يكفي النظر إلى خريطة العراق كي يكتشف الناظر أهمية إقليم كردستان.
فالإقليم بمثابة التاج من العراق، وكيف لا يكون وهو الإقليم الأكثر أمنًا واستقرارا في العراق؟ ورغم ذلك فإنه إقليم بدرجة واحة استثمارية تجذب الغرب والشرق والخليج العربي، وهو الذي أبصر النور عبر معاهدة الحكم الذاتي، التي وقعت في مارس/آذار 1970 بين الحكومة العراقية آنذاك، والمعارضة الكردية بعد سنوات من الاقتتال.
غير أن اتفاق الحكم الذاتي لم يدخل حيز التطبيق إلا في عام 1991، عقب صدور قرار مجلس الأمن الدولي باعتبار الإقليم منطقة محظور فيها الطيران.
وفي التركيبة الجغرافية، فإن الإقليم يتكون من 4 محافظات، هي العاصمة أربيل، ودهوك، وسليمانية، وحلبجة، كما أن الحياة السياسية في الإقليم يسيطر عليها الحزبان الكرديان، الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه مسعود بارزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه بافل طالباني، نجل الرئيس العراقي الراحل جلال طالباني.
وكي لا نغرق القارئ في تفاصيل تاريخية وجغرافية، فإن الإقليم يحظى باهتمام عربي عموما كوجهة للاستثمار الاقتصادي المنتج والتنمية المستدامة.
كانت دولة الإمارات قد أسهمت في إعادة إعمار ما دمرته المواجهات بين الإقليم وتنظيم "داعش" الإرهابي، كما كانت يد الإغاثة والدعم الإماراتية حاضرة في كردستان إبان أزمات عدة واجهت الإقليم كجائحة كورونا، كما كان الحضور الإماراتي في كردستان قويا عبر استثمار شركة "أبوظبي الوطنية للطاقة" الإماراتية، والتي بدأت بإنتاج النفط من حقل "أتروش" بإقليم كردستان شمال العراق عام 2017.
والتنمية المستدامة كما تعرّف هي عبارة عن تفاعل ثلاثة عناصر أساسية، العنصر الاقتصادي والعنصر الاجتماعي والعنصر البيئي، وهنا نرى أن هذه العناصر يمتلكها إقليم كردستان بكفاءة عالية، ما يجعل منه نقطة مركزية للاستثمار والتنمية، خاصة مع تحقيق استقرار أمني وسياسي.
وتتشارك دولة الإمارات مع إقليم كردستان الرؤية للمستقبل من حيث ضرورة التوجه نحو اقتصاد غير نفطي، وقد قطعت دولة الإمارات أشواطا في هذا المجال، فالأرقام تكشف عن وجود أكثر من 150 شركة إماراتية تنشط في الاستثمار بالإقليم، وفي كل القطاعات الاقتصادية، بدءًا من الصناعة والزراعة وصولا إلى النفط والغاز.
ويطمح رجال أعمال وسياسيو إقليم كردستان إلى استنساخ التجربة الإماراتية، التي تعتبر نموذجا لبناء الدولة وتعزيز حضورها.
نخلص إلى قول إن إقليم كردستان هو نقطة جذب للاستثمارات، رغم التحديات الأمنية، لكنه سيشهد خلال الفترة القادمة تحولات جذرية ستعزز من مكانة الإقليم، وهنا لا يغيب عن ذهننا أن التطورات السياسية في منطقة شرق المتوسط والخليج العربي ستفسح المجال أمام فرص تعزيز مكانة كردستان العراق، حيث يبدو أننا نتجه إلى واقع "صفر توترات"، ما سيعزز العمل الدبلوماسي العالمي من أجل إيجاد حلول سياسية تمهد لحلول اقتصادية، لا سيما في مجال الطاقة، وعلى رأسها الغاز، لما يمثله موقع الإقليم من عقدة مرور لأنابيب الطاقة تجاه أوروبا، وبالتالي فإن استقراره حاجة ملحة للمنطقة والعالم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة