ضربة جديدة للإخوان في ألمانيا بوابتها "الإغاثة الإسلامية"
لا تزال منظمة "الإغاثة الإسلامية" تسيل كثيرا من الحبر المشبوه في ألمانيا، وسط محاولات فاشلة بالنأي عن جماعة الإخوان الإرهابية.
فالمنظمة التي تعتبر فرع "الإغاثة الإسلامية العالمية" ومقرها بريطانيا، باتت "غير مرغوب فيها" في ألمانيا سواء على الصعيد السياسي أو الاجتماعي أو حتى الرقمي، بسبب ارتباطها بالإخوان.
واقعٌ جديد تعيشه "الإغاثة الإسلامية" في ألمانيا تفجر في الموقع الرسمي لبلدية برلين، الذي يحيل زائر بوابة الصحة إلى رقم هاتف وعنوان المنظمة، ما أثار انتقادات كبيرة لـ"تسهيل البلدية التواصل مع جهة محسوبة على الإخوان".
خطوةٌ دفعت النائب في برلمان ولاية برلين، هولجر كريستل، المنحدر من الحزب الديمقراطي الحر (يمين وسط)، إلى تقديم استجواب في البرلمان حول هذا الأمر.
تبرير "غير مقبول"
لكن إجابة البلدية كانت مثيرة أكثر للانتقادات، وفق صحيفة "برلينر مورجن بوست" الألمانية الخاصة، والتي قالت في مذكرة لبرلمان ولاية برلين إن الموقع الإلكتروني للبلدية لا يقع تحت مسؤوليتها.
وأوضحت أن "إدارة موقع البلدية يدار وفق اتفاقية شراكة مع شركة منذ 1998".
وبموجب رد البلدية، فإنها لا تملك إصدار التعليمات للموقع في ظل إدارته الحالية وفق العقد المبرم.
ووفق القواعد الإدارية الحالية، تقدم المؤسسات طلبات لإدارة الموقع لإدراجها في إحدى صفحاته، على أن تقوم الإدارة بفحص الطلبات ثم تنشر المعلومات الأساسية المتعلقة بهذه الجهات.
غير أن كريستل هاجم هذه القواعد، وقال في تصريحات لـ"برلينر مورجن بوست" إن "البرلمان قدم خطوات ضئيلة جدا في هذا الملف".
وأضاف: "على الرغم من وجود طرف خارجي مسؤول عن المحتوى في موقع البلدية، فإن هذا الموقع بوابة للولاية، وغير مقبول بأي حال من الأحوال أن يجد الأشخاص الذين يتصلون بأحد الأرقام الموجودة على الموقع، أنفسهم في حديث مع منظمة مرتبطة بالإخوان".
ولا يزال النائب الألماني يطالب بحذف أية بيانات اتصال بمنظمة الإغاثة الإسلامية من بوابة برلين، وفق الصحيفة ذاتها.
وبصفة عامة، تنشر بوابة الولاية أسماء وعناوين وبيانات الاتصال بكل المؤسسات العاملة في المجالات الحياتية المختلفة في برلين.
ونظرا لأن منظمة "الإغاثة الإسلامية" تروج لنفسها بأنها تنشط في أنشطة خيرية في القطاع الصحي، وضعها الموقع في قسم الصحة.
لكن كل ذلك لم يشفع لها لدى هيئة حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) في ولاية برلين، والتي قالت في إفادة للصحيفة نفسها، إن الفرع لا يزال يرى أن الإغاثة الإسلامية لها صلات شخصية قوية بمنظمات مرتبطة بالإخوان المسلمين.
وأكد فرع الهيئة الأمنية أن الجماعة تسعى لتغيير النظام السياسي لنظام يناسب رؤيتها و أيدولوجيتها.
محاولات لتبييض السمعة
وفي إطار مساعيها لتبييض سمعتها، بذلت الإغاثة الإسلامية في ألمانيا محاولات يائسة في الأشهر الماضية لإنقاذ صورتها، وتهدئة لمخاوف المؤسسات المانحة بعد أن تعرضت لضربات سياسية ومالية قوية.
محاولات لم تمر على هيئة حماية الدستور التي أصدرت تقييما للمنظمة في نوفمبر الماضي أيضا، لفتت فيه إلى أنها ليست مقتنعة بتحركات الإغاثة الإسلامية للنأي بنفسها عن الإخوان.
وأوضحت أن ارتباط الإغاثة الإسلامية بالإخوان هو أحد أسباب انتهاء تمويل مشاريع المنظمة من قبل الحكومة الاتحادية في الوقت الحالي.
وقال متحدث باسم وزارة الداخلية لوكالة الأنباء الألمانية، في الفترة نفسها "وفقا لمعلومات الوزارة، فإن المنظمة الأم وكذلك فرعها في ألمانيا لديهما حتى اليوم صلات شخصية ذات أهمية بجماعة الإخوان المسلمين أو المنظمات ذات الصلة".
بدوره، ذكر نائب رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الديمقراطي الحر، ستيفان تومي أن "الحكومة لا تزال تفترض وجود روابط بين الإغاثة الإسلامية والإخوان".
ضغوط سابقة
وكانت "العين الإخبارية" نشرت في وقت سابق وثيقة برلمانية مؤرخة بـ٦ أكتوبر/تشرين الأول ٢٠٢٠، تفيد بأن ستيفان تومي، قدم طلبا للحكومة الألمانية لوضع منظمة الإغاثة الإسلامية تحت رقابة هيئة حماية الدستور، بسبب ارتباطها بالإخوان الإرهابية.
وعادة ما تخضع هيئة حماية الدستور، التنظيمات والأفراد الذين يمثلون خطرا كبيرا على الديمقراطية ويهدفون إلى تقويض النظام السياسي، لرقابتها.
وجاء طلب تومي بعد أيام قليلة من تقديم حزبه الديمقراطي الحر استجواب، اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، يطلب إيضاحات من الحكومة حول ما اتخذته من إجراءات ضد منظمة الإغاثة الإسلامية بعد ثبوت علاقتها بالإخوان.
وجاءت هذه التحركات البرلمانية بعد نحو شهر من قرار اتحاد للمنظمات الخيرية في ألمانيا، تعليق جميع تعاملاته مع منظمة الإغاثة، بسبب ارتباط الأخيرة مؤسسيا وشخصيا بالإخوان.
ونقلت صحيفة "دي فيلت" الألمانية في أوائل سبتمبر/أيلول المنصرم، عن متحدث باسم الاتحاد، لم تذكر اسمه، قوله "أوقف اتحاد دويتشلاند هيلفت (ألمانيا تساعد) عضوية منظمة الإغاثة الإسلامية حتى إشعار آخر".
وفي عام ٢٠١٩، جمع اتحاد "دويتشلاند هيلفت" تبرعات وصلت إلى ٣٦ مليون يورو، ذهب 2.5 مليون يورو منها إلى الإغاثة الإسلامية.
وفي أبريل/نيسان الماضي، جففت وزارة الخارجية الألمانية أحد أهم مصادر دخل منظمة الإغاثة الإسلامية، وهي المساعدات الحكومية في البلاد.
وقالت الوزارة في إفادة لموقع "يونجل وورلد" الإخباري الألماني إن "منظمة الإغاثة الإسلامية لم تعد تتلقى تمويلا من الحكومة الألمانية، سواء لمشروع دعم الرعاية الطبية في سوريا، أو غيره".
قرار حكومي اتخذته السلطات الألمانية بعد تولي مكتب التحقيق الفيدرالي مراجعة حسابات منظمة الإغاثة لمدة عام كامل.
وفيما لم تنشر وزارة الخارجية نتائج المراجعة، اعتبرت أن "التصريح بهذه المعلومات يمكن أن يكون ضارا بمصالح جمهورية ألمانيا الاتحادية".
وكانت منظمة الإغاثة الإسلامية تلقت من وزارة الخارجية الألمانية مساعدات بلغت 1.5 مليون يورو في 2017، و2.5 مليون يورو في 2018.
ووفق الموقع "يونجل ورلد"، فإن حملات التبرعات التي تنظمها منظمة الإغاثة في ألمانيا، تأثرت سلبا، وكذلك تأثر دخل المنظمة في 2019 و2020، بإعلان الحكومة الألمانية بشكل رسمي اكتشافها صلات شخصية ومؤسسية بين المنظمة والإخوان.
وتملك الإخوان الإرهابية وجودا قويا في ألمانيا، عبر منظمة المجتمع الإسلامي، والعديد من المنظمات الصغيرة والمساجد المنتشرة في عموم البلاد.