قمة مصرية أردنية عراقية.. بغداد تتخلص من نفوذ إيران
خطوة بخطوة يعود العراق إلى حاضنته العربية في محاولات جادة وحثيثة منه لانتزاع البلاد من سطوة نفوذ إيران وأذرعها العسكرية.
وتنعقد، بعد ساعات قليلة في العاصمة بغداد، الأحد، قمة ثلاثية تجمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، تأكيداً لرغبة متبادلة لتدشين مرحلة جديدة من العلاقات وأطر التعاون المشترك.
- موجات جفاف غير مسبوقة تحاصر العراق.. ما علاقة إيران وتركيا؟
- بصمات مليشيات إيران.. العراق يحبط قصف قاعدة جوية بصلاح الدين
ومنذ يومين، شهدت بغداد، انتشاراً أمنيا مكثفاً بنشر مركبات عسكرية عند الشوارع العامة، تزامنا مع تلك القمة التي تأتي استكمالا للقمتين السابقتين في القاهرة بمصر والبحر الميت بالأردن.
ونهاية مارس/آذار الماضي، أعلن رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي تأجيل القمة الثلاثية بين العراق والأردن ومصر، التي كان من المقرر عقدها في السابع والعشرين من الشهر ذاته في العاصمة بغداد، بسبب حادث تصادم قطارين في مدينة سوهاج جنوبي مصر.
وأبدت أوساط سياسية وحكومية وشعبية كذلك ترحيباً بانعقاد القمة الثلاثية في بغداد، وأهمية التحرك نحو الأفق العربي بخطوات عملية وواقعية.
ويرى المحلل السياسي، علي الكاتب، أن "القمة المرتقبة ستكون لها نتائج إيجابية على صعيد الدول الثلاث وعلى كل المستويات السياسية والاقتصادية والتنموية لما تمتلكه تلك البلدان من طاقات وثروات يمكن الاستفادة منها في اتفاقيات وبروتوكولات مشتركة".
وأضاف الكاتب، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "النتائج لن تكون محصورة فقط عند أطراف القمة وإنما هنالك آثار وتأثيرات ستنسحب إلى المحيط العربي والخليجي على وجه الخصوص، مما عليه الآن من تطورات متنامية".
وتابع: "كما ستساعد تلك التطورات على تدشين عهد جديد أكثر موثقية بربط العراق سياسيا واقتصاديا مع امتداداته العربية بما يقلل من تأثير النفوذ الإيراني على مراكز القرار السيادي في العراق".
من جانبه، توقع الخبير القانوني، طارق حرب، أن تسجل القمة العربية نجاحاً كبيراً بفتح آفاق جديدة نحو تعاون ثلاثي مشترك، خصوصا أن دوافع اقتصادية أكثر مما هي سياسية تقف وراء انعقاد هذا الملتقى المهم".
وأضاف حرب أن "أهمية انعقاد القمة في جزئها الثالث ببغداد، لا تنحصر على المنافع الاقتصادية فحسب وإنما سيكون لها الأثر الواضح في تبريد صراعات المنطقة والدفع نحو التهدئة".
وبشأن المساعي التي تبديها طهران لعرقلة انعقاد القمة أو التأثير في نتائجها، يقول المحلل السياسي ماهر جودة، إن "إيران بدت متحكمة وذات سلطة مؤثرة في العراق نتيجة ابتعاده عن المحيط العربي وبعودته إلى الحاضنة الدولية ستتضاءل فرص تأثيرها".
ويبين جودة، خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "فرص العراق في استثمار وزنه الجغرافي والجيوسياسي إضافة لما يتمتع بها من ثروات، كبيرة وممكنة وإذا ما توفرت الإرادة الوطنية ستتغير الكثير من معادلات الصراع الدائرة في المنطقة الإقليمية".
واستدرك بالقول: "إيران سعت ما بعد 2003، لملء فراغ التغيير بتصدير بضاعتها السياسية الكاسدة إلى العراق وقد حان الوقت للدفع بها خارجاً وتقليم نفوذ أذرعها العسكرية في الداخل".
وكانت محافظة أربيل، شهدت فجر اليوم، استهدافاً بطائرة مسيرة يتهم بالوقوف ورائها مليشيات عراقية مسلحة تتبع لإيران في هجمات بات متكررة متماثلة التنفيذ خلال الـ3 أشهر الأخيرة.
ويربط الخبير الأمني جاسم الفهد، ذلك الاستهداف بتوقيتات انعقاد القمة الثلاثية في محاولة من بعض الأطراف لعرقلة انعقادها أو لتصدير بعض المليشيات المسلحة على أنها تمتلك التأثير والنفوذ.
ويؤكد الفهد لـ"العين الإخبارية"، أن "الاستهداف الأخير يأتي ضمن محاولات يائسة لن تستطيع إيقاف عجلة انعقاد القمة العربية أو زحزحة عزم رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي من الاستمرار بما بدأه في سحب العراق من المستنقع الإيراني والصراع الدائر مع واشنطن".
وكشفت وزارة التخطيط، في وقت سابق، عن أهم الملفات التي ستتم مناقشتها، اليوم الأحد، في القمة الثلاثية بين العراق والأردن ومصر، مشيرة إلى أن "من بين تلك الملفات موضوع ربط النقل البري بين البلدان الثلاثة والربط الكهربائي".
وقال الناطق باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي في تصريح، تابعته "العين الإخبارية"، إن "القمة الثلاثية تمثل أهمية كبيرة ليس للعراق فحسب وإنما للأردن ومصر أيضاً".
وأشار إلى أن "وزير التخطيط خالد بتال النجم، سيمثل رئيس المجلس التنسيقي العراقي - الأردني - المصري عن الجانب العراقي".
وأضاف أن "هناك ترقبا من بلدان أخرى تنتظر ما سيسفر عن القمة الثلاثية، ورغبات من بلدان بالانضمام الى محور التعاون العراقي المصري الأردني".
وأكد أن "ملفات كثيرة ستكون على طاولة القمة بينها ملفات اقتصادية ولدينا ملف الربط الكهربائي الثلاثي بين العراق والأردن ومصر، الذي يمثل أهمية كبيرة للطاقة في العراق، للمساهمة في سد النقص بهذا المجال".
وأكد أنه "فيما يتعلق بالنقل، هنالك مشروع لوجود خط نقل بري بين العراق والأردن ومصر وشركات سيعلن عنها بوقت لاحق، تتولى عملية النقل البري بأجور مخفضة لمواطني البلدان الثلاث".
وأكد أن "ملف الأنبوب النفطي الذي يمتد من البصرة وصولا إلى ميناء العقبة في الأردن هو الآخر سيكون حاضرا على طاولة الزعماء الثلاث".
ولفت الهنداوي إلى أن "ملفات أخرى تتعلق باستكمال متطلبات إنشاء المنطقة الاقتصادية بين العراق والأردن على الحدود المشتركة بين البلدين ستكون أيضا حاضرة".
وأكد الكاظمي، السبت، أن "الاستقرار والسلم والتعاون والنمو والأمن المشترك ستكون أهداف المرحلة المقبلة في سبيل استعادة الثقة بين البلدان العربية".
وأضاف الكاظمي، في مقال نشرته صحيفة "الصباح" الرسمية، وتابعته "العين الإخبارية"، أنه "من المؤسف أنّ الصراعات التي اتخذت أبعادا على الضد من هذه التوجهات الإيجابية واتسمت بالنزوع نحو المجابهة والتحديات التي بلغت أحياناً حافة الانفلات، أدت إلى إدامة التوترات بين دول المنطقة".
وتابع: "وشكلت بذلك مناخاً لتشجيع التدخل في الشؤون الداخلية وتحويل العامل الخارجي إلى عنصر توتيرٍ وتشديدٍ للأزمات التي أحاطت بمنطقتنا، وأنهكت بلداننا بالبحث عن السبل الكفيلة بالخروج منها".