الروائية العراقية دنيا ميخائيل لـ"العين الإخبارية": "وشم الطائر" صرخة لإنقاذ الأقليّات
لم تكن روائية تسرد حكايات وتسبكها في فصول ومشاهد لغرض أدبي بحت أو لغاية تقديم شكل قصصي يقوم على التلاعب بالشخصيات وتحريك الأحداث حيثما يقتضيه النص.
على العكس، كانت تحاول أن تصرخ بحروفها لفضح تجرؤ الإنسان على الإنسان والتنبيه إلى أن أخطاء الساسة تُدفع دما من أوردة الأمم والشعوب.
ابتعدت عن الوطن قسراً وركنت إلى المهجر، لكنها لم ترتض أن تعيش هامشا على طرف الغربة والاغتراب فحملت أوجاع بلادها بعيداً لتعيد صياغته حروفا تطارد القراء، وتحكي لمن فاتهم المشهد ولم يستطيعوا مشاهدة المأساة وتلمس الفاجعة.
دنيا ميخائيل، روائية عراقية، من مواليد بغداد، بدأت حكايتها بسماع قصص وروايات جدتها عندما كانت في سن طفولتها ولم تعلم أنها عندما تكبر ستقرأ الأساطير من جوانبها المختلفة، فكانت الولادة والنشأة ومن ثم الظهور والالتحاق براحلة القصيدة والقصة والرواية.
لها أكثر من منجز قصصي وشعري، وحصدت العديد من الألقاب والجوائز خلال مكوثها في الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أنها رأت أنه لا يمكن أن يبقى سجل إبداعها دون حضور للجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر".
في روايتها "وشم الطائر"، التي رشحت إلى القائمة القصيرة من جائزة البوكر العربية، تحط ميخائيل رحالها، وهي تصف هول كارثة إنسانية في القرن الـ21 لنساء كتب عليهن "السبي"، والامتهان لأنوثتهن وكرامة العيش وحق الوجود.
رواية أبطالها ضحايا بامتياز حد لعنة الألم، والجناة مسخ بشري، فكانت الحكاية شاهداً حياً لما جرى لأبناء تلك القرية القابعة في أطراف الشمال العراقي.
وبغية سبر أغوار الروائية العراقية المغتربة دنيا ميخائيل أجرت "العين الإخبارية"، حوارا مقتضبا معها حاولت من خلاله الوقوف على أبرز محطاتها.
تحدّثتِ في إحدى كتاباتكِ عن تأثير شخصية جدتكِ عليك.. كيف أثر ذلك في بناء مخيلتكِ القصصية؟
كانت جدّتي امرأة حكيمة بشكل استثنائي وكثيراً ما تطعّم أحاديثَها بالأمثال والقصص. كانت تعيش معنا في بغداد. وفي ليالي الصيف، فوق سطح المنزل حيث ننام، كانت تحكي لي حكايات من التراث الشعبي وقصص الحيوانات وتشرح لي العِبرة في نهاية كل قصة.
كنتُ أتمنى أن أمتلك كتاباً لأعيد قراءة تلك القصص التي استهوتني ولكن جدّتي كانت تكرّر لي بأنه لا يوجد هكذا كتاب وأنّ تلك القصص متناقَلة شفهياً من جيل إلى جيل وأنّ عليّ أن أنقل بدوري تلك الحكايات إلى أحفادي في المستقبل.
وفي صباح من الصباحات حينما أيقظتني الشمسُ القوية وطنينُ الذباب، نزلتُ من السطح وفي ذهني حكايات الأمس وما قبله. فتحتُ دفتري وبدأتُ بكتابتها على طريقتي الخاصة مع رسومات مصاحبة. تلك كانت تجربتي الأولى في الكتابة، كنتُ في السابعة أو الثامنة من عمري.
الاغتراب عن الوطن عادة يثقل جراح الروح ويهدر الكثير من الطاقات الإبداعية.. كيف تغوصين في أعماق الوطن وأنتِ في الجانب الآخر من العالم؟
أنا بعيدة عن وطني بالمسافة فقط وليس بالروح. حين يبتعدُ الأبناء عن آبائهم ليس معنى ذلك أنهم ينسونهم، بل بالعكس سيفكّرون فيهم أكثر. كتبتُ في مقطع شعري لي "مثلما تفعل السلحفاة/أسير في كل مكان/ وبيتي فوق ظهري".
وهكذا لأني أحملُ وطني فوق ظهري أينما ذهبت، لدي قدر كبير من الإحساس بالمسؤولية.
ماذا تعني لك جائزة البوكر الآن وقد مرت روايتك إلى القائمة القصيرة؟
تعني مزيداً من الانتشار وهذا مهم لروايتي من أجل إعلاء الصوت الحبيس الذي تمثّله بطلتي هيلين الإيزيدية ومن أجل دعوة العالم إلى الالتفات قليلاً نحو المقهورين والمهمَّشين، ليست آلامهم غيمة عابرة لندعها تمر من فوقنا ثم نمضي إلى أشغالنا بلا مبالاة.
هل سعت الروائية دنيا ميخائيل إلى توثيق التاريخ في "وشم الطائر؟
تسعى الرواية، كباقي الأشكال الفنية، إلى توثيق التاريخ الروحي للإنسان وهكذا "وشم الطائر"، تستدل على آثار كارثة إنسانية وتتقصى وقعَها على حيوات تتوقف في منتصف انشغالاتها بالحياة.
برأيكِ هل تستطيع رواية "وشم الطائر" إثارة الانتباه العالمي لما جرى ومازال يجري في العراق من مجازر مروعة بحق الأقلّيات؟
مسعاي ذو غرضين، الغرض الإنساني أحدهما من خلال إطلاق الأصوات الحبيسة إلى أسماع العالم. الغرض الثاني هو ببساطة تقديم عمل إبداعي خالص شاء أن يكون رواية هذه المرة.
aXA6IDE4LjIxOC43My4yMzMg
جزيرة ام اند امز