أكاذيب تحطمت على صخرة الحقائق.. "الأزهر" ينتصر لبيت العائلة الإبراهيمية
انتصار لبيت العائلة الإبراهيمية، ودحض للافتراءات والأكاذيب التي استهدفته، كانت ملامح شهادة جديدة من أعلى هيئة للبحوث الإسلامية بالأزهر الشريف.
تلك الشهادة الصادرة عن مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر حسمت بالأدلة الجدل المثار حول بيت العائلة الإبراهيمية، مؤكدا أن فكرة البيت لا تدعو لدمج الأديان ولا انصهارها، بل أشاد بتلك المبادرة "لما يترتب عليه من مقاصد إنسانية يدعو إليها الدين الإسلامي وكافة الشرائع السماوية".
ويضم "بيت العائلة الإبراهيمية" الذي يقع في جزيرة السعديات في أبوظبي، كنيسة ومسجدا وكنيسا جنبا إلى جنب، بما يبرز القيم المشتركة بين الإسلام والمسيحية واليهودية، ويحفظ في ذات الوقت لكل دين خصوصيته، مقدما بذلك صرحا عالميا يجسد تواصل الحضارات الإنسانية والرسالات السماوية، ويعكس قيم الاحترام المتبادل والتفاهم بين أتباع الديانات السماوية الثلاث، ليشكل للمرة الأولى مجتمعا مشتركا، تتعزز فيه ممارسات تبادل الحوار والأفكار بين أتباع الديانات.
ويعد هذا البيت أحد مبادرات وثيقة "الأخوة الإنسانية" التاريخية التي وقعها الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، والبابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، في أبوظبي في فبراير/شباط 2019، برعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات.
حملة أكاذيب
ورغم أنه منذ الحديث عن البيت -وحتى قبل بنائه- انطلقت حملة الافتراءات والأكاذيب التي تستهدفه، وتنال فكرة من أهدافه السامية، إلا أنه مع افتتاح بيت العائلة الإبراهيمية في 16 فبراير/شباط الماضي تجددت تلك الحملة التي تقودها جهات مشبوهة، على رأسها عناصر من جماعة "الإخوان" الإرهابية ومن يدور في فلكها.
تلك الافتراءات -التي لا تمت للحقيقة بصلة- تنوعت بين إعادة الزعم بأن مبادرة "بيت العائلة الإبراهيمية" تدعو لدين جديد يدمج الديانات السماوية الثلاث في دين أطلقوا عليه بهتانا اسم "الدين الإبراهيمي".
ليس هذا فحسب، بل إن هناك من ذهب في افتراءاته إلى أبعد من ذلك، زاعما كذبا أن دولة الإمارات اعتمدت ما أسموه "الدين الإبراهيمي" كدين جديد للبلاد، وأنها محاولة لاستهداف الدين واستعداء الإسلام.
وتصدت دولة الإمارات لتلك الأكاذيب بالأقوال والأفعال التي تدحضها، وتؤكد أن "بيت العائلة الإبراهيمية" يضم كنيسة قائمة بذاتها، ومسجدا قائما بذاته، وكنيسا قائما بذاته، فيما لكل فرد الحرية في ممارسة معتقداته، مؤكدا أن ذلك البيت يكرس حرية الاعتقاد لا دمج المعتقدات، ويدعو لتعايش بين الأديان وليس انصهارها.
بيان حاسم
وفي مقابل حملة الافتراءات والأكاذيب التي استهدفت البيت، تصدت شخصيات ومؤسسات عدة لتلك الحملة، مفندين في مقالات وحوارات وبيانات بالأدلة والبراهين تلك الأكاذيب الافتراءات.
وفي مقدمة الصفوف في مواجهة تلك الحملة، كان يقف مجمع البحوث الإسلامية الذي يعد الهيئة العليا للبحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، وتقوم بالدراسة في كل ما يتصل بهذه البحوث، وتعمل على تجديد الثقافة الإسلامية، وتجريدها من الفضول والشوائب، وآثار التعصب السياسي والمذهبي، وتجليتها في جوهرها الأصيل الخالص، وتوسيع نطاق العلم بها، لكل مستوى وفي كل بيئة، وبيان الرأي فيما يجد من مشكلات مذهبية، أو اجتماعية، تتعلق بالعقيدة.
ويتألف مجمع البحوث الإسلامية من عدد لا يزيد عن خمسين عضوا، من كبار علماء الإسلام، يمثلون جميع المذاهب الإسلامية، بينهم عدد لا يزيد على العشرين من غير المصريين.
وأكد مجمع البحوث الإسلامية أن "مبادرات الأخوة الإنسانية، وبناء دور عبادة مستقلة لغير المسلمين لأداء شعائرهم مع الحفاظ على هوية كل دين وخصوصيته واستقلاليته لا يعد دمجا للأديان، ولا من قبيل تلك الدعوات الباطلة المشبوهة التي استهدفت انصهار الأديان ومزجها في دين واحد".
صفعة قوية
وأضاف مجمع البحوث الإسلامية، في بيانه الذي اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه "بل هو جائز شرعا، نظرا لما يترتب عليه من مقاصد إنسانية يدعو إليها الدين الإسلامي، بل تدعو إليها كافة الشرائع السماوية".
وأكد البيان أن "مشروع بيت العائلة يمثل إحدى مبادرات الأخوة الإنسانية، وهو عبارة عن مسجد مجاور لكنيسة وكنيس، يفصل بين دور العبادة لكل دين على حدة في المبنى والمعنى (..) كما أن تجاور دور العبادة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية قديم وموجود في كبرى المدن والعواصم الإسلامية وليس أمرا مبتدعا".
وأشار إلى أن "الأزهر أنشأ مع الكنائس المصرية من قبل ما يسمى بـ"بيت العائلة المصرية" بلجانه المشتركة بكل محافظات مصر، والذي يرأسه شيخ الأزهر وبابا الكنيسة الأرثوذكسية معًا، وله فروع في كل محافظات مصر وممثلون نصفهم من القساوسة ونصفهم من الشيوخ".
بيان تلك الهيئة الإسلامية المرموقة الذي انتصر لبيت العائلة الإبراهيمية، وفند ما طالها من "أكاذيب وافتراءات"، كان بمثابة "صفعة قوية" على جبين تلك الجهات المشبوهة التي تستهدف بيت العائلة الإبراهيمية.
وبنظرة معمقة في المرادفات التي استخدمها البيان، تتضح المزاعم والافتراءات، بشأن "بيت العائلة الإبراهيمية"، والتي لا تمت للحقيقة ولا لفكرة البيت أو وثيقة الإخوة الإنسانية بصلة.
فالبيان آثر إيضاح الحكم الشرعي لبناء دور عبادة مستقلة لغير المسلمين لأداء شعائرهم مع الحفاظ على هوية كل دين وخصوصيته واستقلاليته، والحكمة لتلك المبادرة، مؤكدا جواز ذلك شرعا.
ما أهداف بيت العائلة الإبراهيمية؟
وافتتحت دولة الإمارات، في 16 فبراير/شباط الماضي، "بيت العائلة الإبراهيمية"، الذي يعد منارة للتعايش ومركز إشعاع حضاري يعزز الأخوة الإنسانية.
البيت الذي يجمع الديانات السماوية الرئيسية الثلاث تحت سقف صرح واحد، يعد ترجمة على أرض الواقع لأهداف وثيقة "الأخوة الإنسانية" التاريخية التي وقعها الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، والبابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، في أبوظبي في فبراير/شباط 2019، برعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات.
كما يجسد رسالة دولة الإمارات للإنسانية بأهمية التعايش والأخوة بين الجميع، بغض النظر عن الأديان والمعتقدات واللغات والجنسيات.
وبافتتاحها "بيت العائلة الإبراهيمية" تكون دولة الإمارات قد أهدت للعالم معلما حضاريا ومركزا للحوار والتفاهم بين الأديان، وفضاء ملهما للتثقيف، ومنارة للتفاهم المتبادل والتعايش بين أبناء الديانات، ووجهة للتعلم والحوار والتعارف، وواحة تجمع الإخوة في الإنسانية نحو مستقبل يسوده السلام والوئام والمحبة.
ويمثل "بيت العائلة الإبراهيمية" صرحا عالميا يجسد تواصل الحضارات الإنسانية والرسالات السماوية، ويعكس قيم الاحترام المتبادل والتفاهم بين أتباع الديانات السماوية الثلاث، ليشكل للمرة الأولى مجتمعا مشتركا، تتعزز فيه ممارسات تبادل الحوار والأفكار بين أتباع الديانات.
ويحمل البيت رسائل تدعو للتعايش لا الإقصاء، وتبرز مفهوم الاعتدال في مواجهة التطرف، وتعزز قيم التسامح لنبذ التعصب، وتدعو للمحبة في مواجهة الكراهية.
وتؤكد دولة الإمارات، من خلال فكرة ذلك البيت، أهمية التركيز على ما يجمع الأديان من قيم مشتركة، لتكون بمثابة حجر الأساس في بناء مظلة التسامح وواحة الأخوة.
وتؤكد دولة الإمارات من خلال ذلك البيت أهمية الإيمان بالاختلاف، وأن تنوع المذاهب والعقائد لا يمكن إلغاؤه، وأن التعايش بين أتباع الديانات المختلفة في وئام وسلام واحترام متبادل هو سبيل تعزيز الاستقرار، وبناء درع واق لحماية مجتمعاتنا من أخطار الإقصاء والتشدد والتطرف.
الإرث النبوي
يجسد ذلك المعلم البارز أهداف وثيقة الأخوة الإنسانية، التي تعد دستورا جديدا للتعايش السلمي يجمع الشرق بالغرب، يتضمن عددا من الثوابت والقيم، منها قيم السلام وثقافة التسامح وحماية دور العبادة وحرية الاعتقاد ونشر الأخلاق ومفهوم المواطنة.
وتستلهم وثيقة الأخوة الإنسانية بنودها من "صحيفة المدينة"، التي وضع بنودها نبيّنا محمد -صلى الله عليه وسلم- عندما هاجر من مكة إلى المدينة في السنة الأولى للهجرة، أي عام 623م.
ومبدأ حرية الاعتقاد تضمنته صحيفة المدينة الصادرة قبل 1400 عام في البند رقم (25) والذي جاء فيه: "وأن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين لليهود دينهم وللمسلمين دينهم مواليهم وأنفسهم إلا من ظلم أو أثم فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته"، وهذا فيه ضمان للحريات الأساسية للأفراد، وعلى رأسها حرية الاعتقاد، وهو مبدأ هام يجسد فكرة بيت العائلة الإبراهيمية بشأن حرية الاعتقاد.
وبالتزامن مع افتتاح بيت العائلة الإبراهيمية شهدت عدد من مدن الإمارات على مدار الأيام الماضية فعاليات متنوعة تستهدف تشجيع أبناء وبنات المسلمين في الإمارات ومختلف أصقاع الأرض لحفظ كتاب الله، الأمر الذي يدحض الافتراءات والأكاذيب التي تستهدف دولة الإمارات والزعم أنها تستهدف الإسلام.
aXA6IDMuMTQ0LjMxLjg2IA==
جزيرة ام اند امز