الإسراء والمعراج باليمن.. عيد التسامح من الحديدة إلى حضرموت
لا يزال الاحتفال بذكرى الإسراء والمعراج باليمن عادة متجذرة في الثقافة الشعبية، إذ يتم إحياء المناسبة بالقصائد والأناشيد الدينية.
وتحتفل الأمّة الإسلامية بليلة الإسراء والمعراج، التي وقعت أحداثها في السنة 11 من بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حين أسرى الله بنبيه "ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى"، وأمّا المعراج فهو صُعود النبي من بيت المقدس إلى السماوات العُلى.
واليمن كسائر أقطار الدول الإسلامية، يعد يوم 27 رجب عيدا للاحتفاء بهذا المناسبة، حيث يرتدي الأطفال الملابس الجديدة في ساعات النهار وتوزع عليهم الحلويات والتمور والشوكولاتة والعصائر، فيما يستعد الكبار إلى إحياء تلك الليلة بالذكر وترديد القصائد والأناشيد الممجدة لها.
وشرقا من حضرموت، عروس بحر العرب إلى الحديدة غربا يحرص الأهالي في إضفاء نوع من البهجة والتعظيم لهذه المناسبة من خلال إعادة غسل المساجد أو طلائها بالألوان، وتغيير أثاثها.
كما تعلق المصابيح الجديدة أمام باحاتها ويستمر ترديد القصائد، والاذكار الدينية الخاصة حتى ساعات الصباح الأولى.
وقبل سنوات كانت تقام الموائد من قبل بيوت مشهورة، كآل حمنة وآل باجل، وآل قارة وآل المغرسي، وآل معيمرة، ويجري الاحتفال بها كما لو أنها عيدا دينيا في الساحل الغربي لليمن.
يقول أحد من يتولون إحياء ليلة الإسراء والمعراج في الساحل الغربي لليمن، هيكل أفندي لـ" العين الإخبارية": "يعود المصلون من المساجد بعد صلاة العشاء وتناول وجبة العشاء يتجهون إلى المبارز والدواوين العامة في منازل مخصصة، إذ يتوافد المواطنون من القرى والتجمعات السكنية إلى تلك الدواوين والتي تعد بمثابة مكان للالتقاء سنويا لإحيائها".
وتختلف أشكال الاحتفالات في تلك الدواوين من منطقة إلى أخرى نظرا لما تتميز البعض منها في وجود الأدباء والمفكرين، الذين يشبعونها بقصائد المديح الجديدة التي ينضمونها ورواية قصص المعراج بطرق شيقة.
ويسند إلقاء الأناشيد والقصائد لأصحاب الأصوات الجميلة، فيما يردد الآخرون خلفهم عبارات تمجد ذكرى الإسراء والمعراج على صاحبه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
ففي مديرية المخا، غربي تعز، يبدأ "هيكل أفندي" في إنشاد تلك القصائد الصوفية في حضور جموع غفيرة، فيما يسند هذا الدور في مديرية حيس جنوبي الحديدة إلى عبدالرحمن بعكر، فيما يردد من حضروا ليشاركوا الابتهاج والذكر العاطر خلفهم.
وتتوارث عائلة أفندي في مدينة المخا التاريخية على البحر الأحمر هذه المهنة منذ عقود، إذ كان الأب والجد يمارسان العمل ذاته، إحياء المناسبات الدينية من خلال قراءة الموالد الصوفية.
ويستمر الاحتفال حتى وقت مبكر من صباح اليوم الثاني، ويذهب الجميع لصلاة الفجر، لكن اليوم اقتصر فيها الاحتفال حتى منتصف الليل.
عروض شعبية
وفي مديريات الريف الجنوبي من محافظة الحديدة، كانت قبل حرب مليشيات الحوثي، تقام سباقات الخيل والهجن على أنغام الطبول، ويجول الفرسان على صهوة جيادهم إحياء المدن والقرى متمنطقين بالسيوف والملابس الخاصة صبيحة اليوم الثاني والتي يطلق عليها "بالتصبيحة".
كما كانت تقام الرقصات الشعبية التهامية، ومن أبرزها "الحقفة"، كما كانت تؤدي العروض الشعبية، والأهازيج من خلال فرق شعبية، لكن هذا الموروث الشعبي الجميل دمرته مليشيات الحوثي، وقضت عليه تماما.
وتمثل ذكرى الإسراء والمعراج على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم في حضرموت، شرقي اليمن، عيدا سنويا تحتفل به مختلف مديريات ومدن المحافظة خصوصا تريم والشحر ابتهاجا بمعجزة الرسول الأعظم وتمسكا بدين التسامح والمحبة والسلام.