"الدعاية".. انهيار أخطر أسلحة داعش
داعش اعتاد على نشر مقاطع فيديو صادمة لكنها على درجة عالية جدا من الجودة. ومؤخرا لوحظ انخفاض عدد هذه الفيديوهات بشكل كبير، ما السبب؟
اعتاد تنظيم داعش الإرهابي على نشر مقاطع فيديو صادمة مرعبة على درجة عالية من الحرفية، ترويجا لأفكار التنظيم المتطرفة، لكن مؤخرا لوحظ انخفاض عدد هذه المقاطع بشكل كبير.
وأرجعت صحيفة ديلي ميل البريطانية السبب في ذلك إلى مقتل عدد من أبرز قيادات داعش المسؤولين عن الدعاية للتنظيم في الغارات الجوية الغربية الأخيرة. علاوة على أن جودة إنتاج أفلام داعش المرعبة تأثرت كثيرا بالهزائم المتلاحقة التي يتعرض لها التنظيم في أراضيه.
وفي أحدث الفيديوهات التي نشرها داعش، ظهر أحد الإرهابيين يُدعى أبو شعيب المصلاوي وهو يمشي على ساق واحدة في اتجاه سيارة سوداء ملغمة كان سيقوم بتفجيرها في مجموعة من القوات العراقية في مدينة الموصل، شمال العراق. وكانت الكلمات الأخيرة للانتحاري دعوته للمسلمين في الغرب غير القادرين على المجيء إلى مقر الخلافة التي أعلنها داعش في العراق وسوريا، إلى تنفيذ هجمات داخل بلادهم. وبعد ذلك، يظهر في الفيديو انفجار السيارة الملغمة في مجموعة مركبات تابعة للقوات العراقية أمام أحد المباني في الموصل.
ديلي ميل قالت إن هذا الفيديو الذي نشر في أواخر مايو/أيار الماضي، يتضمن تغييرا في رسالة ونبرة داعش، ويعكس -على حد قولها- الضغط الذي يتعرض له التنظيم المتطرف، بينما يستمر في خسارة الأراضي التي كان يستولى عليها في العراق وسوريا.
ومن ضمن مقاطع الفيديو الأخيرة للتنظيم، فيديو يظهر فيه كندي وبريطاني ينفذان عملية انتحارية في الموصل، وحاول داعش في هذا المقطع الترويج لنفسه كمنظمة يمكنها إنتاج أسلحتها الخاصة.
وقالت الصحيفة إن بوق الدعاية الداعشي اعتاد على أن يكون واثقا أكثر من ذلك، لكن خلال الأشهر الأخيرة، ومع انكماش أراضي داعش، تقلصت أيضا رسائله إلى العالم؛ فبعد الفيديوهات المتفاخرة المضخمة لذات داعش في السابق، أصبح التنظيم الآن يركز على دعوة المقاتلين إلى المقاومة وعدم الفرار من أرض المعركة.
وكانت فيديوهات داعش الترويجية تتضمن مقاطع بشعة من قطع رؤوس وإغراق وإطلاق نار واعترافات لأسرى وهجمات متطورة على أعدائهم، وكان يتم التقاطها من عدة زوايا مع أغنيات دينية في الخلفية لإثارة الخوف في قلوب المعارضين له.
وفي تلك الفيديوهات، كان التنظيم يعزز فكرة أن المسلمين من جميع أنحاء العالم يتدفقون إلى الخلافة الأولى، بعد سقوط الخلافة العثمانية منذ قرن مضى، التي أعلنها في سوريا والعراق. أما الآن فتدعو معظم فيديوهات التنظيم المقاتلين إلى الثبات ودعوة المحليين إلى الانضمام إلى صفوف داعش بعد مقتل المئات منهم على مدار الأشهر الماضية.
ويقول عمر أبو ليلى، أحد الناشطين المعارضين السوريين، إن ضعف دعاية التنظيم مؤشر على انهياره وتراجعه، ودعواته الأشخاص للانضمام إليه دليل على ضعفه.
وتعود الضربة القاضية للتنظيم إلى أغسطس/آب الماضي، عندما قتلت غارة جوية روسية أمريكية أبو محمد العدناني في سوريا، وهو المتحدث الرئيسي لداعش والمعروف بخطبه الشرسة لرفع معنويات المقاتلين.
وصفعة أخرى تعرضت لها آلة دعاية داعش، كانت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي عندما قتلت غارة أمريكية في سوريا وائل الفياض المشهور باسم أبو محمد الفرقان، المسؤول عن إخراج فيديوهات ترويجية محترفة لداعش، حتى إن إحدى القنوات الإعلامية الأساسية للتنظيم كانت تسمى بـ"الفرقان" نسبةً إليه، وخلف الفياض، أبو بشير المسلاوي الذي قتل بعد وقت قصير أيضا.
وفي أواخر مايو/أيار، انتشرت أخبار حول مقتل مؤسس وكالة أنباء أعماق الخاصة بداعش، مع ابنته في غارة جوية في مدينة ميادين شرق سوريا.
ومنذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، نشر داعش 158 مقطع فيديو، ولم يكن أي منها على درجة احترافية عالية مثل "صليل الصوارم" الذي تم نشره بعد استيلاء التنظيم على الموصل بأيام، في صيف 2014.
وبالرغم من الخسائر الميدانية في سوريا والعراق، كان داعش سريعا في تبني مسؤولية هجمات إرهابية حول العالم في بريطانيا وإيران ومناطق أخرى.
وبالإضافة إلى أعماق والفرقان، لدى داعش وسائل إعلامية أخرى لنشر رسائله وأفكاره، بالإضافة إلى محطة الإذاعة عبر الإنترنت؛ البيان، والمجلتين الأسبوعيتين؛ النبأ ودابق عبر الإنترنت أيضا.
وتحرص شبكات التواصل الاجتماعي على إغلاق أي حسابات يقوم مروّجو داعش بتدشينها، لكنهم يستمرون في عمل حسابات جديدة. وفي إحدى رسائل التنظيم لمتابعيه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، داعاهم إلى عدم نشر رابط صفحته حتى لا يتم إغلاقه؛ لأن التنظيم يتعرض إلى "حملة شرسة"، على حد وصفه.