لقد أجمع علماء المسلمين على مر التاريخ على تحريم قتل من لا يحمل سلاحاً ولا يقاتل
من أكثر عجائب هذا الزمان أن الجماعات السياسية التي نصبّت نفسها دعاة لله، وحماة للإسلام، وناطقة باسمه، هي أكثر من يخالف هذا الدين، ويعصي أوامر الله، ويقدم أسوأ نموذج ممكن وجوده في الكون لأي دين. ولا نعلم هل هذا عن جهل بالدين، أم عن تعمد لتشويه الدين، أم أنها مجرمة تتستر خلف الدين، وفي الحقيقة لا دين لها.
في سنوات الربيع العربي المشؤوم السبع العجاف التي مرت، شهد العالم العربي عمليات القتل العشوائي التي لم يشهدها العالم في أي حرب من الحروب المعاصرة؛ باستثناء عمليات التطهير العرقي التي تمت في رواندا وبروندي في تسعينيات القرن الماضي، وعمليات القتل العشوائي - للعزّل من الأطفال والنساء والشيوخ، وكل من لا علاقة له بحرب ولا قتال - التي تمت في دول الربيع المشؤوم كانت بسبب الألغام والعبوات الناسفة، والمفخخات، وجميعها ألغام من حيث الطبيعة والمفاجأة، والغدر والقتل العشوائي غير الهادف إلا لإراقة مزيد من الدماء لتحقيق أهداف سياسية؛ بعد أن أصبح الدم البشري وسيلة لتحقيق مكاسب سياسية على يد جماعة الإخوان الفاشلة.
الإسلام والألغام نقيضان متناقضان لا يجتمعان، فمن يؤمن بالإسلام يستحيل أن يصنع الألغام أو يزرعها، ومن يصنع الألغام أو يزرعها في اليمن أو ليبيا أو سوريا أو العراق أو مصر فليس من الإسلام في شيء؛ وأن أسبغ على نفسه كل صفات الإسلام وألقابه، وتزين بكل مظاهره وسماته.
فجماعة تسمي نفسها "أنصار الله" في اليمن الذي يفتقد إلى أبسط مقومات الحياة، ولا يملك من أدوات التكنولوجيا الكثير، ولا توجد به طرق معبّدة بصورة حديثة، ويعمل أهله بالزراعة والرعي، ويتحركون في بيئة صحراوية مفتوحة،، بدلا من أن تزرع الأرض خيراً وثمراً ونفعاً للناس، زرعتها ألغاما عبثية بدون خرائط، وبدون معرفة، سيكون ضحاياها أبرياء لا علاقة لهم بحرب، ولا صراع على السلطة، وإنما أرادت المليشيات الانقلابية لهم أن يموتوا أو يُشوَّهوا، وقبلهم فعل نفس الشيء "جيش الإسلام" في سوريا، وما سُميت بـ"الخلافة الإسلامية" في العراق وسوريا...الخ.
كل هؤلاء المنتسبين للإسلام من "أنصار الله" في اليمن إلى أمثالهم في سوريا والعراق وليبيا وسيناء المصرية، جميعهم قام وما زال يقوم بأبشع جريمة في تاريخ البشرية، وهي قتل النفس البريئة غدرا.
في توديعه لجيش أسامة ابن زيد الذاهب لحماية الحدود من المعتدين المحتلين؛ خطب خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبوبكر الصديق رضي الله عنه قائلاً:: " أيها الناس، أوصيكم بعشر فأحفظوها عني: لا تخونوا، ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلًا صغيرًا ولا شيخًا كبيرًا ولا امرأة، ولا تعقروا نخلًا ولا تحرقوه ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيرًا إلا لمأكلة، وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع، فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له ".
وفي كتابيه السير الكبير والسير الصغير، وضع محمد بن الحسن الشيباني المتوفى 805 م؛ صاحب الإمام أبو حنيفة النعمان رضي الله عنه قواعد قانون الحرب في الإسلام، وقبله فعل الإمام الأوزاعي المتوفى 774م، في كتابه "سير الأوزاعي"، وكلاهما اتفقا على أن الإسلام يفرّق بين القتال والقتل، فالقتال صراع قد ينتهي بالقتل أو الاستسلام أو الصلح، وإنما القتل في ذاته فجريمة كبرى، والقرآن الكريم جعل قتل النفس بدون حق كمن قتل الناس جميعاً، لذلك أثناء الحروب يحرّم قتل من لا يُقاتل، أي من لا يحمل السلاح، حتى أنه يحرّم قتل من يحمل السلاح إذا بدأ بالانسحاب.
لقد أجمع علماء المسلمين على مر التاريخ على تحريم قتل من لا يحمل سلاحاً ولا يقاتل، لذلك كان هناك اتفاق على تحريم الأسلحة التي لا تميز بين المقاتل وغير المقاتل مثل المنجنيق، وهو يشبه القنابل المدوية في قوته التدميرية، ويتم توجيهه إلى المقاتلين، وإن رأى بعضهم أنه قد يكون بين المقاتلين من لا يقاتل مثل المسعفين وغيرهم، وقد ورد في التراث أن المسلمين قد عرفوا البارود من الصينيين ولكنهم لم يصنعوه، أو يستخدموه، لأنه سلاح لا يميز بين مقاتل وغير مقاتل، ولذلك قد يتسبب في قتل نفس بريئة.
هذا هو الإسلام الحقيقي، وليس إسلام من يسمون أنفسهم "أنصار الإسلام" الذين يتخذون أحبار قم وطهران أرباباً يشرّعون لهم، ويوجهونهم لما يحقق طموحاتهم الشيطانية، فكل من صنع أو زرع لغماً أو عبوة ناسفة، أو مفخخة هو قاتل مجرم محارب أياً كان الرسم الذي يحمله، أو العنوان الذي ينتمي إليه، أو الاسم الذي يدعي أن يعبده، هو من الذين يجب أن يطبّق عليهم حد الحرابة، بأن يُقتَلوا أينما وجدوا.
وذلك لأن الإسلام والألغام نقيضان متناقضان لا يجتمعان، فمن يؤمن بالإسلام يستحيل أن يصنع الألغام أو يزرعها، ومن يصنع الألغام أو يزرعها في اليمن أو ليبيا أو سوريا أو العراق أو مصر فليس من الإسلام في شيء؛ وأن أسبغ على نفسه كل صفات الإسلام وألقابه، وتزيّن بكل مظاهره وسماته.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة