بلال بن رباح.. مؤذن الإسلام الأول
اشتهر بلال بصبره على التعذيب، وقولته الشهيرة تحت التعذيب «أحدٌ.. أحد»، ولما شُرع الأذان، اختاره النبي محمد ليكون مؤذنه الأول.
بلال بن رباح، الشديد السمرة النحيف الناحل المفرط الطول الكث الشعر، ذو الصوت العذب الذي أبكى الجميع، صحابي ومؤذن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ومولى أبي بكر الصديق، رضي الله عنهما.
كان بلال بن رباح من السابقين إلى الإسلام ومن المستضعفين الذين عُذبوا ليتركوا الدين الحنيف؛ حيث كان عبداً لبني جمح من قريش، فعذبه سيده أمية بن خلف بعدما أعلن إسلامه، فاشتراه أبوبكر الصديق وأعتقه.
اشتهر بلال بصبره على التعذيب، وقولته الشهيرة تحت التعذيب "أحدٌ أحد"، ولما شُرع الأذان، اختاره النبي محمد صلى الله عليه وسلم ليكون مؤذنه الأول.
كان بلال بن رباح حبشي الأصل، قيل إنه من مولدي الحجاز؛ حيث كانت أمه "حمامة" أمة لبني جُمح.
وروى عامر الشعبي أن موالي بلال من بني جمح كانوا يطرحونه على بطنه ويعصرونه، ويقولون له "قُل دينك اللات والعزى"، وكان الذي يعذبه أمية بن خلف، فيخرج به إذا حميت الظهيرة، ويطرحه على ظهره في بطحاء مكة، ثم يأمر بالصخرة العظيمة على صدره، ثم يقول: "لا يزال على ذلك حتى يموت أو يكفر بمحمد".
كان بلال يأبى ويقول: "ربي الله، أحدٌ أحد، ولو أعلم كلمة أحفظ لكم منها لقُلتها"، فمر أبوبكر الصديق بهم، فاشتراه منهم لما يأسوا أن يردوه عن دين الإسلام، ويقال إنه اشتراه بـ40 أوقية من فضة، (قيل بسبع أوراق من فضة، وقيل بخمس، وقيل بتسع أوراق) ثم أعتقه.
هاجر بلال إلى يثرب ونزل على سعد بن خيثمة، وآخى النبي محمد بينه وبين عبيدة بن الحارث بن المطلب، وقيل بينه وبين أبي عبيدة بن الجراح.
وشهد بلال مع الرسول عليه الصلاة والسلام غزوة بدر، وقتل يومها أمية بن خلف مولاه السابق الذي كان يُعذبه، كما شارك معه في باقي غزواته كلها، واتخذه النبي محمد مؤذناً لما شُرع الأذان، فكان بلال أول من أذن، وهو أحد ثلاثة مؤذنين للنبي محمد مع أبي محذورة الجمحي وعمرو بن أم مكتوم، فكان إذا غاب بلال أذن أبومحذورة، وإذا غاب أبومحذورة أذن عمرو بن أم مكتوم.
ويوم فتح مكة، أمر النبي محمد بلالاً بأن يعتلي الكعبة، ويؤذن فوقها، ففعل، ولما توفي النبي محمد، أبى بلال أن يؤذن لأحد بعد النبي محمد، إلا مرة واحدة ناشدوه فيها أن يؤذن، فأذن حتى بلغ قوله "أشهد أن محمداً رسول الله"، فأجهش بالبكاء، وما استطاع أن يتم الأذان.
وجاء بلال إلى أبي بكر الصديق يسأله أن يأذن له بالمشاركة في الفتوحات، فأبى أبوبكر، وقال له: "أنشدك بالله يا بلال، وحرمتي وحقي، فقد كبرت وضعفت، واقترب أجلي"، فأقام معه حتى وفاة أبي بكر، ثم أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يستأذنه، فأبى عليه، فأصر بلال، فأذن له فخرج إلى الشام.
ونزل بلال ومعه أبورويحة الخولاني على بني خولان في داريا، فخطبا إليهم، فقالا: "إنا قد أتيناكما خاطبين، وقد كنا كافرين فهدانا الله، ومملوكين فأعتقنا الله، وفقيرين فأغنانا الله، فإن تزوجونا فالحمد لله، وإن تردونا فلا حول ولا قوة إلا بالله"، فزوجوهما".
توفي بلال بالشام، ولكن اختلف في مكان وزمان وفاته، فقيل مات سنة 20 هـ بدمشق، ودفن بباب الصغير، وعمره بضع وستين سنة، وقيل مات سنة 21 هـ، وقيل مات في طاعون عمواس سنة 17 هـ أو 18 هـ. وقيل مات في داريا، وقيل مات بحلب، وهو ابن سبعين سنة.
ويُروى أنه لما حضرته الوفاة، قال: «غداً نلقى الأحبة محمداً وحزبه»، فقالت امرأته: «واويلاه!»، فقال: «وافرحاه!». أما صفته، فقد كان رجلاً آدماً شديد الأدمة، نحيفاً، طويلاً، أجنأ به حَدْب، له شعر كثير، خفيف العارضين، به شمط كثير، وكان لا يغير لون شيبته. وقد توفي بلال بن رباح دون أن يعقب.
aXA6IDMuMTM1LjIwNC40MyA= جزيرة ام اند امز