بيت العائلة الإبراهيمية.. بيان حاسم من مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر
أكد مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف أن مبادرات الأخوة الإنسانية، وبناء دور عبادة مستقلة لغير المسلمين لأداء شعائرهم مع الحفاظ على هوية كل دين وخصوصيته واستقلاليته، لا يعد دمجا للأديان.
وأضاف أن "بناء دور عبادة مستقلة لغير المسلمين ليس من قبيل تلك الدعوات الباطلة المشبوهة التي استهدفت انصهار الأديان ومزجها في دين واحد، بل هو جائز شرعا نظرا لما يترتب عليه من مقاصد إنسانية يدعو إليها الدين الإسلامي، بل تدعو إليها جميع الشرائع السماوية".
وتابع "مشروع بيت العائلة الذي يمثل إحدى مبادرات الأخوة الإنسانية، وهو عبارة عن مسجد مجاور لكنيسة وكنيس، يفصل بين دور العبادة لكل دين على حدة في المبنى والمعنى، كما أن تجاور دور العبادة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية قديم وموجود في كبرى المدن والعواصم الإسلامية وليس أمرا مبتدعا، وقد أنشأ الأزهر مع الكنائس المصرية من قبل ما يسمى بـ(بيت العائلة المصرية) بلجانه المشتركة بكل محافظات مصر، والذي يرأسه شيخ الأزهر وبابا الكنيسة الأرثوذكسية معاً، وله فروع في كل محافظات مصر وممثلون نصفهم من القساوسة ونصفهم من الشيوخ".
وشهدت دولة الإمارات في 16 فبراير/شباط الماضي افتتاح "بيت العائلة الإبراهيمية"، الذي يعد منارة للتعايش ومركز إشعاع حضاري يعزز الأخوة الإنسانية.
وهذا البيت، الذي يجمع الديانات السماوية الرئيسية الثلاث تحت سقف صرح واحد، ترجمة على أرض الواقع لأهداف وثيقة "الأخوة الإنسانية" التاريخية التي وقعها الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، في أبوظبي في فبراير/شباط 2019، برعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات.
كما يجسد رسالة دولة الإمارات للإنسانية بأهمية التعايش والأخوة بين الجميع بغض النظر عن الأديان والمعتقدات واللغات والجنسيات.
وبافتتاحها "بيت العائلة الإبراهيمية" تكون دولة الإمارات قد أهدت العالم معلما حضاريا ومركزا للحوار والتفاهم بين الأديان، وفضاءً ملهما للتثقيف، ومنارة للتفاهم المتبادل والتعايش بين أبناء الديانات، ووجهة للتعلم والحوار والتعارف، وواحة تجمع الإخوة في الإنسانية نحو مستقبل يسوده السلام والوئام والمحبة.
ويضم "بيت العائلة الإبراهيمية" كنيسة ومسجداً وكنيساً جنبا إلى جنب، بما يبرز القيم المشتركة بين الإسلام والمسيحية واليهودية، ويحفظ في ذات الوقت لكل دين خصوصيته، مقدما بذلك صرحا عالميا يجسد تواصل الحضارات الإنسانية والرسالات السماوية، ويعكس قيم الاحترام المتبادل والتفاهم بين أتباع الديانات السماوية الثلاث، ليشكل للمرة الأولى مجتمعاً مشتركاً، تتعزز فيه ممارسات تبادل الحوار والأفكار بين أتباع الديانات.
ويحمل البيت رسائل تدعو للتعايش لا الإقصاء، وتبرز مفهوم الاعتدال في مواجهة التطرف، وتعزز قيم التسامح لنبذ التعصب، وتدعو للمحبة في مواجهة الكراهية.
كما تؤكد دولة الإمارات، من خلال فكرة ذلك البيت، أهمية التركيز على ما يجمعنا من قيم مشتركة تدعو لها مختلف الأديان لنكون حجر الأساس في بناء مظلة التسامح وواحة الإخوة التي نعيش فيها جميعا في تكامل وتعاون.
وتؤكد دولة الإمارات من خلال ذلك البيت أهمية الإيمان بالاختلاف، وأن تنوع المذاهب والعقائد لا يمكن إلغاؤه، وأن التعايش بين أتباع الديانات المختلفة في وئام وسلام واحترام متبادل هو السبيل لتعزيز الاستقرار، وبناء درع واق لحماية مجتمعاتنا من أخطار الإقصاء والتشدد والتطرف.