تطهير آخر جيوب لداعش.. الفصل الأخير من معركة الموصل
لتصبح العملية النهائية لاستعادة المدينة العراقية بالكامل دقيقة وحاسمة وأكثر المراحل صعوبة في سير معركة تحرير الموصل.
أيام قليلة تفصلنا عن إعلان الموصل مدينة محررة بالكامل وخالية من عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي، حيث تستمر العملية النهائية لتطهير آخر جيوب لداعش داخل أحياء البلدة القديمة غربي الموصل منذ استعادة جامع النوري الكبير وإعلان القوات العراقية نهاية التنظيم الإرهابي وهزيمته في معقله الرئيسي بالعراق.
لتصبح العملية النهائية لاستعادة المدينة العراقية بالكامل، وتأكيد خبر النصر النهائي بطرد جميع فلول وبقايا التنظيم الإرهابي المسلح خارج حدود الموصل، هي مرحلة دقيقة وحاسمة وأكثر المراحل صعوبة في سير معركة تحرير الموصل التي انطلقت في الـ 17 من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
سير المعركة النهائية لدحر داعش بالموصل
وفي الـ 29 من يونيو/ حزيران الماضي، أكد حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي، وقائد قوات مكافحة الإرهاب العراقية الفريق الركن عبد الغني الأسدي، أن الانتصار النهائي على داعش بالموصل سيعلن في غضون الأيام المقبلة، لتنطلق من بعدها تحركات القوات العراقية المدعومة من التحالف الدولي بتطهير الجيوب الأخيرة للإرهابين بالبلدة القديمة غربي الموصل، واستعادة السيطرة بالكامل على حي الشفاء، والوصول لناحية ضفة نهر الفرات، بجانب تحرير سوق الأربعاء والجسر الحديدي بشكل نهائي.
ويبدو أن خطط العمليات العسكرية طوال الـ 9 أشهر الماضية في شرق وغرب الموصل وسير المعارك والاشتباكات أسهم في تضييق الخناق على العناصر الإرهابية، وتحجيم أعدادهم في جيوب وبؤر محددة لتتمكن القوات المشاركة في العملية النهائية لتطهير غربي الموصل من إنجاز مهمتها بنجاح وإتمام عملية استعادة المدينة دون وجود أي أثر للعناصر الإرهابية، ليتم القضاء على 60 مسلحًا و4 من القناصة التابعة للتنظيم خلال 5 أيام من بدء المرحلة النهائية بمعركة البلدة القديمة.
ونظرًا لأن وجود داعش أصبح محدودا للغاية في مناطق وأحياء بأطراف البلدة القديمة، الميدان – الكوازين – باب الشط – الشهوان – دكة بركة – سوق الصغير – القليعات، وهي مناطق تتسم بصغر الحجم وتكدسها بالمدنيين والمنازل أيضًا، ما يصعب على القوات المشاركة في المعركة مهمتها، لتلجأ إلى الناقلات والطائرات المسيرة لقصف الخلايا النائمة في الثكنات والجيوب، وسلاح المدفعية التي تمكنهم من اقتحام هذه الأحياء بالضرب من الخارج.
وتتكون القوات المشاركة بالعملية الأخيرة من قوات الشرطة الاتحادية والفرق الآلية والفرق الـ 3 والـ 5 الـ 6 من قوات مكافحة الإرهاب وفرق الرد السريع، بالإضافة إلى قوات الجيش العراقي المسؤولة عن تأمين أطراف الموصل ومنع انتشار عناصر التنظيم خارج حدود هذه البؤر، وتسلل أي عناصر إرهابية من جديد للمناطق المحررة، لتنحصر أول الاشتباكات بين منطقة النجفي والناحية الشمالية للبلدة القديمة.
وتمكن قصف الطيران في إصابة أهداف لداعش والسيطرة على عشرات الأحزمة والعبوات الناسفة وتدمير 3 عربات مفخخة، واحكام السيطرة على أحياء حررت من قبل كأحياء الفاروق الثاني وجامع عمر الأسود وجامع بلال الحبشي وكنيسة الساعة وسوق الشعارين، والمستشفى الجمهوري وبن سينا، ومنطقة مكاوي والنبي جرجس، وعبد خوب، والباصات، وشارع حلب، والمنصورية، والمياسة، والبدن، فضلًا عن تمشيط شوارع الأحمدية والملعب والخراب، لتزيل القوات العراقية علم داعش من قبة ومئذنة الجامع النوري الكبير.
ومع استمرار ملاحقة عناصر داعش، تشير تقديرات القادة العسكريين إلى أن وجود التنظيم ينكمش يومًا بعد يوم وأن 600 متر فقط هي حدود تواجد الإرهابيين بمدينة الموصل، موضحة أن طبيعة العناصر المتواجدة هي فقط من المقاتلين الأجانب وغير العراقيين، التي لجأ بعضها للانتحار خوفًا من مواجهة القوات العراقية أو التعرض لاعتقال، بينما تم القاء القبض على 40 مسلحًا بالبلدة القديمة.
تكتيك الهجوم وتأمين المدنيين
وطوال فترة الحرب الدائرة، تغيرت أساليب القوات والتحالف الدولي في إدارة وتقسيم القوات المشاركة واستراتيجية الهجوم والمواجهة، خاصة وأن كل مرحلة ومنطقة لها سمات معينة تفرض عليهم تعديل الخطة من الهجوم الحذر مرة والهجوم التكتيكي مرة أخرى، واللجوء لإلقاء المنشورات والحرب النفسية في مرحلة قبل استعادة الجامع النوري الكبير، لتعتمد القوات خطة الهجوم الحالية من 3 محاور مع تأمين للمدنيين في الوقت نفسه، خاصة وأن عملية النزوح لا تزال مستمرة، حيث فر 1400 شخص بشكل يومي خلال الـ 5 أيام الماضية فقط.
ليقطع قادة معركة "قادمون يا نينوي" مسافات كبيرة محققين تقدم داخل البلدة القديمة، بحصار عناصر داعش من 3 محاور، وتطويق الجسور والطرق بقوات الجيش، ليتم إجلاء أكثر من 300 مدني من منطقة الرايعية، وهي منطقة تم تجهيزها وتأمنيها من أجل متابعة خطوات نزوح سكان المدينة وتوفير الاحتياجات الأساسية من الماء والغذاء والدواء للأطفال.
ومن خلال تصريحات القادة العسكريين بالمعركة، بات طرد تنظيم داعش من الموصل قريب للغاية، ليقول الفريق رائد جودت قائد قوات الشرطة الاتحادية إن عملية تحرير جامع العمرية والرابعية في منطقة بلكش يقرب النصر بشكل أكبر، بجانب استعادة المستشفى التعليمي وعدد من المباني الطبية بحي الشفاء.
لتشير الصورة الحالية بمعركة غربي الموصل، إلى أن الهجوم قائم من الجانب العراقي، ليفقد داعش جميع حيله وأساليبه من الهروب عبر الجدران وحفر الانفاق والممرات لتمرير الإمدادات والعناصر المسلحة والأسلحة من خلالها، ويلجأ لاستهداف المدنيين كمحاولة بائسة لوقف عملية تقدم الجيش العراقي، ليصبح حلم تطهير المدينة بالكامل وانتهاء معركة غربي الموصل التي استغرقت حوالي 5 أشهر بات قريب للغاية.