كركوك تتأهب للأخطر بعد وصفها بـ"المدينة التركية"
مسؤولون من التركمان بكركوك طالبوا الأمم المتحدة بإرسال قوات حفظ سلام إليها، في حين وصف مسؤولون أتراك المحافظة بالتركية
فجّر استفتاء انفصال إقليم كردستان عن العراق "معركة الأعلام" من جديد بين مكونات محافظة كركوك الغنية بالنفط؛ تخللها مطالب بتدخل الأمم المتحدة وادعاء مسؤولين أتراك بأن المحافظة "تركية".
فقد دعا قاسم قزانجي، مسؤول فرع كركوك للجبهة التركمانية العراقية، الأحد، الأمم المتحدة إلى التدخل الفوري وإرسال قوات حفظ سلام إلى كركوك، مبررا ذلك بما وصفه بـ"انعدام الأمن" بها.
وفي بيان حمل عنوان "بيان استنكار" نشره على صفحة الجبهة التركمانية العراقية على "فيسبوك" تذرع قزانجي في هذا الطلب بتعرض بعض التركمان لحوادث سرقة، وصفها بـ"الإرهابية"، بعد السطو المسلح على منزل حسين بهاء الدين رئيس منظمات المجتمع المدني لتركمان العراق.
واعتبر قزانجي أن هذا يدل على ما وصفه بـ"عجز" الحكومة المحلية عن توفير الأمن، و"عجز" الحكومة المركزية عن فرض سلطتها على المحافظة؛ مطالبا الأمم المتحدة بالتدخل وإدخال قوات حفظ سلام إلى كركوك لفرض الأمن بها.
ويأتي هذا في اليوم المقرر أن تشهد العاصمة التركية أنقرة فعاليات يدعي منظموها أن كركوك محافظة "تركية".
فقبل ذلك بيومين علقت بلدية ولاية ميرسين، جنوبي تركيا، علم تركمان العراق إلى جانب علمي تركيا والعراق على مبنى البلدية؛ احتجاجا على ما وصفته بالاستفتاء الباطل الذي قام به الأكراد لفصل إقليم كردستان عن العراق، وشمل الاستفتاء كركوك.
وقالت في بيان، الجمعة، إنها علقت العلم دعما لنشاط سيقام في العاصمة أنقرة يوم الأحد، يهدف إلى توجيه الأنظار إلى "الممارسة القمعية" ضد التركمان في كركوك.
وعلى حد تعبير رئيس البلدية برهان الدين قوجه ماز فإن "مدينة كركوك أرض تركية (تركمانية) مسلمة منذ أكثر من ألف عام".
ودعا قوجه ماز الشعب التركي لإبداء الحساسية اللازمة حيال قضية كركوك، والدفاع عن التركمان فيها، قائلا إنها "ستبقى كركوك تركية (تركمانية) إلى النهاية وإلى الأبد".
وفي إطار الطموحات التركية في كركوك متعللة بحماية التركمان، هدد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو سبتمبر/أيلول الماضي بأن أنقرة ستقوم بعملية عسكرية على الفور حال تعرض "أشقائنا التركمان" لاعتداء فعلي.
وجاءت تصريحاته عقب الخلاف الحاد بين التركمان والأكراد حول استفتاء كردستان، الذي قاطعه التركمان وقالوا إنه "باطل".
وفي يوليو/تموز الماضي أقام حزب الوحدة الكبرى التركي مظاهرة في مدينة إسطنبول للمطالبة بحماية التركمان في العراق، معتبرين أن كركوك "محتلة" من القوات الكردية.
المطالبة بإقليم
وعلى الرغم من أن التركمان يعارضون انفصال إقليم كردستان على اعتبار أن هذا يهدد وحدة العراق، إلا أنهم يبدو أنهم يسيرون على النهج الكردي نفسه، حيث طالبوا في مايو/أيار الماضي بتحويل محافظة كركوك إلى إقليم.
وقدم سياسيون تركمان إلى الحكومة العراقية والأمم المتحدة بجعل كركوك إقليما لذاتها بحجة حماية حقوق التركمان وغيرهم من مكونات.
وتفجر الخلاف مجددا بين التركمان والأكراد في نهاية مارس/آذار الماضي حين صوت مجلس محافظة كركوك على رفع علم كردستان على دوائر المحافظة والمباني الحكومية، إلى جانب العلم العراقي، وهو ما رفضه العرب والتركمان بالمحافظة.
ومحافظ كركوك نجم الدين كريم من مؤيدي الأكراد ومؤيدي انفصال إقليم كردستان.
ويرى التركمان أنه لا يحق للأكراد رفع علم كردستان، غير أنهم لا يمانعون في إمكانية رفع العلم التركماني؛ فرفض علم كردستان يأتي في إطار صراع تاريخي بين القوميتين الكردية والتركمانية حول السيادة على كركوك، التي يطمع الأكراد إلى ضمها إلى كردستان، في حين يحلم التركمان بحكم كركوك.
العلم التركماني
وفي إطار معركة الأعلام، رد آريز عبدالله، النائب عن الاتحاد الوطني الكردستاني، على موقف التركمان من مسألة العلم قائلا إن الجبهة التركمانية (تحالف من أحزاب تركمانية) ترفع علم تركيا في مقراتها.
من جانبه، رد رئيس الجبهة التركمانية أرشد الصالحي على تصريحات النائب الكردي بشأن العلم التركي واصفا إياها بـ"الكذبة المضحكة".
وقال الصالحي إن "العلم المرفوع لدى الأحزاب السياسية التركمانية لا يمت للعلم التركي بصلة.
وتتخذ الجبهة التركمانية العراقية علما يشبه العلم التركي في الهلال والنجمة التي يحيط بها، غير أنه يختلف عنه في أن العلم التركماني فيروزي اللون في حين العلم التركي أحمر.
وينسب التركمان أنفسهم لما يسمونه بـ"العالم التركي"، ويعتزون باللغة التركية، ويخصصون نافذة مخصوصة لأخبار تركيا في موقع الجبهة التركمانية على الإنترنت.
ويسمي التركمان كركوك "تركمن إيلي" أي أرض التركمان.
ويدور صراع بين التركمان والأكراد منذ عشرات السنين حول من الأحق بكركوك؛ حيث يرى التركمان (وهم ينتمون إلى قبائل تركية موطنها الأصلي وسط آسيا) بأنهم السابقون على الكرد في استيطان كركوك قبل مئات الأعوام، والأكثر عددا بها، والأحق بالسيادة عليها.
في المقابل يرى الأكراد أنهم الآن الأكثر عددا والأحق بكركوك إلى جانب مدن كردستان، خاصة بعد عملية التكريد التي جلبت أعدادا كبيرة من الأكراد إلى المحافظة في سنوات سابقة.
وبين هؤلاء وهؤلاء يرى العرب في كركوك أنها محافظة عراقية وتتبع الحكومة المركزية، ولا يجوز أن يرتفع فيها سوى العلم العراقي.
وتوجد مادة مفخخة في الدستور العراقي هي المادة 140، التي وصفت كركوك بأنها متنازع عليها ما بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان؛ ما يعني فتح الباب للصراع حولها.