"لقاء النجف".. قصة 50 دقيقة دمرت مكانة خامنئي
أقر خبراء إيرانيون بأن لقاء بابا الفاتيكان، البابا فرنسيس، والمرجع الشيعي علي السيستاني، هز مكانة المرشد الإيراني علي خامنئي.
وفي مقال على موقع إذاعة "فردا" الإيرانية المعارضة، قال الخبير الإيراني آرش كنوني، إن "اللقاء غير المسبوق بين بابا الفاتيكان والمرجع الشيعي الأعلى بالعراق يحظى بأهمية كبيرة ليس فقط بسبب المكانة الدينية للرجلين في العالم، وإنما بسبب توقيت اللقاء الحساس في ظل التطورات السياسية بالشرق الأوسط والعالم".
وأوضح: "بابا الفاتيكان يعي جيدا أن السيستاني يتمتع بمكانة ونفوذ كبيرين لدى الشيعة وفي العالم، لأنه زعيم ديني معتدل، لذلك استغل البابا الفرصة والتقى السيستاني في هذا التوقيت المهم".
وتابع: "لقاء البابا فرنسيس والسيستاني يحمل بعدا آخر غير سياسي، لأنه يسهم في رفعة مكانة النجف في العالم الشيعي، وذلك مقابل القطب المنافس الآخر للنجف وهي قُم؛ المدينة الإيرانية التي تحتضن أيديولوجية ولاية الفقيه الإيرانية".
الخبير الإيراني رأى أن "المنافسة بين السيستاني والمرشد الإيراني خامنئي على زعامة العالم الشيعي بدأت منذ تولي خامنئي قيادة إيران، ثم تصاعدت بعد سقوط نظام الرئيس العراقي الأسبق، صدام حسين في 2003".
وأضاف أن "مؤيدي خامنئي في إيران والعراق يقودون حملات إعلامية مضادة للسيستاني في ظل هذه المنافسة، فيما تعجز طهران عن حذف الأخير من المشهدين السياسي والمذهبي في العراق، ولذلك تعمل على الحد من نفوذه".
أما السيستاني، فينتهج أسلوبا يعتمد على "الحيطة" في التعاطي مع تصاعد النفوذ الإيراني في العراق، إذ لا يهاجم شخص خامنئي بشكل مباشر، وإنما يمتنع عن تأييد سياسات طهران وزعيمها خاصة تلك التي تتعلق بسيادة العراق، كما لا يجري أي زيارات لإيران رغم أنها مسقط رأسه، وفق الخبير الإيراني.
ورجع كنوني أن تؤثر زيارة بابا الفاتيكان للعراق على نفوذ خامنئي فيها، موضحا أن "لقاء البابا بالسيستاني سيؤثر بشكل كبير على النفوذ الإيراني بالعراق، بل ويدعم الجبهة العراقية المضادة لإيران".
بدوره، رأى الباحث الإيراني في الشؤون الدينية، حسن فرشتيان أن زيارة بابا الفاتيكان للعراق ولقاءه بالسيستاني "رسالة شبه مباشرة للمرشد الإيراني"، لافتا إلى أن اللقاء لا يصب في صالح مكانة خامنئي لدى الشيعة في العالم الإسلامي.
وقال في تقرير نشره موقع ”إيران واير“ الإيراني المعارض إن "نظام الجمهورية الإسلامية في طهران يدّعي زعامة الشيعة في العالم ويروج بشكل كبير لشخص خامنئي كإمام للمسلمين، في حين أن زعامة الشيعة تقع بشكل طبيعي لدى السيستاني؛ وذلك لأن الأخير بعيد عن أي مناصب سياسية“.
وأضاف "اختيار بابا الفاتيكان زيارة العراق وليس إيران ولقاءه السيستاني وليس خامنئي هي رسالة سياسية ودينية مهمة للغاية، بحيث يرى الكثير من الباحثين الدينيين الشيعة أن هذه الزيارة هي في الواقع نهاية ادعاء إيران للزعامة الروحية للعالم الشيعي".
فيما قالت الخبيرة الإيرانية، سولماز إيكدر إن خامنئي فشل في الترويج لنظرية ولاية الفقيه والتفرد بالزعامة الروحية والسياسية في العالم الشيعي في مواجهة المرجع الأعلى في العراق السيستاني.
وأوضحت في مقال على موقع "زيتون" الإخباري المعارض: "الجمهورية الإسلامية أنفقت مبالغ طائلة خلال العقود الأخيرة للترويج بين شيعة المنطقة والعالم لشخص خامنئي، بينما نسفت زيارة بابا الفاتيكان للعراق ولقاؤه بالسيستاني هذه الجهود الإيرانية في ظرف لقاء امتد لـ50 دقيقة فقط".
ومضت قائلة: "لقاء بابا الفاتيكان بالسيستاني أكد أن خامنئي لا يُمثل زعيم الشيعة في العالم، بل إن زعامة خامنئي داخل إيران ذاتها أصبحت مهددة عند الإيرانيين، حتى بات المرشد الإيراني يتزعم أقلية من المسؤولين والأنصار".
وفي وقت سابق صباح الإثنين، غادر قداسة البابا فرنسيس، العراق، بعد زيارة تاريخية تنقل خلالها بين بغداد والنجف وأربيل في 4 أيام.
وقادت الزيارة بابا الفاتيكان إلى مدينة النجف، السبت، حيث التقى السيستاني في لقاء استمر 50 دقيقة، ومن ثم إلى أور مسقط رأس النبي إبراهيم في محافظة ذي قار الجنوبية.
وأمس، زار البابا فرنسيس أربيل عاصمة إقليم كردستان، حيث أقيم قداس في ملعب حضره أكثر من 10 آلاف شخص.