراعاتها مواثيق حسن الجوار بين الدول.
وتسبب عدون أردوغان على الأراضي العراقية في أضرار كبيرة بالأرواح والممتلكات العامة والخاصة ضمن المناطق الواقعة على الشريط الحدودي لإقليم كردستان .
ورفعت حكومة بغداد من حدة خطابها ومستويات الاحتجاج والإدانة عقب حادثة استشهاد ضابطين عراقيين وإصابة خمسة عناصر من حرس الحدود بغارة تركية، الثلاثاء الماضي، عند منطقة سيدكان بمحافظة أربيل ، فيما هددت باستخدام الرد العسكري والتحشيد الدولي ضد عدوان أنقرة .
ومن جانبه يؤكد المحلل السياسي صباح زنكنة أن "هنالك قوى وجهات داخلية وخارجية تسعى لوضع العصا في دولاب العلاقة الأمريكية العراقية".
وأكد زنكنة لـ"العين الاخبارية" أن "سياسة صنع الأزمات تنشط في العراق بغرض جر البلاد إلى الهاوية ووضعه أمام خياره الأخير وهو التقسيم واللعب على الخرائط "، مبيناً أن "التحدي الأكبر الآن كيفية تطويق خطر سلاح الأحزاب والمليشيات عبر الحوار مع الولايات المتحدة والقوى الغربية ".