انتهى تنظيم «داعش» تقريباً في مقره الأساس في العراق وسوريا، لكن الإرهاب لم ينته بعد، ولن ينتهي في المدى المنظور
واجهت مصر أزمةً كبيرةً في محاربة الإرهاب، في عملية أمنية تمت على طريق الواحات في محافظة الجيزة بين قوات الأمن ومجموعة إرهابية، ذهب ضحيتها سبعة عشر من الضباط والأفراد من قوات الأمن المصرية الباسلة، وخمسة عشر إرهابياً مجرماً. وحجم العملية وعدد الضحايا ونوعية الأسلحة تشير بوضوح إلى أن هذه المجموعة كانت مدربة ومجهزة بشكل محترف لنشر الإرهاب في مصر.
من أهم الجماعات الإرهابية الناشطة في مصر تنظيم «داعش» الإرهابي وتنظيم «حسم» الإرهابي التابع لجماعة «الإخوان» الإرهابية، وغيرهما، لكن المرجح أن يكون هذان التنظيمان هما الأقرب لتنفيذ عملية بهذا الحجم، خصوصاً مع الامتداد الصحراوي للمنطقة وصولاً إلى ليبيا.
سبق الحادث في مصر تفجير في مسجد في العاصمة الأفغانية كابول، وسبق ذلك أيضاً تفجير في الصومال، فمع الاندحار السريع لـ «داعش» في العراق وسوريا بدأت تنظيمات أخرى تسعى للحلول مكانها في رفع راية الإرهاب، وسعى تنظيم «القاعدة» الأم لاستعادة شيء من شهرته التي أثر عليها كثيراً بروز «داعش»، فخرج زعيم التنظيم المصري أيمن الظواهري يؤكد أنه لم يعف أحداً من البيعة له ولتنظيمه.
منذ بدء الدول العربية الأربع السعودية والإمارات والبحرين ومصر مقاطعة قطر ظهر ضعفٌ واضحٌ في قدرات الجماعات الإرهابية، وهي ستضعف أكثر ضمن المواجهة المفتوحة الكبرى لمشروع إيران الطائفي الدموي في المنطقة من قبل دول المنطقة وبالتعاضد مع استراتيجية الرئيس ترامب الجديدة
قدر المنطقة والعالم هو الاستمرار في محاربة الإرهاب، مهما ظن البعض وحاول التسويق، لا من أصحاب الرأي فحسب بل من أصحاب القرار أيضاً، وفي أكبر وأهم دول العالم، بأن الأفضل هو التصالح مع الإرهاب، وهو ما صنعه أوباما خلال ترؤسه الولايات المتحدة الأميركية، ومن قبل ومن بعد عددٌ من الدول الأوروبية، قبل تعولم الإرهاب، وانتقاله لاستهداف العالم بأسره، وهي سنواتٌ كان الإرهاب فيها محمياً بقوة القانون في تلك الدول، طالما أنه لم يصل إليها ويكتفي بالعمل في دول المنطقة.
انتهى تنظيم «داعش» تقريباً في مقره الأساس في العراق وسوريا، لكن الإرهاب لم ينته بعد، ولن ينتهي في المدى المنظور، وسيكون على العالم أن يستمر في محاربته وتجفيف منابعه وقطع جذوره والصبر والتحلي بالنفس الطويل، وبناء استراتيجيات ناجعة ومتطورة تتجدد بحسب الحاجة حتى يمكن الحديث عن قضاء مبرمٍ على الإرهاب خلال سنوات طوال قادمة.
منذ بدء الدول العربية الأربع السعودية والإمارات والبحرين ومصر مقاطعة قطر ظهر ضعفٌ واضحٌ في قدرات الجماعات الإرهابية، وهي ستضعف أكثر ضمن المواجهة المفتوحة الكبرى لمشروع إيران الطائفي الدموي في المنطقة من قبل دول المنطقة، وبالتعاضد مع استراتيجية الرئيس ترامب الجديدة تجاه طهران ونظام الملالي فيها وحرسه الثوري الداعم الأكبر للإرهاب في العالم.
لكن ضعف تنظيمات الإرهاب لا يعني انحدارا مستمراً ومتصلاً، بل ستكون هناك ارتفاعات وانخفاضات في مسار الحرب على الإرهاب، وستختفي جماعات وتخرج أخرى، وإحدى أهم المهام التي يجب إنجازها القضاء على الملاذات الآمنة التي يختبئ فيها الأصوليون والإرهابيون؛ مثل ما تصنعه تركيا باحتضان مجموعات متعددة من الأصوليين الإرهابيين من جماعة «الإخوان المسلمين» الإرهابية ومن عناصر «القاعدة» و«داعش» وغيرهما.
تسود في بعض الدول الأوروبية رؤية مصلحية قصيرة النظر تعتقد بأن ثمة إمكانية للتصالح مع الإرهاب والدول الراعية له، ولا أدل على هذا من مواقف تلك الدول من أهم دولتين راعيتين للإرهاب في المنطقة والعالم، إيران وقطر، مع ضخامة الأدلة التي تثبت بما لا يدع مجالاً للشك مسؤولية هاتين الدولتين المباشرة عن دعم وتمويل ورعاية الإرهاب وجماعاته بشقيها السني والشيعي، وهي ستكون وبالاً على تلك الدول ما لم تشرع في مراجعتها والنظر للمستقبل وأخطاره برؤية استراتيجية طويلة الأمد.
أخيراً، مصر مستهدفة من قبل الإرهابيين، وكل الدول العربية مستهدفة معها، ويزيد الاستهداف بحجم دور الدول وحزمها في مواجهته، أما إيران وقطر فبلا إرهاب، لأن الحلفاء لا يهاجمون بعضهم بعضاً.
نقلا عن "الاتحاد"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة