معركة "تلعفر".. تراجع داعشي أمام استراتيجية الهجوم
تقدم ملحوظ للقوات العراقية في معركة تحرير "تلعفر" ظهرت بوادره منذ اليوم الأول لانطلاق المعركة في الـ 20 من أغسطس/آب الجاري.
تقدم ملحوظ للقوات العراقية في معركة تحرير "تلعفر" من أيدي مسلحي تنظيم "داعش" الإرهابي ظهرت بوادره منذ اليوم الأول لانطلاق المعركة في الـ 20 من أغسطس/آب الجاري، حيث تمكن الجيش العراقي وباقي القوي المشاركة في العملية العسكرية من الوصول إلى مشارف مركز قضاء تلعفر، فضلًا عن فرض سيطرتهم على عدة قرى وأحياء بالمدينة العراقية خلال 4 أيام فقط.
وكان حيدر العبادي رئيس الحكومة العراقية قد استهل تلك المعارك بقوله في مؤتمر إعلان بدء العملية العسكرية بتلعفر إن" علامة انهيار العدو الداعشي باتت واضحة"، فيما يعد دليل واضح على ثقة القوات في حسم المعركة خلال وقت قصير نظرًا لصغر مساحة تلعفر عكس مدينة الموصل، حيث تحدث بعض المحللين السياسيين عن إمكانية تحرير المدينة في 4 أشهر فقط.
ووفقًا للخطة الاستراتيجية الموضوعة من قبل القوات العراقية وبدعم من التحالف الدولي، تمكنت القوات المشاركة في المعركة من الاتجاه إلى وسط المدينة التي تبلغ مساحتها نحو 28 كم2، حيث انتشرت جميع المدرعات والأسلحة الثقيلة لتطويق المدينة وأطراف 27 قرية وبلدتي المحلبية والعياضية، وحققت تقدما لحي النور جنوب غرب المدينة، كتمهيد للاقتحام البري للأحياء المجاورة وتأمين الطرق البرية بهدف تغطية للطائرات المشاركة في القصف الجوي لمعاقل داعش.
واستمر التقدم، ليخسر داعش الجزء الجنوبي من حي الكفاح بالكامل، بعد تكثيف التحالف الدولي قصفه الجوي على مقار وثكنات عناصر التنظيم الإرهابي من الجانب الغربي بعد وصول جميع الفرق العسكرية المدرعة الخامسة والتاسعة من الموصل إلى تلعفر، ونقل جميع الأسلحة والعتاد لساحة الاشتباكات.
وعلاوة على ذلك، حرص قادة الفرق العسكرية على إعلان تحرير 8 قرى خلال أول يومين للمعركة بمساندة فصائل الحشد، كرسالة طمأنة من الحكومة العراقية للعراقيين والمسؤولين الدوليين بالتحالف، لقدرتهم على السيطرة بجوانب المعركة وإخماد تحركات الحشد الفردية بمناطق الاشتباكات.
وأعلن الحشد الشعبي فرض سيطرته على أول جبين بالمدينة شمال محافظة نينوى، بعد تقدم اللواء الحادي عشر وفرقة التدخل السريع وقطاعات الجيش العراقي للأحياء الغربية.
وبدأ الهجوم العسكري البري على آخر معاقل داعش بالعراق باقتحام الجبهتين الشرقية والجنوبية، وتطويق القرى وأطراف المدينة، التي يمثل استعادتها بمثابة تضييق الخناق على التنظيم بسوريا والعراق، نظرًا لقربها من الموصل من الناحية الشرقية، ومن الحدود التركية شمالًا، ومن الحدود السورية غربًا.
وتؤكد الإشادة الدولية بدور القوات العراقية في استعدادات وسير المعركة على تفوق الجيش العراقي وقوات البيشمركة وقوات الشرطة الاتحادية والمحلية بجانب فصائل الحشد الشعبي في تنظيم المهام وتقسيم الأدوار العسكرية بينهما، حيث سمح للحشد الشعبي بالانتشار في جميع جوانب المدينة باستثناء المحور الشمالي الخاضع لسيطرة قوات البيشمركة تحسبًا لأية عمليات انتقامية من جانب الحشد بحق المدنيين من التركمان السنة.
مدنيو تلعفر.. معاناة جديدة
وقبل انطلاق المعركة أشارت تقارير دولية إلى انخفاض الكثافة السكانية بتلعفر عكس الموصل، ما يسهل على القوات عمليات القصف الجوي والتدخل العسكري والانتهاء من عملية نزوح المدنيين في وقت قصير، حيث فر آلاف سكان القضاء منذ دخول داعش في 2014 وطوال فترة المعارك بالموصل بين عامي 2016 و2017.
ولكن يظل المدنيون العراقيون في معاناة طوال الحروب والاشتباكات، حيث فر نحو 10 آلاف مدني من المناطق المحيطة بقضاء تلعفر خلال 24 ساعة أثناء عملية الاقتحام الأول، ووفرت الحكومة العراقية مخيمات مؤقتة بالجانب الجنوبي بعد إنشاء خطوط دفاعية استعدادًا لاستقبال النازحين كمرحلة أولى قبل الانتقال لمخيمات أربيل وكردستان.
وأكدت الأمم المتحدة على لسان المتحدث الرسمي ستيفان بوجاريك، توفير مساعدات إنسانية من غذاء ودواء عند نقاط تجمع الفارين من المعارك بالناحية الجنوبية، منوهة بقدوم نحو 300 شخص لهذه التجمعات اليوم الثاني للمعركة.
وفي ظل محاصرة داعش لنحو 40 ألف مدني عالقين بمنازلهم، أبدت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين تخوفها من استخدام داعش للمدنيين كدروع بشرية كنوع من الضغط على الحكومة العراقية لسحب القوات وإيقاف القصف الجوي على معاقل داعش، خاصة بعد أن تمكن الجيش العراقي من كشف أنفاق تابعة لمسلحين وقطع طرق الإمدادات الرئيسية للتنظيم.
ورصد مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان مع تصاعد وتيرة الحرب بعض الممارسات الإجرامية لداعش بحق المدنيين بداية من حرمان العائلات العراقية من الفرار لخارج تلعفر، واستخدام العنف المفرط ضد النساء من الأقلية الأيزيدية، وسط توقعات دولية بزيادة أعداد الفارين من المدنية خلال الأسابيع المقبلة.
وأعلنت المنظمة الدولة للهجرة استقبال حوالى 1500 مدني في موقع الطوارئ التابع للمنظمة وأكثر من 1700 شخص آخر بمخيمات القيارة.
داعش دون خطة
وفي الوقت الذي تتقدم فيه القوات العراقية بالهجوم البري والجوي ضد عناصر داعش التي تتراوح أعدادهم ما بين 1000-1500 مقاتل اغلبهم من المقاتلين الأجانب، يفتقر التنظيم الإرهابي أي وسائل للمقاومة أو الدفاع، ويكتفي بنشر فرق عسكرية صغيرة من المسلحين والسيارات المفخخة وسط المناطق السكانية.
وخلال معركة الموصل فقد داعش كل الأسلحة والسيارات التي استولى عليها منذ دخوله العراق في منتصف 2014، وتلجأ عناصره المسلحة لاستخدام سيارات وشاحنات المدنيين كسواتر ترابية ونشر بعض القناصة على أسطح المنازل، لافتقاده الخطة والقدرة على إدارة المعركة.
aXA6IDE4LjIyNy4yMDkuMTAxIA== جزيرة ام اند امز