"الموسيقى".. سلاح داعش لمواجهة تراجعه في سوريا والعراق
خلافة داعش المزعومة تشهد تراجعا، وبدأ في تهيئة مقاتليه بطرق جديدة منها استخدامه الدعاية الموسيقية والأناشيد.
منذ 3 سنوات، كان تنظيم داعش الإرهابي يسيطر على مساحات شاسعة من أراضي العراق وسوريا، وفي وقت قصير أعلن الخلافة ما بين حدود البلدين. واليوم تشهد تراجعا، وبدأ داعش في تهيئة مقاتليه إلى مستقبل تحت الحصار.
ومن بين الطرق التي يتبناها التنظيم من أجل القيام بذلك، استخدامه الدعاية الموسيقية، وفقا للإذاعة الوطنية العامة الأمريكية "إن بي آر".
ويستخدم داعش الأناشيد كوسيلة لنشر رسالته منذ تشكيل التنظيم، وتراتيل المعارك عبر الإنترنت من خلال وحدته الإعلامية الخاصة ومنافذ دعائية أخرى تابعة له. ومعظم أناشيد داعش باللغة العربية، لكن لغة الإلقاء يمكن أن تختلف باختلاف المقاتلين الأجانب الذين ينضمون إلى صفوفه.
ومن أحدث الأناشيد التي أصدرها التنظيم نشيد أصدره هذا الشهر بعنوان "دولتي باقية"، وكسائر أناشيد داعش يبدو أنه مسجل بمهارة واحتراف. ويبدأ النشيد بـ"دولتي باقية، تطلق النار على العدو. جنودها يصيحون أنها باقية. لن يتم القضاء على سبيلها؛ ووضوؤها يسعى للانتشار".
ومثل باقي أناشيد داعش انتشر هذا النشيد عبر الإنترنت من خلال تطبيقات الرسائل المشفرة، أو ربما عبر المحطة الإذاعية التابعة لداعش، وفقا للإذاعة الوطنية العامة الأمريكية، التي أشارت إلى أن النشيد لا يزال يبث في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم.
وقالت الإذاعة الأمريكية إن أبيات النشيد تعتبر ردا جريئا على هؤلاء الذين يعتقدون أن الصفعات التي يتعرض لها داعش في أرض المعركة مؤشر على نهاية التنظيم.
ومنذ ظهور التنظيم يقوم أيمن جواد التميمي، الباحث في منتدى الشرق الأوسط، بتعقب الناطق الكامل لدعاية داعش ويشمل ذلك موسيقاه. ويوضح لـ"إن بي آر" أن هذه الأناشيد تعكس تحول داعش من قوة محاربة تفرض حكمها على أراضي وشعوب واسعة النطاق إلى قاعدة محاضرة تتعرض حاليا إلى ضغط مكثف.
وكانت الشهور الماضية بمثابة صراع بالنسبة للتنظيم، حسب وصف الإذاعة الأمريكية، فالخلافة المزعومة التي كانت في ذروة قوتها وجذبت أتباعا لها من أوروبا والشيشان أصبحت الآن تتراجع. ففي العراق تضيق القوات العراقية المدعومة من الولايات المتحدة الخناق على آخر معاقل داعش في الموصل، حيث أعلن أبوبكر البغدادي خلافته منذ 3 سنوات. وفي سوريا يواجه داعش هجمات منفصلة من الأكراد المدعومين أمريكيا، والقوات القبلية العربية، علاوة على القوات السورية الموالية للنظام المدعومة من روسيا وإيران.
لكن على الرغم من ذلك يحذر التنظيم "أصحاب الضلال" -حسب وصفه- في نشيد "دولتي باقية" من أن المعركة لم تنتهِ. وربما يشير "أصحاب الضلال" إلى أعداء داعش في المعارك ويشملون التحالف المدعوم من الولايات المتحدة، أو حتى إلى هؤلاء الأشخاص المحاصرين تحت قبضة التنظيم الإرهابي ويسعون إلى الهرب.
ويوضح التميمي أنه في الفترة ما بين 2013 و2015، كانت الأناشيد تعكس صعود التنظيم وتطبيق الشريعة والعدالة، بخلاف ما تتناوله هذه الأناشيد الآن، حيث أصبح يستخدمها داعش في الرد على الصفعات الحالية التي يتعرض إليها من خسارة أراضٍ كان يسيطر عليها واحتمال فقدانه الرقة وشبه فقدانه الموصل.
وفي رد على خسارته أراضيه ومقاتليه، نشر داعش نشيدا في مايو الماضي بعنوان "لبوا الدعوة" في إشارة إلى الدعوة إلى الجهاد. وتنصح كلمات النشيد المقاتلين في عصر المعارك والصراعات الملحمية بالمقاومة والثبات في وجه الموت. وتتساءل كلمات النشيد: "أين الرجال الحق؟ أين أسود الصراع؟".. ويفسر التميمي الفكرة وراء هذه الرسالة بأمرين؛ الأول أن داعش لا يزال موجودا، والثاني تشجيع الناس على الاستمرار في القتال.
ومنذ عامين، عندما كان التنظيم الإرهابي لا يزال في طور التوسع جغرافيا، وقادر على جذب المقاتلين، كانت الأناشيد السائدة تتضمن كلمات تهديدية وعادة ما كانت تستخدم كموسيقى خلفية في فيديوهات داعش المرعبة والدموية.
ويمكن الاستماع إلى نشيد "قريبا قريبا" في خلفية أحد أكثر فيديوهات داعش رعبا؛ حيث تم إحراق الطيار الأردني معاذ الكساسبة حيا وهو محبوس في قفص.
ونشر هذا النشيد خلال يوم من وفاة الطيار، واعتبر شعارا لوحشية وجرأة داعش في ذروة سلطته.. لكن لم توقف عملية القتل هذه حملة قصف التحالف المكافح لداعش، وبمرور السنوات تعثرت "خلافة التنظيم" بشكل كبير.
ويقول التميمي إن الأناشيد باللغات الأجنبية مثل التركية، التي كانت تنشر من أجل جذب أتباع لداعش عالميا، أصبحت نادرة. مضيفا أنه حتى الأناشيد العربية الموجهة إلى قاعدة التنظيم أصبحت تصدر بصورة أقل. لافتا أنه في البداية اعتقد أن المنشدين ربما قتلوا في الغارات الجوية، لكن أصدر داعش مؤخرا "لبوا الدعوة - ودولتي باقية" في مايو/أيار ويونيو/حزيران الماضيين.
وأخيرا قالت "إن بي آر" إنه على الرغم من النغمة الحزينة في نشيد دولتي باقية، إلا أن كلماته تكشف عن تنظيم حذر، وربما فخور بما حققه من رعب واضطراب وإزهاق لأرواح وتدمير.