"القضاء الأعلى" والإعلام بالعراق.. أزمة جديدة من خلفها إيران
أزمة جديدة تشهدها الساحة العراقية بين مجلس القضاء الأعلى وإعلاميين على خلفية النفوذ الإيراني في البلاد.
آخر حلقات الأزمة جاء في صيغة بيان من مجلس القضاء الأعلى اتهم فيه إعلاميين بالانضواء في شبكة لها "أجندات دولية".
وقال البيان إن هؤلاء الإعلاميين يمارسون عمليات"الكذب والتضليل"، لتحريف معان دستورية وإضعاف النظام السياسي.
ويأتي موقف القضاء الأعلى بعد أيام من إصدار مذكرة توقيف بحق الصحفي العراقي سرمد الطائي الذي اتهم خلال استضافته في برنامج حواري، يقدم على الفضائية العراقية شبه الرسمية، القضاء بالتسييس وندد بدور المرشد الإيراني علي خامنئي وقائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني.
وقتل سليماني قبل أكثر من عامين في غارة أمريكية قرب مطار بغداد، حيث كان يدير شبكة من المليشيات على صلة بطهران. وفيلق القدس الذراع الخارجية للحرس الثوري في إيران.
ومنذ سقوط نظام صدام حسين في العراق قبل نحو عقدين تزايد النفوذ الإيراني في البلد الذي خاضت ضده حربا ضروسا لسنوات.
وقال المركز الإعلامي في مجلس القضاء الأعلى، في بيان حصلت "العين الإخبارية"، على نسخة منه، إنه "يود التوضيح بشأن إجراء محكمة تحقيق الكرخ الأولى تحقيقًا في قضية تتعلق بالإهانة المتعمدة بحق المؤسسة القضائية بغية إضعاف ثقة المواطنين بالقضاء وما يصدر عنه خصوصًا في الاختصاص الدستوري بهدف إرباك المشهد السياسي خارج حدود حرية التعبير عن الرأي والنقد الموضوعي البناء الذي كفلته المادة 38 من الدستور".
وبات المجلس القضاء الأعلى طرفا في جدال سياسي عقب إعلان نتائج الانتخابات التشريعية على خلفية إصدار حزمة تفسيرات وقرارات بينها ما يعرف بـ"الثلث المعطل"، الذي منح بموجبه قوى الإطار التسنيقي المقربة من إيران فرصة للعودة إلى مشهد تشكيل الحكومة.
وفقد حلفاء إيران في العراق فرصهم في المشاركة في الحكومة بعد تدني تمثيلهم في البرلمان خلال الانتخابات التشريعية الماضية.
انتقل مجلس القضاء الأعلى للهجوم على الإعلاميين في بيانه الصادر اليوم قائلا: "قد تبين من نتائج تلك التحقيقات أن هناك شبكة ممن يصفون أنفسهم (إعلاميين) لديهم مصالح خاصة أو (خبراء وفقهاء قانون) لديهم خصومات شخصية مع القضاء امتهنت إشاعة الأكاذيب وتحوير المفاهيم الدستورية والقانونية بشكل مقصود باتجاه عدم الاطمئنان لما يصدره القضاء باستغلال عدم فهم الكافة بالقانون عبر صفحات التواصل الاجتماعي وقنوات يوتيوب غير مسجلة رسميًا، لها ارتباطات في داخل العراق وخارجه وكذلك بعض القنوات الفضائية المحسوبة على جهات سياسية معينة اختارت طريق الإساءة إلى القضاء كرد فعل على بعض القرارات التي صدرت بخلاف مصالحها".
وأشار البيان إلى أن "هذه الممارسات غير القانونية هي جزء من مشروع عدم الاعتراف بالنظام السياسي القائم وبتحريك أجندات دولية وعلى إثر ذلك صدرت قرارات باستقدام المتورطين بهذه الجريمة التي يعاقب عليها قانون العقوبات".
وفي الوقت نفسه أكد مجلس القضاء الأعلى "احترامه وحرصه على كفالة حق التعبير عن الرأي بكافة الوسائل حتى لو تضمن ذلك نقد القضاء وشخوص القائمين على إدارته بشكل موضوعي بعيدًا عن التشكيك بالوطنية ووصف القضاء بألفاظ وعبارات تشكل جريمة لا تعبر عن رأي ودليل ذلك وجود عدد كبير من حالات النقد الموضوعي الذي يبث يوميًا ولم تتخذ إجراءات بحق من يمارسه".
في وقت سابق، حذفت شبكة الإعلام العراقي حلقة لبرنامج "المحايد" الذي يقدمه سعدون محسن ضمد، إثر اتهامات تضمنتها الحلقة للمرشد الإيراني علي خامنئي وسليماني، فضلاً عن رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان.
واتهم رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، الإعلامي سعدون محسن ضمد مقدم برنامج "المحايد" بتعمد "الإساءة" إلى مجلس القضاء عبر استضافة شخصيات محددة، في إشارة إلى الضيف سرمد الطائي المعروف بمواقفه المناوئة للوجود الإيراني.
وأبدت جمعية الدفاع عن حرية الصحافة، استغرابها، عن إصدار رئيس مجلس القضاء الأعلى بيانًا "يتهم فيه مقدم البرنامج بقصد الإساءة"، مشددًا أنّ "جمعية الدفاع عن حرية الصحافة تستغرب من البيان الصادر من السيد فائق زيدان، ووصفه مقدم البرنامج بالمتطرف السلبي، وإطلاقه أحكامًا مسبقة إزاء ضمد المعروف بمهنيته وموضوعيته طيلة فترة عمله كمقدم للبرامج منذ أكثر من عقد من الزمن، وجميع الأسرة الصحفية تشهد بذلك".
وقبل أيام، أصدر مجلس القضاء الأعلى، مذكرة إلقاء قبض بحق مقدم برنامج "بوضوح" على شاشة تلفزيون زاكروس، محمد جبار وفق المادة 226 من قانون العقوبات العراقي أيضًا.
وتتصاعد حدة الرفض من قبل الأوساط الوطنية والعامة ازاء التغلغل الإيراني في العراق الممتد منذ سنوات واتهامها بالوقوف وراء عمليات اغتيال وتصفية ناشطين وقوى احتجاجية فضلاً عن تجذرها في صناعة القرا السياسي والسيادي عبر فصائل وأذرع مسلحة.