انتخاب الرئيس.. هل يتأهب العراق لـ"السيناريو الأصعب"؟
جلسة ثالثة يعقدها البرلمان العراقي لانتخاب رئيس للبلاد، فيما تشي الحيثيات بأن تأمين أغلبية ثلثي الأصوات أمر صعب في ظل كسر النصاب.
واليوم الأربعاء، يجتمع البرلمان العراقي للمرة الثالثة لانتخاب رئيس للجمهورية، بعد أيام من محاولة ثانية أفشلتها مقاطعة نواب وعدم اكتمال النصاب اللازم، ما يفاقم انسدادا سياسيا يحول دون تشكيل الحكومة رغم مرور 5 أشهر على الانتخابات المبكرة.
قفلٌ لا يبدو أن الجلسة الثالثة ستفلح في اختراقه- بحسب مراقبين- وسط حالة الانسداد القائمة بين الإطار التنسيقي؛ المظلة السياسية للقوى الموالية لإيران، وبين تحالف "إنقاذ الوطن" الثلاثي الذي يجمع الكتلة الصدرية بزعامة مقتدى الصدر والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني وتحالف السيادة السني الذي يضم كتلتي "تقدم" بزعامة محمد الحلبوسي و"عزم" بقيادة خميس الخنجر.
ففي حين فشلت جلسة السبت الماضي في تحقيق اكتمال نصاب الثلثين بواقع 220 نواب (من أصل 329)، يعتقد متابعون للشأن العراقي أن جلسة اليوم قد تواجه الإشكال ذاته.
وفي حال فشل الجلسة، سيكون أمام البرلمان حتى 6 أبريل/ نيسان المقبل لانتخاب رئيس، بمقتضى قرار من المحكمة الاتحادية التي تعتبر أعلى سلطة قضائية في العراق.
لكن إذا تخطى هذا التاريخ، فإنه لا يوجد في الدستور العراقي ما يحدّد كيفية التعامل مع المسألة، ولذلك تبقى الاحتمالات مفتوحة في حال لم تتوصل الأطراف المعنية لاتفاق.
وتبعثرت المواعيد الدستورية في العراق جراء طعون قدمتها قوى موالية لإيران بعد أن سجلت تراجعا في الانتخابات التشريعية، فكان أن لجأت إلى التشكيك في النتائج المعلنة لدرء هزيمتها، قبل أن تبت المحكمة الاتحادية في نزاهتها.
انتخابات جديدة؟
سبق أن حذر الصدر من خطوة حل البرلمان أو إعلان حالة الطوارئ في حال فشل جلسة الأربعاء، في سيناريوهات تلوح بأفق المشهد العراقي لكنها قد لا تجد سبيلا للتجسد على أرض الواقع.
فعمليا، لا يمكن حل البرلمان إلا بأغلبية الثلثين وفقًا للمادة 64 من الدستور العراقي، أما إعلان حالة الطوارئ فيتطلب تقديم طلب من رئيس الوزراء إلى مجلس النواب الذي سيكون مجبرًا على التصويت بأغلبيته المطلقة، أي نصف إجمالي نواب البرلمان، ويكون إعلانها لمدة شهر فقط قابلة للتجديد.
خيارات وعقبات تزرع ألغاما بطريق العراق، فيما يعتبر المحلل السياسي حمزة حداد أن الحيثيات الراهنة "قد تقود إلى نقطة يجري فيها الذهاب إلى انتخابات جديدة لكسر الانسداد.
ويقول حداد، في حديث لوكالة "فرانس برس"، إن ما تقدم قد يشكل خطوة لاحقة "في حال ضغط الرأي العام باتجاه المضي قدماً، لكي يجري تمرير أمور على غرار الموازنة العامة".
وعلى خط سباق الرئاسة العراقية يقف 40 مرشحا لكن المنافسة الفعلية تنحصر بين شخصيتين تمثلان أبرز حزبين كرديين: الرئيس الحالي منذ العام 2018 برهم صالح، مرشح حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، ورويبر أحمد، مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني. ويفترض أن يحصل المرشح على أصوات ثلثي النواب ليفوز.
وفي شبه تقليد معمول به في العراق بعد 2003، يعود منصب رئيس الجمهورية تقليديا الى الأكراد، بينما يتولى الشيعة رئاسة الوزراء، والسنة مجلس النواب.
ويتولى الاتحاد الوطني الكردستاني تقليدياً منصب رئاسة الجمهورية، مقابل تولي الحزب الديمقراطي الكردستاني رئاسة إقليم كردستان، بموجب اتفاق بين الطرفين.
شبح المقاطعة
وقاطع جلسة السبت 126 نائباً بناء على دعوة من الإطار التنسيقي، مقابل حضور 202 نائب ينتمون للتحالف الذي يقوده التيار الصدري.
وبما أنه لم يسجل أي تغيير في المواقف خلال الأيام التي تلت الجلسة الثانية، فإن شبح المقاطعة يخيم من جديد على جلسة اليوم، وهو ما أكده النائب بهاء النوري الناطق باسم تحالف دولة القانون، بالقول في تصريحات إعلامية، إنه "لا توجد مباحثات ومفاوضات بشكل جدي وحقيقي، وإذا لم يحصل اتفاق فسنقاطع الجلسة".
ويدفع التيار الصدري، الفائز الأكبر في الانتخابات التشريعية، إلى تشكيل حكومة أغلبية، مؤكداً أنه يملك الكتلة الأكبر مع تحالف من 155 نائباً مع الحزب الديمقراطي الكردستاني وتكتل سني كبير من مجموعة أحزاب أبرزها حزب يقوده رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.
في المقابل، يدعو الإطار التنسيقي الذي يملك تحالفاً بأكثر من 100 نائب إلى حكومة توافقية بين القوى الشيعية الأبرز كما جرت العادة.
وما بين المشهدين، يمضي العراق في نفق مظلم بانتظار ما ستؤول إليه جلسة اليوم، فهل يسقط "الثلث المعطل"؟
aXA6IDE4LjE5MS4yMzcuMjI4IA== جزيرة ام اند امز