حزب الله العراقي.. صناعة إيرانية تهدد سيادة بغداد
حزب الله العراقية مليشيات تجسد صناعة الولاء الإيراني في العراق، والمعول المسموم المنغرس بجسد بلد عربي
سوط إيراني مسلط على السيادة العراقية، وناطق باسم أجندة طهران في بلاد الرافدين، يصنع مسار ولاء يستهدف تقويض سيادة بغداد، ويخلق ثغرات تمهد أمامه طريق الانقضاض على مفاصل الدولة.
كتائب حزب الله العراقية، المليشيات التي تجسد صناعة الولاء الإيراني في العراق، والمعول المسموم المنغرس بجسد بلد عربي أثقلته ندوب وكلاء طهران، وعرقلت مساعيه نحو تحقيق الاستقرار والتنمية.
صناعة الولاء
موقع أمريكي مختص في القضايا السياسية الخارجية، عرض تقريراً مفصلاً عن هذه المليشيات التي يشتبه بضلوعها في تنفيذ أغلب الهجمات التي استهدفت السفارة الأمريكية لدى بغداد، والوجود العسكري الأجنبي لقوات التحالف الدولي.
وأشار التقرير الذي نشره موقع "وور اون روكس" إلى ولاء تلك المليشيات لنظام طهران، وارتباطها بأوامرها لمهاجمة خصومها في العراق ولبنان واليمن ودول أخرى.
وأكد التقرير أن المليشيات توسع نفوذها بشكل كبير في السنوات الأخيرة، حيث غدت الوكيل الأكثر موثوقية لإيران لتعزيز طموحاتها في العراق وفي لبنان أيضا.
ولفت إلى وجود العديد من المليشيات المدعومة من إيران ممن تعلن عادة عصيان أوامر بغداد، لكن كتائب حزب الله كانت الأكثر وقاحة، ما أدى إلى تآكل سلطة الدولة العراقية.
وكتائب حزب الله واحدة من الفصائل المنضمة تحت المظلة شبه العسكرية التابعة للحشد الشعبي.
ورغم أن القانون العراقي لعام 2016 يعرفها على أنها تشكيل عسكري مستقل وجزء من القوات المسلحة، لكن هيمنت عليها، في الواقع، شخصيات موالية لإيران خالفت أوامر السلطات العسكرية في بغداد، معتبرين أنها تتعارض مع مصالح طهران.
ففي مقابلة بتاريخ 26 أغسطس/ آب الماضي، جدد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي تأكيده على الحاجة إلى وضع السلاح تحت سلطة الدولة.
وفي نفس اليوم الذي عرضت فيه المقابلة، نشر أبو علي العسكري رئيس القسم الأمني بكتائب حزب الله، رسالة عبر صفحته بتطبيق تليغرام، يهدد فيها الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية.
وقال إن "كتائب حزب الله وحزب الله" الحلفاء.. سيقاتلونكم جميعًا في كل مكان".
الفيلق السري
جذور المليشيات تعود إلى ما بعد الأحداث التي شهدها العراق عام 2007 أي في ذروة الحملة الإيرانية ضد القوات الأمريكية بالعراق.
وحينها، توصل قاسم سليماني، القائد الراحل لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، إلى نتيجة مفادها أن هناك حاجة إلى ميليشيا أكثر مرونة من أجل إلحاق أقصى الضرر بالقوات الأمريكية.
وجمع سليماني، بمساعدة عدد قليل من قادة الميليشيات العراقية واللبنانية (بما في ذلك أبو مهدي المهندس، القائد الأعلى السابق لقوات الحشد الشعبي)، خمس ميليشيات أصغر لتشكيل كتائب حزب الله.
ومنذ ذلك الحين، نمت المليشيات من مجموعة نخبوية صغيرة من بضع مئات من المقاتلين إلى واحدة من أكثر الميليشيات العراقية قدرة، فيما تشير التقديرات أن الجماعة المسلحة لديها حاليًا نحو 10 آلاف مقاتل، بشكل رئيسي في العراق ولكن أيضًا بسوريا.
ولا تقتصر أنشطة المليشيات على العمليات العسكرية والأمنية، بل لها منافذ إعلامية ومراكز ثقافية وأبحاث للترويج للإسلام السياسي الشيعي وغير ذلك.
وعقب مقتل المهندس مع سليماني في ضربة أمريكية، أصرت المجموعة على أن يتم شغل منصبه من قبل قائد آخر في كتائب حزب الله، رغم وجود معارضة داخل قوات الحشد الشعبي.
ولاية الفقيه
أيديلوجياً، يعتبر الترويج لـ"ولاية الفقيه" إحدى مرتكزات المليشيات المرتبطة بايران، وهو أساس الثيوقراطية الشيعية التي تمنح ولاية الفقيه القيادة السياسية، أو الفقيه في الشريعة الإسلامية، مما يمهد الطريق لوجود ديني شيعي.
مشكلة كتائب حزب الله وما شابهها هي أن رجال الدين الشيعة العراقيين الرئيسيين في النجف، حيث يقع أحد أكثر المعاهد الشيعية تأثيراً، لا يؤمنون بهذه العقيدة، ولقد أعرب آية الله علي السيستاني، أعلى سلطة شيعية في العراق، بوضوح عن معارضته للنظام السياسي الذي يحكمه رجال الدين.
زعزعة الاستقرار
يبدو أن السبب وراء عدم اتخاذ الكاظمي بعد إجراءات حاسمة ضد كتائب حزب الله هو الخوف من المزيد من زعزعة الاستقرار بالبلاد، وفق التقرير.
ويعتقد سياسيون شيعة في العراق أنه إذا فشلت الحكومة في إخضاع الجماعات شبه العسكرية لسيطرة الدولة، فإن البلاد ستشهد حربًا أهلية أخرى، وهذه المرة بين الشيعة أنفسهم.
وشدد التقرير على ضرورة أن يحد الكاظمي من الأنشطة الاقتصادية لهذه المليشيات المتغلغلة بمختلف القطاعات الاقتصادية، وفي التجارة غير المشروعة عبر الحدود مع سوريا، والابتزاز، واستغلال مزاد العملة سيئ السمعة للبنك المركزي.
وختم التقرير بالقول إن الكاظمي اتخذ بعض الخطوات للحد من الفساد في النقاط الحدودية لحرمان جماعات مثل كتائب حزب الله من عائداتها غير القانونية، مستدركا: "لكن هذه الخطوة لم تحقق الكثير بعد".