إنفوجراف.. "تلعفر" المعركة الحاسمة ضد "داعش" بالعراق
وزارة الدفاع العراقية أعلنت إنهاء جميع الاستعدادات العسكرية لخوض معركتها الجديدة ضد داعش في قضاء تلعفر.
أيام قليلة تفصلنا عن انطلاق معركة تحرير تلعفر الواقعة غربي الموصل العراقية، المعركة الفاصلة في مسار تنظيم "داعش" الإرهابي بالعراق وسوريا، خاصة أن التنظيم الإرهابي اتخذ من مدينة تلعفر معقلاً ومقراً رئيسياً له عقب هزيمته الفعلية بمدينة الموصل.
وأعلنت وزارة الدفاع العراقية إنهاء جميع الاستعدادات العسكرية لخوض معركتها الجديدة ضد داعش في قضاء تلعفر، الذي يقع على بعد 65 كم من غرب الموصل، ويصبح نطاق المعركة في تلعفر بين بلدتي المحلبية والعياضية ومركز قضاء تلعفر بالإضافة لـ47 قرية.
أسباب تأخر المعركة
ورغم مرور أكثر من شهر على تحرير الموصل بالكامل من عناصر داعش، وتعدد تصريحات المسؤولين بالجيش العراقي بشأن اقتراب موعد المعركة المقبلة ضد داعش منذ بدء الاستعدادات العسكرية من قبل القوات العراقية في الـ20 من يوليو/ تموز الماضي على الحدود مع تلعفر، لكن لم يتم الإعلان بشكل رسمي عن نهاية العمليات العسكرية التمهيدية واقتراب موعد الاشتباكات الفعلية ضد عناصر التنظيم إلا في الـ14 من أغسطس/آب الجاري.
وتم تأجيل موعد المعركة المقبلة ضد داعش عدة مرات، نظرًا لأن القوات المشاركة في معركة الموصل هي نفس القوات التي تتولى العملية العسكرية المقبلة في قضاء تلعفر، واستخدام القطع العسكرية من أسلحة ثقيلة ودبابات التي شاركت في الهجوم البري بالموصل في معركة تلعفر.
- تلعفر.. أشرس المعارك أمام فلول داعش في العراق
- ما العلاقة بين إعلان داعش تلعفر "ولاية مستقلة" وممر إيران؟
وجاء التأجيل من جانب القوات العراقية، بهدف منح القوات الأمنية مهلة لالتقاط الأنفاس للدخول في اشتباكات جديدة بعد قتال 9 أشهر بالموصل، وتحسباً للوقت الزمني الذي تستغرقه عملية نقل الأسلحة الثقيلة عبر مسافة نحو 65 كم بين تلعفر والموصل، فضلاً عن القيام بإجراءات استعدادية لاستطلاع شوارع وأزقة المدينة.
"القوات الأمنية بعد تحرير الموصل تحتاج لإعادة تنظيمها من جديد وهو أمر طبيعي يحدث عند نهاية كل معركة" وخرج قائد فرقة الرد السريع التابعة لقوات الشرطة الاتحادية اللواء ثامر الحسيني بهذا التصريح، ليوضح أسباب تأخر المعركة طوال الأسابيع الماضية.
وذكر اللواء ثامر الحسيني عقب استعادة الجانب الغربي من الموصل أن القوات الأمنية المشاركة بالتحرير ستنتقل لتلعفر والحويجة لطرد جميع عناصر "داعش" المتبقية بمحافظة الأنبار العراقية، مؤكداً أن هذه الإجراءات هي ليست مؤشراً عن تراجع العراق للدخول في اشتباك مباشر مع التنظيم الإرهابي بتلعفر، بل تكتيك استراتيجي مدروس.
وربما كان تأخر نقل المعدات العسكرية لقضاء تلعفر مرتبطاً باستمرار عملية تأمين الموصل وتطويق حدود المدينة تحسباً لعودة فلول داعش للأزقة والشوارع، خاصة أن القوات العراقية وضعت خطة مشتركة لبدء المعركة بالضربات الجوية التي يقودها الطيران العراقي ضد تنظيم داعش، وجمع كل المعلومات الاستخباراتية عن جيوب وأماكن اختباء العناصر الإرهابية المسلحة.
القوات المشاركة.. تحدى المعركة
ورغم تشابه معركتي الموصل وتلعفر في عدة عوامل من بينهما طبيعة القوات المشاركة في العملية العسكرية الخاصة بالتحرير، إلا أن المخاوف تزداد نحو مشاركة فصائل الحشد الشعبي بالمعركة بعد أن أعلن أحمد الأسدي المتحدث الرسمي باسم الحشد الشعبي بالعراق، مشاركة أغلبية فصائل الحشد تحت غطاء جوي من الجيش العراقي بالمعركة.
ولم تتوقف تصريحات هذا الفصيل ذات النوازع الطائفية عند هذا الحد، بل أعلن الحشد على لسان متحدثه الرسمي المشاركة في المعركة وامتلاك حق الرد ضد أي تصرف بحق ميلشياته، ما يشير إلى نية الحشد الشعبي الحقيقة في الدخول لتلعفر، تحت ستار الحرب على الإرهاب.
وفي الوقت نفسه أكدت القوات العراقية أن مشاركة الحشد بالمعركة المقبلة ضد داعش بتلعفر، لن تتجاوز عدد ونفوذ أية قوى أخرى مشاركة في تحرير المدينة، بالرغم من رصد تحركات لفصائل الحشد على مناطق غرب الأنبار باتجاه الحدود مع سوريا، رغبة منهم في فرض السيطرة على الحدود العراقية السورية، والتوسع في التمركز في نقاط الاشتباك قبل انطلاق المعركة.
ويقود الجيش العراقي المعركة المرتقبة ضد داعش بالعراق بدعم من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، بجانب مشاركة فرق الرد السريع التابع لقوات الشرطة الاتحادية وعناصر للشرطة المحلية للمحافظة، وقوات من جهاز مكافحة الإرهاب، والفرقة المدرعة التاسعة، بالإضافة لفصائل للحشد الشعبي.
تكتيك الهجوم البري والجوي
ومع إعلان البرلمان العراقي استعداده لإطلاق صافرة المعركة المقبلة ضد داعش بمحافظة الأنبار في الـ5 من يوليو/ تموز الماضي، بدأت الاستعدادات العسكرية من قبل القوات المشاركة بنشر العناصر والمعدات على أطراف المدينة.
ومنذ الـ22 من يوليو/ تموز الماضي، بدأت القوات العراقية في رسم خطة استراتيجية لاستعادة تلعفر من قبضة داعش، من أجل تأمين الموصل من ناحية، وتنفيذًا لخطة استرجاع جميع الأراضي العراقية من يد الإرهاب قبل بداية 2018 من ناحية أخرى، خاصة بعد أن تمركز داعش في تلعفر بعد طرده من الموصل وخسارته لأكثر من 50% من مساحة مدينة الرقة معقله الرئيسي بسوريا.
وكان من المتوقع انطلاق المعركة مباشرة بعد استعادة جامع النوري الكبير وتحرير البلدة القديمة غربي الموصل، إلا أن عملية استطلاع المناطق بتلعفر والمهمة الاستخباراتية لجمع المعلومات عن طبيعة المدينة وتوزيع السكان بها تطلبت وقتاً طويلاً، كونها مرحلة وخطوة حاسمة في خطة الحكومة العراقية قبل بدء المعركة.
وسلمت الفرقة المدرعة التاسعة المتمركزة بالموصل الملف الأمني بالمدينة المحررة لقوات الشرطة المحلية والاتحادية، تمهيداً لنقل الأسلحة والقوات نحو تلعفر، لتصبح دائرة المعركة بين حدود تلعفر والموصل غرباً والشرقاط وتلعفر جنوباً بدعم جوي من التحالف الدولي وبتحرك بري لعناصر الجيش العراقي.
كما أشارت عدة تقارير دولية إلى أن معركة تلعفر ستصبح أقصر من حيث المدة الزمنية وأسهل من حيث الاشتباكات المباشرة ضد داعش، نظراً لأن المدينة لا تحتوي على نفس الكثافة السكانية الموجودة بالموصل، ما يعنى أن عملية نزوح المدنيين لا تصبح عبئاً على القوات، فضلاً عن صغر مساحة القضاء مقارنة بالموصل.
وتصبح الاستعدادات على أرض الواقع بجانب التصريحات المباشرة من الحكومة العراقية هي مؤشرات فعلية، تؤكد قرب انطلاق المعركة الدولية الحاسمة ضد داعش بالعراق، والتي يتوقف عليها السيناريوهات المقبلة لمسار بقايا التنظيم الإرهابي بمدن سوريا والعراق.