"ملحمة" آل الحرير.. وحشية داعش بمواجهة أحرار ليبيا
وسط تقارير تحدثت مؤخرا عن عودة "داعش" لبلدان أفريقية بينها ليبيا، بدأت تلك الدول تفتش في ذاكرتها عن المآسي التي خلفها التنظيم الإرهابي.
إحدى هذه المآسي انطلقت من مدينة درنة شرقي ليبيا -والتي كانت عصية على التنظيم الإرهابي- الذي حاول شق طريقه إلى تلك المدينة عام 2014، إلا أنه لم يلبث أن خرج منها مطرودًا.
وما بين تواجده في مدينة درنة وخروجه منها، كان الليبيون على موعد مع "ملحمة" سطرها في شهر فبراير/شباط من عام 2015، ستة أشقاء بينهم فتاتان، ضد عدد من عناصر تنظيم داعش حضروا بمئات من العناصر المدججين بكل أنواع الأسلحة إلى منزل عائلة عيسى الحرير المنصوري بمنطقة شيحا الغربية بالمدينة.
بداية القصة
أعطى الإرهابيان عصام بوعجائز وحسن بوذهب اللذان كانا يقودان عناصر التنظيم –في ذلك الوقت- مهلة للعائلة لتسليم أحد أفرادها وإعلان "الاستتابة" وإخلاء المنزل الذي كان أهله "غصة" في حلق التنظيم المسيطر على المدينة آنذاك.
بعد رفض الإخوة الستة الانصياع لأوامر التنظيم الإرهابي، شن الأخير "حربًا" استمرت 18 ساعة، قبل أن يلقي أربعة إخوة مصرعهم، فيها، إلا أن الأختين أكملتا القتال ضد عناصر التنظيم ساعتين إضافيتين، قبل أن يُسدل الستار على تلك القصة الملحمية بمقتلهما –أيضًا-.
"آل حرير" هم عائلة من مدينة درنة قاومت إرهاب تنظيم داعش، برفضهم الفكر المتطرف بصورة مباشرة وعلانية، مستخدمين ثقلهم الاجتماعي والقبلي في المدينة، لمضايقة التنظيم الإرهابي الذي كون في تلك الفترة "ولاية برقة" الخاصة به في ليبيا.
ورغم سطوة التنظيم وقوته فقد منعهم آل عيسى الحرير حتى من التجمع بالقرب من منزلهم أو مرور أرتال له بذلك الشارع، حيث تقطن العائلة.
وقالت شقيقة الشهداء والناجية من "المذبحة" فايزة عيسى الحرير في تصريحات لـ"العين الإخبارية "، إن "تلك الممارسات من العائلة ضد التنظيم وضعت الأخير في مأزق وأحرجته، لا سيما وأنه كان يطمح في السيطرة بالقوة على المدينة وكامل التراب الليبي.
تأزم الأوضاع
وبحسب الحرير، فإن الأمور تأزمت أكثر بين تنظيم داعش وعائلة عيسى الحرير بعد مطالبة الأخيرة بفك ملابسات مقتل حفيدهم عيسى الحرير الذي قتل بتاريخ 20/9/ 2014 والذي طمست قضيته، ليتوعد التنظيم العائلة بشكل علني قبيل المعركة الشهيرة بأيام.
وأوضحت فايزة الحرير، أن أخوتها "دخلوا معركة غير متكافئة مع التنظيم الذي كان يقاتلهم بالأسلحة الثقيلة، بينها مضاد للطائرات وقواذف الآر بي جي، في حين قاتل إخوتي وشقيقاتي بالسلاح الخفيف فقط والقنابل اليدوية".
وتابعت "شقيقة الشهداء": "قاوم إخوتي الأربعة (عثمان وخالد وإبراهيم ومحمد) حتى قتلوا، فاقتحم عناصر التنظيم المنزل ظنا منهم أن من بقي من نساء داخله غير قادرات على المقاومة، إلا أن شقيقتي زكية تمكنت من قتل قائد التنظيم حسن الطالحين بوذهب بإطلاق النار داخل فمه في وسط المنزل".
وأضافت: "بعدها أقدم التنظيم على تفجير منزلنا أثناء تواجدي وأمي وإخوتي داخله"، مشيرة إلى أن مفاوضات جرت لنقل القتلى والمصابين داخل المنزل للمستشفى الذين كانت بينهم أمي".
ملحمة جديدة
ورغم المفاوضات إلا أن عناصر التنظيم توجهوا إلى مستشفى العريش؛ حيث أسعفت أمي وشقيقاتي وطوقوا المكان بالكامل، تقول فايزة الحرير، مضيفة أن تلك العناصر الإرهابية دخلوا إلى قسم العناية حيث ترقد شقيقتاي وسألوا إحداهما: هل قاتلتِ؟ لترد: أنتم من أتى إلينا ياخوارج، فقتلوها أمام الطاقم الطبي ".
وبمزيج من الألم على فقد عائلتها والنشوة والفخر بما فعلوا، قالت فايزة: هناك (أي المستشفى) وعند وصول شقيقتها زكية، رأت الأخيرة أحد الإرهابيين ويدعى أبو مصعب، ينكل بجثمان أحد إخوتي، فما كان منها إلا أن أطلقت عليه النار من مسدس كانت تخفيه، لترديه قتيلا داخل المستشفى ".
وأضافت: فصل جديد من المطاردة داخل أروقه المستشفى، بعد أن حاول الإرهابييون الانتقام من زكية التي قتلت أحدهم، وهو ما تحقق لهم"، مشيرة بدموع الحزن إلى أن عناصر داعش وبعد أن قتلوا أشقاءها الستة قاموا بجر ثلاثة جثامين لهم ومثلوا بها وصلبوها وسط المدينة، متوعدين سكان درنة بتصفية كل من يحاول الاقتراب منهم أو حتى إقامة العزاء لهم.
مشهد حزين
وتابعت: ظلت الجثامين على حالها عدة أيام دون أن تدفن في مشهد رآه العالم عبر الصور الفوتوغرافية التي التقطتها كاميرات هواتف الحاضرين ونشرت عبر الإنترنت.
وفيما تلقت فايزة وشقيقتها تهديدات بالقتل حال دخولهما المدينة، تدخل بعض أصدقاء العائلة ووجهاء في درنة، "لدفن شقيقاتي وجثامين أشقائي المعلقين صلبا"، بعد أن تخوف الجميع حينها من إنزالها، إلا بتعليمات من والي برقة في تنظيم داعش حينها.
وعبرت "شقيقة الشهداء" عن فخرها كون دماء أشقائها الستة كانت ذخرا يدفع شباب وأهالي مدينة درنة لمناصرة القوات المسلحة العربية الليبية التي حررت المدينة من براثن التنظيم الإرهابي.
aXA6IDE4LjIxNy4yNDYuMTQ4IA== جزيرة ام اند امز