كواليس مرعبة عن سوق رقيق داعش
شبكة "سي إن إن" تعرض لمحات من معاناة الأطفال بعد وقوعهم في قبضة داعش ليتحولوا إلى أسرى عبيد.
فتى يبلغ من العمر 4 أعوام يقف وحيدا على قطعة أرض قاحلة تمتد عبر ملعب كرة قدم، هناك حيث يلعب، صامتا دون أقرانه.
فبعد سنوات من الوقوع في عبودية تنظيم داعش، أخيرا أصبح الطفل "لازم" آمنا، لكن ليس لديه أحد ليحادثه، حتى إنه ومنذ أيام قليلة ماضية لم يكن يعرف اسمه.
لازم، الطفل الذي ينتمي للأقلية العرقية الإيزيدية، اختطف من عائلته وهو طفل رضيع عندما اجتاح مقاتلو داعش مدينة سنجار شمالي العراق في أغسطس 2014، ونهبوا البلدات والقرى. آلاف الإيزيديين الرجال قتلوا بأيدي التنظيم الإرهابي، فيما وقع النساء والأطفال في الأسر وبيعوا، بحسب شبكة "سي إن إن" الإخبارية في نسختها الإنجليزية.
وبعد ثلاث سنوات، تواصل تجارة الاسترقاق في داعش طريقها نحو الازدهار، حتى بعد تراجع قوة التنظيم الإرهابي، فقد تم إخراج داعش من الرقة، المعقل السوري، خلال الأيام الماضية، ويعتقد أنه لا يوجد في المدينة سوى الخلايا النائمة للتنظيم.
أطلقوه عليه "غلام"
بعد إعادة لمّ شمله مع والده قاسم عبده علي في مخيم روانغا، الذي يأوي آلاف الإيزيديين الهاربين من اجتياح داعش لسنجار، يجلس "لازم" هادئا خلف أبيه، لكنه لم يتمكن من قول كلمة واحدة له حتى بعد مرور 10 أيام منذ إعادة جمعهما.
منفصلًا عن أحبائه، نشأ "لازم" وهو يتعلم التركمانية والتركية، وهي لغة مختطفيه الداعشيين، بدلًا من اللغة الكردية التي يتحدث بها مجتمعه.
في البداية أرسل "لازم" إلى معقل داعش في تلعفر، لكنه انتهى به الحال في تركيا، خارج أراضي داعش. لا يعرف كثيرا من التفاصيل حول كيفية وصوله هناك، حتى بالتركية؛ حيث إنه متحفظ، لذلك فإن بعض تفاصيل عن فترة أسره فقط هي المعروفة.
في البداية، اشترته زوجة أحد قادة داعش التي لم يكن لديها ولد، ويعتقد أنه عمل خادما، ويقول إن أول "مالكيه" كان لطيفا، لكنه رفض التحدث عن الثاني.
وقال مسؤولون من المكلفين بإنقاذه لـ"سي إن إن"، إن أفراد داعش أطلقوا عليه "غلام"، وحتى عودته إلى أهله الأسبوع الماضي كان يعتقد أن "غلام" اسمه.
طفل على جبهة داعش
مروان، 11 عاما، أسره تنظيم داعش في جبل سنجار، ثم نقله إلى مكان آخر، تم شراؤه وبيعه 11 مرة، وقضى معظم السنوات الثلاث الماضية في مدينة الرقة.
استُخدم خادما وجنديا، وأرسل إلى خط المواجهة في حرب داعش، حيث مركزه مختطفوه في الخط الأمامي والوسط خلال المعركة، وهو أمر شائع للأطفال الإيزيديين الجنود.
وقال مروان، وهو على متن شاحنة تنقله من سوريا إلى كردستان العراق: "داعش علمني كيفية استخدام (آر بي جي)، والمسدس، والقنبلة اليدوية".
قد يكون المدفع الرشاش سلاحا ثقيلا بالنسبة لطفل، لكن مروان قال: "لا، أنا كنت قويا للغاية".
وقال عبد الله شريم، الذي نسق عملية تهريب لتأمين إطلاق سراح مروان: "استخدموا مروان خادما في منازلهم، وجنديا في خطوطهم الأمامية، لأن مروان لا يهمهم"، مضيفًا: "لا يهم إذا قتل أو تمت مهاجمته".
وقال مروان لـ"سي إن إن": "عندما رأيت والدتي، بكيت بدموع الفرح"، وأضافت والدته: "لم أتمكن من النوم ليلا، لا يمكنني تناول الطعام لأنني أشعر بالامتلاء، امتلاء من الابتهاج". والدة مروان كانت يوما إحدى عبيد داعش.
إعادة شراء عبيد
تقول حكومة إقليم كردستان، إنها تنفق ملايين الدولارات لتأمين إطلاق سراح العبيد الإيزيديين.
بدأت سوق رقيق تنظيم داعش مع البازارات التي كانت تباع فيها الإيزيديات، والأطفال، وكبار السن، ضمن مختلف أشكال العبودية.
وقد أسفرت عمليات الإنقاذ عن اقتصاد مختلف تماما.
وبمجرد تحريرهم من أيادي داعش، يقع الأسرى الإيزيديون في قبضة المهربين، وليس جميعهم لديهم نوايا حسنة.
لكن حتى بالنسبة لأولئك من أمثال مروان ولازم، ممن كانوا محظوظين كفاية ليتم إنقاذهم من داعش، لم تكن العودة إلى مسار الحياة الطبيعية سهلة.
aXA6IDMuMTM5LjgzLjI0OCA= جزيرة ام اند امز